قمة «البريكس»: ماذا سيكسب العرب؟

قمة «البريكس»: ماذا سيكسب العرب؟

يشتق اسم المجموعة المجتمعة حاليا في جوهانسبرغ، «BRICS» من الأحرف الأولى لخمس دول: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا.
تشكّل هذا النادي الصغير، عام 2006، على هامش اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، من بلدان تقع في ثلاث قارات، ولديها اختلافات كبيرة في التاريخ والجغرافيا والسياسة، وتمثّل أكثر من ثلث سكان العالم، وانضمت إليه جنوب أفريقيا في القمة الثالثة له عام 2011.
جمع هذا النادي، عند إنشائه، بين الاقتصاد العملاق للصين، والاتساع الجغرافي لروسيا، وكلتاهما قوتان عسكريتان نوويتان، وتملكان حق استخدام حق النقض في مجلس الأمن الدولي، وانضافت إليهما الهند، التي ذكرت الأنباء أن عدد سكانها تجاوز، مؤخرا، عدد سكان الصين، كما أنها خامس اقتصاد في العالم، فيما تحتل البرازيل المرتبة 12 ضمن أكبر اقتصادات العالم، وهي أكبر دولة في أمريكا الجنوبية حيث تشمل حوالي نصف عدد السكان ومساحة الأراضي في القارة، ورغم أن جنوب أفريقيا لا تمتلك الاقتصاد الأكبر في أفريقيا، فإنه الأكثر تصنيعا وتنوعا، إضافة إلى الإرث السياسيّ الكبير الذي تتمتع به كدولة ديمقراطية نشأت بعد كفاح داخليّ وعالميّ ضد نظام التمييز العنصريّ السابق.
بقيام هذا التجمّع، للدول التي تعد (أو كانت تعتبر حينها) الأسرع نموا اقتصاديا في العالم، أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، وبالنظر إلى أداء مؤشراتها الاقتصادية خلال الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، توقع باحثون اقتصاديون أن تهيمن دول هذه المجموعة على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050.
كان الخطاب السياسي السائد ضمن قمم المجموعة السابقة يتركز على «تعزيز الأمن والسلام العالمي» و«كسر هيمنة الغرب» وخلق «نظام متعدد الأقطاب»… وهي طروحات عصفت بها رياح شديدة بعد عملية اجتياح روسيا لأوكرانيا.
نشطت روسيا والصين في تحويل النادي الضيّق إلى تكتل جيوسياسي واقتصادي جديد، فروسيا، التي لم يتمكن زعيمها فلاديمير بوتين من حضور القمة الأخيرة بسبب مذكرة توقيف ضده من المحكمة الجنائية الدولية، صارت تبحث عن شركاء داعمين لها في وجه العقوبات الاقتصادية الغربية، كما أصبحت الصين، التي سيطر زعيمها شي جي بينغ على مقاليد الأمور بشكل غير مسبوق، أكثر فاعلية في توسيع جبروتها العسكري والسياسي، والتخطيط للهيمنة على تايوان.
سارعت روسيا لدعم ترشيح ثلاث من الدول المحسوبة عليها: بيلاروسيا وإيران وفنزويلا، بينما طالبت البرازيل، بلسان رئيسها لويز ايناسيو لولا دا سيلفا، بالتركيز على الوحدة بدل محاولة مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة السبع الصناعية الكبرى، ومجموعة العشرين، كما نظرت الهند بقلق لمشروع التوسيع، معتبرة إياه وسيلة لتعزيز نفوذ الصين، صاحبة الاقتصاد الأكبر في المجموعة.
من المتوقع أن تقرر بريكس الحالية، معايير توسعة المجموعة، وإدخال أعضاء جديد، بينهم السعودية والإمارات والجزائر ومصر، التي ستحضر بالصفة تلك في قمة 2024 التي ستعقد في روسيا، وهذه الدول لديها أسبابها، السياسية والاقتصادية، لهذا الانضمام، ضمن تموضعها السياسي والاقتصادي للاستفادة من الاستقطابات السياسية الكبرى الجارية في العالم، وهو ما سيقدم فوائد اقتصادية في معادلات النفط، بين كبار مصدّريه العرب، وكبار مستهلكيه في الصين والهند.
لا يخفى طبعا أن الدول العربية المتجهة للانضمام إلى «بريكس» تجد في تلك المجموعة، رغم الاختلافات داخلها، مظلّة مناسبة لنظمها السياسية المرتبطة بنظم العالم الغربية اقتصاديا، ولكنّها تتحسّس من ديمقراطية تلك النظم، ولا تجد هوى في دعواتها لاحترام حقوق الإنسان، وترى في هذه الكتلة المتوسعة مجالا أكبر للاستثمار المتعدد الأوجه، كما للاستفادة من التناقضات الناشئة بين عالمين.

القدس العربي