كثيرا ما اعتبر المسؤولون الإيرانيون أن الربيع العربي كان مستنسخا عن الثورة الإيرانية الإسلامية، وهو ما يدفع محللين للتساؤل اليوم عما إذا كانت الاحتجاجات التي يشار إليها أيضا بـ”الربيع الإيراني” قد تأثرت بما جرى في المنطقة العربية خلال العشرية الأخيرة من انتفاضات انتهت بسقوط الأنظمة.
ويستند هؤلاء المحللين على دراسة استقصائية كشفت انعدام ثقة الإيرانيين في الداخل والخارج بالنظام الحاكم، وهو ما يمكن أن يكون نتاج تأثرهم بشعوب دول عربية مثل سوريا ومصر والسودان وغيرها.
واستجوب معهد جامان في هولندا في أواخر ديسمبر مجموعة من الأشخاص، وعارضت الغالبية العظمى من 158 ألف مشارك في إيران و42 ألف إيراني في الشتات في 130 دولة أخرى النظام الإسلامي الإيراني. ونُشر الاستطلاع قبل أيام من إحياء إيران للذكرى 44 للثورة الإسلامية التي اندلعت في 1979.
ولا يستبعد مراقبون أن تحاول طهران، التي اتهمت “إيران إنترناشيونال” بإثارة احتجاجات مناهضة للحكومة واستشهدت بها كدليل على تورط السعودية، تشويه سمعة الاستطلاع. وكانت “إيران إنترناشيونال” أكدت من جهتها في نوفمبر الماضي أن طهران خططت لاغتيال اثنين من صحافييها.
وشارك المستجوبون في الاستطلاع على خلفية الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي استمرت لمدة أربعة أشهر على الرغم من قمع النظام القاسي، بما في ذلك إعدام المتظاهرين.
لكن القادة في الشرق الأوسط هم أقل خوفا من أن تكون الاحتجاجات الإيرانية معدية مثل الثورات العربية الشعبية التي اندلعت في 2011 وأطاحت بالقادة المستبدين في تونس ومصر وليبيا واليمن.
وادعى القادة الإيرانيون المحاصرون الآن قبل اثني عشر عاما أن الثورات العربية كانت مستوحاة من ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه، وهو من كان أيقونة القوة الأميركية في المنطقة.
ويتعمق الإحساس بالاطمئنان لدى القادة العرب على ضوء تزايد الشكوك في نجاح “الربيع الإيراني” مع تراجع زخم الاحتجاجات خلال الأسابيع الأخيرة بسبب القمع الذي يتعرض له المحتجون.
لكن الكاتب الأميركي جيمس دورسي يرى في مقال أن نتائج الدراسة قد تعيد الزخم للربيع الإيراني.
وقال دورسي “من المرجح أن تجلب النتائج الصارخة لاستطلاع الرأي العام الإيراني انتباه الحكام في طهران وأماكن أخرى في المنطقة. كما أنه من المرجح أن يتردد صدى تداعيات الاحتجاج بمرور الوقت وليس على الفور في إيران والمستوى الإقليمي”. وتابع “قد يسهم هذا في تصلب المواقف الأميركية والإسرائيلية مع انهيار الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015”.
وطرح الاستطلاع سؤالا جاء فيه “الجمهورية الإسلامية: نعم أم لا؟”. وأجاب 80.9 في المئة من المشاركين في إيران بـ”لا”، في حين أن هذا العدد كان 99 في المئة بين الإيرانيين في الخارج.
وبالمثل، أيد 80 في المئة من المستجوبين في إيران الاحتجاجات المناهضة للحكومة بينما يرى 67 في المئة أنها ستحدث التغيير. وأراد ما يقرب من ثلاثة أرباع (73 في المئة) رؤية الدول الغربية تضغط على الحكومة الإيرانية بدعم الاحتجاجات. واتفق سبعون في المئة مع سيناريو حظر الحكومات الغربية للحرس الثوري الإسلامي باعتباره منظمة إرهابية، وطرد السفراء الإيرانيين، وفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في القمع، ومصادرة الأصول الإيرانية.
وقال 22 في المئة من الموجودين في إيران إنهم انضموا إلى الاحتجاجات، بما في ذلك المشاركة في التحركات الليلية ضد الحكومة، وأشار 53 في المئة إلى أنهم قد يفعلون ذلك. وشارك 35 فيالمئة في أعمال تصنّف ضمن العصيان المدني مثل نزع الحجاب أو كتابة الشعارات.
80
في المئة من المستجوبين في إيران الاحتجاجات المناهضة للحكومة بينما يرى 67 في المئة أنها ستحدث التغيير
وشارك 44 في المئة في الإضرابات، وأيد 75 في المئة مقاطعة المستهلكين. كما قال 8 في المئة إنهم ارتكبوا أعمال “تخريب مدني”، بينما قال 41 في المئة إنهم قد يفعلون ذلك.
وأشار غالبية المستجوبين في إيران (85 في المئة) إلى أن الاحتجاجات المعارضة للنظام أصبحت بحاجة إلى هيكل تنظيمي. وقالوا إنهم يدعمون إنشاء مجلس تضامن أو تحالف لقوى المعارضة. ووافق 42 في المئة على أن المجلس يجب أن يضم الموجودين في إيران والإيرانيين في الخارج. وتوقع 59 في المئة أن ينشئ المجلس هيئة انتقالية وحكومة مؤقتة. لكن فرصة إنشاء مثل هذا المجلس في إيران ما زالت بعيدة بحسب دورسي.
كما انقسم الإيرانيون حول النظام السياسي الذي يجب أن يحل محل الجمهورية الإسلامية، حيث فضل 28 في المئة داخل إيران و32 في المئة في الخارج النظام الرئاسي. وفضل 22 في المئة في إيران و25 في المئة في الخارج نظاما ملكيا دستوريا، على الأرجح مع عودة رضا شاه بهلوي ابن الشاه المخلوع المقيم في فرجينيا. ويؤيد 12 في المئة في إيران و29 في المئة في الخارج نظاما برلمانيا. وبالمثل، يرى 60 في المئة من أولئك الموجودين في إيران أن تغيير النظام هو شرط أساسي لأي انتقال حقيقي، لكن 16 في المئة فقط كانوا مؤيدين للتحول الهيكلي والانتقال بعيدا عن الجمهورية الإسلامية.
وبرز بهلوي في الاستطلاع باعتباره المرشح المحتمل الأكثر شعبية لعضوية المجلس في قائمة من 34 اسما اطلع عليها المشاركون. وكان من بين المرشحين الآخرين لاعبا كرة القدم علي دائي وعلي كريمي ونشطاء مثل حامد إسماعيلون وشيرين عبادي. لكن حسب دورسي فإن احتمال عودة بهلوي إلى السلطة قد يكون أبعد حتى من نجاح الموجة الأخيرة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الإطاحة بالنظام الإسلامي.
صحيفة العرب