الجهود العالمية لا تكفي للتصدي للكوارث الطبيعية

الجهود العالمية لا تكفي للتصدي للكوارث الطبيعية

واشنطن – تحاول أغلب دول العالم دراسة تغيرات المناخ والاستعداد للكوارث الطبيعية المفاجئة عبر تدريبات ومؤتمرات ومراكز دراسات وبحوث مجندة، بناء على التحذيرات المتزايدة بأن كوكب الأرض يسير بسرعة جنونية نحو نهايته التي ستظهر جليا في تغيرات بيئية خطيرة.

ولكن آخر التقارير لمنظمة الأمم المتحدة تؤكد أن العالم غير مستعد على نحو كاف للتصدي للكوارث الطبيعية.

ويدعو تقرير علمي إلى إعادة التفكير في إدارة المخاطر، نظرا إلى أن العالم ليس مستعدا على نحو كاف لمواجهة الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وعواصف غالبا ما تتحرك الحكومات بعد وقوعها.

في عام 2015، اعتمد المجتمع الدولي ما يُعرف باسم أهداف سينداي لتقليل الخسائر والأضرار بحلول عام 2030، من خلال الاستثمار في تقييم المخاطر والحد منها والتأهب للكوارث، سواء كانت زلازل أو كوارث مناخية يُعزى اشتدادها إلى الاحترار العالمي.

ويهدف إطار سينداي الذي وافقت عليه 187 دولة، إلى تقليل الأخطار الطبيعية والأخطار التي من صنع الإنسان وما يتصل بها من أخطار بيئية وتكنولوجية وبيولوجية، والحد من الخسائر في الأرواح والإصابات عن طريق التحول من إدارة الكوارث، إلى إدارة مخاطر الكوارث، والاستعداد لها بشكل أفضل.

ولكن تقريرا نشره مجلس العلوم الدولي الذي يضم العشرات من المنظمات العلمية يرى أن “من المستبعد إلى حد كبير” أن تتحقق هذه الأهداف.

وتلقي الكوارث، التي ضربت خلال الأشهر الأولى من العام الجاري البعض من دول العالم ومنها الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، الضوء على التحدي الذي يواجهنا نحن البشر في تحقيق تلك الأهداف.

ومنذ العام 1990، أثرت أكثر من 10 آلاف و700 كارثة من زلازل وانفجارات بركانية وجفاف وفيضانات ودرجات حرارة قصوى وعواصف وما إلى ذلك، على أكثر من 6 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم، وفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث.

وتأتي على رأس القائمة الفيضانات والعواصف التي اشتدت بفعل تغير المناخ وتمثل 42 في المئة من إجمالي الكوارث.

ويؤكد التقرير أن هذه الكوارث ذات العواقب المتتالية “تقوض التقدم الإنمائي الذي تحقق بشق الأنفس في العديد من مناطق العالم”.

وقال بيتر غلوكمان، رئيس مركز الدراسات الدولي، في بيان “بينما يتحرك المجتمع الدولي بسرعة بعد الكوارث مثلما حدث إثر الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا، يتم توجيه القليل من الاهتمام والاستثمار نحو التخطيط والوقاية على المدى الطويل، سواء كان ذلك لتعزيز قوانين البناء أو اعتماد أنظمة الإنذار”.

وأكدت مامي ميزوتوري، الممثلة الخاصة للأمم المتحدة للحد من المخاطر، “لقد أبرزت التحديات المتعددة في السنوات الثلاث الماضية الحاجة الضرورية إلى تحسين التأهب للكوارث المقبلة… نحن بحاجة إلى تعزيز البنى التحتية والمجتمعات والنظم البيئية الآن، بدلا من إعادة بنائها لاحقا”.

يلفت التقرير الانتباه إلى مشكلة تخصيص الموارد، فقد تم على سبيل المثال تخصيص 5.2 في المئة فقط من المساعدات للبلدان النامية للتعامل مع الكوارث بين عامي 2011 و2022 للحد من المخاطر، في حين خُصص الباقي للإغاثة وإعادة الإعمار بعد الكوارث.

كذلك، يدعو مركز الدراسات الدولي إلى تعميم أنظمة الإنذار المبكر، مشيرا إلى أن التحذير من حدوث عاصفة قبل 24 ساعة قد يقلل الضرر بنسبة 30 في المئة.

وتواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدورها العديد من المخاطر، أبرزها شحّ المياه وزيادة التقلبات المناخية والنمو السريع في عدد السكان وتركزهم بقوة في المناطق الحضرية، لاسيما في تجمعات سكنية غير آمنة وعشوائية. ويشكل سكان الحضر 62 في المئة من مجموع عدد السكان مع توقع تضاعف هذا العدد بحلول عام 2040، وفق ما يؤكده تقرير الكوارث الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عن البنك الدولي بالتعاون مع حكومات المنطقة والأمم المتحدة ومؤسسات إقليمية.

ورأى التقرير أن دول المنطقة أحرزت تقدما في مجال إدارة مخاطر الكوارث والتحول من الإجراءات القائمة على رد الفعل إلى التدابير الاستباقية لدرء آثار الكوارث الطبيعية. وقد تحسن فهم الحكومات لما تواجهه بلدانها من مخاطر، وهي تزيد من الوعي بين مواطنيها وتغير من سياساتها في هذا الصدد، كما بينته مساعيها لإنشاء مؤسسات مخصصة لإدارة مخاطر الكوارث واستثمارها في برامج في أنحاء المنطقة. وتتضمن هذه البرامج أنظمة الإنذار المبكر وعمليات تقييم للمخاطر على مستوى المدن والبلد ككل.

ورغم ذلك، أكد تقرير نشرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية يناير أن مختلف بلدان العالم “ليست على المسار الصحيح” لتحقيق أهداف سينداي، في حين يتزايد عدد المتضررين من الكوارث كل عام مع تقدير الأضرار المباشرة في المتوسط بنحو 330 مليار دولار سنويا خلال الفترة 2015 – 2021.

وكان تقرير مؤشر المخاطر العالمي لسنة 2022 الصادر عن تحالف “تطوير المساعدة” الذي يدمج عدة منظمات إغاثية ألمانية، أشار إلى أن الدول العربية معرضة كثيرا لمخاطر الكوارث الطبيعية والتغير المناخي، جاء الصومال في المرتبة الأولى ضمن الدول الأعلى خطرا في التعرض للأحداث الطبيعية والعواقب السلبية لتغير المناخ، ثم جاء بعده اليمن، وتليه مصر.

العرب