توجه رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني الأحد إلى بغداد في زيارة هي الثانية له إلى العاصمة العراقية في غضون أسبوع، ربطها متابعون بالضغوط الإيرانية المتزايدة على الإقليم الواقع في شمال العراق.
ويتعرض إقليم كردستان في الفترة الأخيرة إلى تصعيد خطير من قبل الحرس الثوري الإيراني، يستهدف مقار أحزاب للمعارضة الكردية الإيرانية، وسط تلويح إيران بتوسيع نطاق الهجمات لتشمل أيضا مناطق تقطنها عائلات المعارضين الإيرانيين، غير مستبعدة فرضية الاجتياح البري للإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي منذ تسعينات القرن الماضي، في حال لم تنفذ مطالبها.
ونقلت وسائل إعلام كردية عن محمد التقي أونسانلو قائد مقر الحمزة في قوات الحرس الثوري الإيراني قوله إنهم لن يكتفوا بشن ضربات صاروخية على مقرات الأحزاب الكردية فحسب، بل إن الهجمات ستطال المناطق التي تسكن فيها عائلات المسلحين الأكراد الذين وصفهم بـ”الانفصاليين”.
وتطالب إيران بتولي قوات عراقية تأمين المنطقة الحدودية، بدلا عن قوات البيشمركة الكردية، وبتحرك عراقي لتفكيك القوى الكردية الإيرانية المعارضة ونزع أسلحتها.
وبحسب معلومات مسربة تناقلتها وسائل إعلام محلية، فإن إسماعيل قآني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري طالب خلال زيارته الأخيرة لبغداد، الحكومة العراقية وإقليم كردستان بتسليم قادة كبار للأحزاب المعارضة أبرزهم حسين يزدان بنا رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومصطفى هجري مسؤول القیادة المرکزية في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وعبدالله مهتدي سكرتير حزب كوملة الكردي الإيراني.
رئيس إقليم كردستان توجه الأحد إلى بغداد في زيارة هي الثانية له إلى العاصمة العراقية في غضون أسبوع
وذكرت المعلومات أن عبداللطيف رشيد رئيس الجمهورية العراقية نقل فحوى الرسالة الإيرانية إلى أصحاب القرار في إقليم كردستان.
ووافقت قيادة إقليم كردستان مؤخرا على انتشار قوات من الجيش العراقي في المنطقة الحدودية، لكنها تبدي تحفظات كبيرة على باقي مطالب إيران، ويرى المتابعون أن زيارة بارزاني إلى بغداد هدفها الأساسي التحرك للتخفيف من الضغط الإيراني.
ويرى المتابعون أن قيادة الإقليم تجد نفسها في موقف صعب، فهي لا تستطيع الاستجابة لشروط إيران لاسيما في علاقة بتفكيك الأحزاب الكردية القريبة منها، أو تسليم أبرز قياداتها، فهذا يشكل ضربة قوية وسيعد “خيانة” من وجهة نظر سكان الإقليم، ومن جهة ثانية هي أضعف من أن تواجه تهديدات إيران، لاسيما في ظل موقف دولي ضعيف لا يرقى إلى حجم التحديات التي تفرضها طهران على كردستان.
والتقى بارزاني خلال زيارته إلى بغداد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، إلى جانب رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي، وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم.
وبحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، فإن السوداني شدد خلال لقائه مع بارزاني على أهمية دعم الاستقرار والأمن في المناطق الحدودية مع دول الجوار.
وذكر البيان أنه تم خلال اللقاء بحث مستجدات الأوضاع العامة، بمختلف جوانبها الأمنية والسياسية والخدمية على المستوى الوطني.
إقليم كردستان يتعرض في الفترة الأخيرة إلى تصعيد خطير من قبل الحرس الثوري الإيراني، يستهدف مقار أحزاب للمعارضة الكردية الإيرانية
وأكد السوداني على أهمية معالجة الملفات الأمنية، وتدعيم الاستقرار والأمن في المناطق الحدودية مع دول الجوار، وفق ما أقره المجلس الوزاري للأمن الوطني في جلسته الأخيرة.
وكان مجلس الوزراء للأمن الوطني قد أقر في اجتماعه الأخير بحضور قيادات من البيشمركة الكردية على وضع خطة لنشر قوات عراقية على الحدود مع إيران وتركيا، وسط معلومات عن أن عملية الانتشار ستجرى في غضون أيام قليلة.
ويشير مراقبون إلى أن إيران لا يبدو أنها في وارد التسليم فقط بمسألة نشر قوات عراقية، بل ستواصل الضغط من أجل تفكيك المعارضة الكردية على أراضي شمال العراق، وهي ترى أن الفرصة سانحة لإنهاء هذا التحدي، الموجود منذ عقود في ظل وجود حكومة عراقية موالية بالكامل لها، وأيضا هناك غطاء لتمرير هذا المشروع، وهو الزعم بدور تلك المعارضة في تأجيج حالة التوتر التي تشهدها منذ أسابيع في الداخل.
وقال السفير الإيراني لدى بغداد محمد كاظم آل صادق في لقاء مع قناة إيرانية في وقت سابق إن حكومة بلاده قدمت أكثر من سبعين وثيقة للعراق حول تواجد ما أسماها بالجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة كردستان العراق.
وأضاف آل صادق أن إيران طلبت من الحكومة العراقية وسلطات كردستان نزع سلاح الجماعات الإرهابية المسلحة خلال مهلة لا تتجاوز 10 أيام.
كما اتهم السفير الإيراني بتواطؤ الأحزاب الكردية المعارضة مع الموساد الإسرائيلي باستهداف منشآت إيران الحيوية في كرمانشاه انطلاقا من كردستان العراق.
وأشار السفير الإيراني إلى أن طهران اتفقت مع الحكومة الفيدرالية وسلطات كردستان على نشر القوات العراقية علي حدود كردستان و”نحن بانتظار التنفيذ”.
صحيفة العرب