تتحدث قوى سياسية تابعة لتحالف “الإطار التنسيقي” الحاكم في العراق، عن تغييرات مرتقبة يُنتظر أن تشمل أعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهي الجهة المسؤولة عن عملية تنظيم وإدارة الانتخابات، على الرغم من أن المفوضية الحالية تنتهي ولايتها نهاية العام الحالي.
وتأتي هذه التطورات في وقت يستعد فيه العراق لإجراء الانتخابات المحلية المقررة في نهاية العام الحالي، وهي أول انتخابات محلية تجرى في العراق منذ إبريل/نيسان 2013، حين تصدّرت القوائم التابعة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي النتائج، وقبل ذلك أُجريت انتخابات مجالس المحافظات في عام 2009.
هيئة مستقلة
وتُعد مفوضية الانتخابات العراقية، هيئة مستقلة، وتُعرّف نفسها بكونها “محايدة”، فيما تخضع لرقابة مجلس النواب العراقي. لكن تركيبة المفوضية لا تخلو من المحاصصة الحزبية، عبر اختيار المسؤولين فيها وأعضاء مجلس المفوضين، وصولاً إلى الموظفين في مكاتب المفوضية في المحافظات العراقية. وسبق أن خرجت للعلن خلافات سياسية أبرزها ما يتعلق بمجلس المفوضين وتقسيم أعضائه على الأحزاب وفقاً لطريقة “المحاصصة” المعمول بها في البلاد.
ويتكوّن مجلس المفوضين من تسعة أعضاء، بينهم رئيس المفوضية، وهم من القضاة، ونائب الرئيس ومقرر المجلس من أعضائه الآخرين، إضافة إلى شخص يتم تعيينه من قبل مجلس المفوضين رئيساً للإدارة الانتخابية. وتكون ولاية أعضاء مجلس المفوضين أربع سنوات غير قابلة للتمديد، لكن سبق أن مُدد عمل المفوضية مرة. ويتوقع مسؤولون عراقيون أن يُمدد عمل المفوضية خلال الأشهر الأولى من العام 2024، في سبيل تنظيم انتخابات برلمان إقليم كردستان، شمالي العراق.
ويتم اختيار مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات من قبل مجلس القضاء الأعلى في العراق من خلال قرعة تجرى بشكل علني، وهو إجراء جديد بدأ اتّباعه في العراق عقب تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019، لتلبية مطالب المتظاهرين الذين أصروا على إنهاء المحاصصة الحزبية داخل مفوضية الانتخابات.
وأكد أعضاء في مجلس النواب العراقي خلال الأيام السابقة، عزم بعض الكتل السياسية التوجه لإجراء تغييرات في مفوضية الانتخابات، واختيار مفوضية جديدة “غير مسيسة”، فيما طالب بعضهم بضرورة فحص كل الأشخاص المشاركين في المفوضية الجديدة، بدقة، وتحديد الأخطاء السابقة ومعالجتها، لمنع العودة إلى مشاكل الفترات الماضية.
ونقلت وسائل إعلام محلية، تصريحات متتابعة أغلبها لنواب وقيادات في تحالف “الإطار التنسيقي” تحدثت عن إمكانية تغيير أعضاء مفوضية الانتخابات وتعديل قانونها، والسعي لتشكيل مفوضية جديدة.
الهلالي: الأحزاب المعترضة على استمرار عمل مفوضية الانتخابات، تعتقد أن بعض المسؤولين فيها يخضعون لتأثيرات سياسية
من جهته، أكد عضو “الإطار التنسيقي” عائد الهلالي، لـ”العربي الجديد”، أن “كتلاً برلمانية وأحزاباً عراقية من ضمنها ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، لديها ملاحظات واعتراضات بشأن عمل مفوضية الانتخابات الحالية وبعض أعضاء مجلس المفوضين، لذلك فإن أطرافاً من الأحزاب الشيعية بدأت بالظهور الإعلامي للحديث عن إجراء تغييرات في المفوضية”.
الإطار التنسيقي (تويتر)
تقارير عربية
الانتخابات المحلية بالعراق: قوائم متعددة تنهي وحدة “الإطار التنسيقي”
وأضاف الهلالي أن “الأحزاب المعترضة على استمرار عمل مفوضية الانتخابات، تعتقد أن بعض المسؤولين فيها يخضعون لتأثيرات سياسية، وقد طرحوا فكرة إجراء تغييرات في المفوضية أو تشكيل مفوضية جديدة على عدد من الأحزاب الأخرى، بينها كردية وسنّية”، مبيناً أن الأحزاب المعترضة تخشى من تكرار سيناريو الانتخابات البرلمانية التي أجريت في أكتوبر 2021، حين خسر “الإطار التنسيقي” فيها.
مخاوف من مساع للسيطرة على المفوضية
من جهته، قال عضو حزب “البيت الوطني” (مكوّن مدني) حيدر العزاوي، لـ”العربي الجديد”، إن “الإطار التنسيقي يريد تشكيل مفوضية جديدة تكون خاضعة له تماماً، وقطع الطريق أمام التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر في أي محاولة للعودة إلى العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، وعرقلة عمل الأحزاب المدنية التي قررت خوض الانتخابات المقبلة، وهذا يعني أن أحزاب الإطار التنسيقي تريد السيطرة على المفوضية”.
واعتبر أن “الحديث عن تسييس المفوضية غير صحيح، لأن المفوضية خالية من التدخّلات الحزبية، بعد أن صار أعضاؤها من القضاة وليسوا مندوبين حزبيين”.
جميل: المفوضية تعمل من خلال فرقها من أجل إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المحدد
أما عضو مفوضية الانتخابات العراقية عماد جميل، فرفض الحديث عن موضوع تغيير المفوضية، وأشار إلى أن “المفوضية تعمل بدون توقف من خلال فرقها المستنفرة، من أجل إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المحدد”.
وأكد جميل لـ”العربي الجديد”، أن “المفوضية أنجزت الكثير من المهام المتعلقة بالعملية الانتخابية، والعمل مستمر من أجل تحديث سجلات الناخبين وتسجيل التحالفات ثم الانتقال إلى مرحلة تسجيل المرشحين وإجراء قرعة أرقام القوائم الانتخابية”.
لكن المحلل السياسي غالب الدعمي، لفت في تصريح لـ”العربي الجديد” إلى أن “الحديث عن تشكيل مفوضية جديدة للانتخابات، حقيقي، لكن تنفيذه قد يكون غير حقيقي، لأنها حركة إعلامية تهدف لعرقلة وتشتيت أفكار التيار الصدري نحو المشاركة بالانتخابات المحلية المقبلة، وهذا أكثر ما خشي منه تحالف الإطار التنسيقي”. واعتبر أن “الإطار التنسيقي هو من يفتعل هذه الحركات الإعلامية”.
العربي الجديد