بغداد- بدأ العراق بإبعاد مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية عن المناطق الحدودية مع إيران حسب ما أعلنه الثلاثاء وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، مضيفاً أنه سيتوجه إلى طهران للدفاع عن التدابير التي اتخذتها بلاده وتجنب تصعيد جديد.
يأتي هذا التطور قبل انتهاء المهلة التي وضعتها طهران لسحب المقاتلين إلى مناطق في الداخل العراقي بعيدا عن الحدود المشتركة، وسط أنباء عن أن جزءا من هؤلاء المقاتلين سيتم نقله إلى مناطق داخل إقليم كردستان العراق، والجزء الآخر سيتم إبعاده إلى الأنبار، ما يسهل على الميليشيات الموالية لإيران عملية المراقبة.
وأبرمت إيران والعراق في مارس “اتفاقاً حول الأمن” يلزم بغداد بنزع سلاح مجموعات المعارضة الكردية الإيرانية بحلول 19 سبتمبر، وإخلاء مقراتها ونقل عناصرها إلى مخيمات.
ورداً على سؤال الثلاثاء عن هذا الموضوع خلال مؤتمر صحفي قال وزير الخارجية العراقي إن تلك المجموعات متواجدة في كردستان العراق منذ حوالى 4 أو 5 عقود، وإنه “تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإبعاد هذه المجاميع عن المناطق الحدودية وتم إسكانها في مخيمات بعيدة في العمق العراقي وفي عمق كردستان”.
ودون أن يشير إلى نزع سلاح تلك المجموعات، أكد حسين أن الجانب العراقي “بدأ بتطبيق الاتفاقية بين الطرفين”، مضيفاً أنه “سوف نحمل هذه الرسالة معنا” خلال زيارته إلى طهران اليوم الأربعاء.
وقال حسين “نتوقع من الجانب الإيراني عدم استعمال العنف ضد كردستان العراق وبالتالي ضد سيادة العراق”.
وأشار إلى أن المباحثات مع الجانب الإيراني تتعلق “بالسياسة العراقية الواضحة.. بعدم السماح لهذه المجموعات وهي مجموعات معارضة بعبور الحدود واستعمال السلاح ضد الحكومة الإيرانية”، لكن أيضاً “سوف نتباحث مع الجانب الإيراني بعدم التهديد باستعمال العنف وعدم التهديد بقصف بعض المناطق في إقليم كردستان العراق”.
ويرى مراقبون أن زيارة حسين إلى طهران تهدف إلى إثناء إيران عن شن هجوم عسكري على المناطق الكردية بما يحمله ذلك من إحراج للحكومة العراقية، وإعطائها الفرصة لتنفيذ اتفاق إبعاد المقاتلين على مراحل.
لكن لا يعرف إن كانت طهران ستنظر إلى هذا الطلب بجدية وتراعي خصوصيات الوضع بالنسبة إلى حكومة محمد شياع السوداني، أم أنها ستستمر في تنفيذ تهديداتها خاصة في ظل ما تملكه من نفوذ في العراق.
ولن يقف الإحراج عند الحكومة العراقية، ذلك أن إقليم كردستان العراق الذي استقبل هؤلاء المقاتلين لعقود سيجد نفسه في موقف صعب إن تخلى عنهم، وفي موقف أكثر تعقيدا إن دافع عن بقائهم خاصة في ظل الخلافات التي تشق الإقليم ووجود طرف مقرب من إيران، وهو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يزور رئيسه بافل طالباني طهران.
◙ أنباء عن إبعاد جزء من المقاتلين إلى مناطق داخل إقليم كردستان والجزء الآخر إلى الأنبار بما يسهل عملية المراقبة
وقال نويد ميهراور القيادي في حزب “كومه له” (حزب كادحي كردستان) الإيراني المعارض، إن السلطات المحلية خصصت معسكراً في منطقة باليسان في كردستان العراق لإيواء المقاتلين الذين يتمّ نقلهم من جبل هلكورد.
وأضاف ميهراور “نحن نقوم حاليا بسحب قواتنا إلى ذلك المعسكر”.
وطالب مسؤولون إيرانيون كبار في الأشهر الأخيرة العراق بتنفيذ التزاماته في ملف المعارضة الإيرانية.
وحتى الآن لم تعلق حكومة إقليم كردستان على موضوع تطبيق تلك الإجراءات، على الرغم من أن لقاءات عدة عقدت بين مسؤولين في الإقليم ومسؤولين إيرانيين.
وأواخر أغسطس قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن “تاريخ 19 سبتمبر لن يتم تمديده بأيّ شكل من الأشكال”.
وتتهم إيران منذ وقت طويل إقليم كردستان العراق الذي يحظى بحكم ذاتي بإيواء جماعات مسلحة ضالعة في هجمات ضدها، الأمر الذي دفع الحرس الثوري الإيراني بدوره إلى استهداف قواعد تلك الجماعات مرارا.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في الشهر الماضي إنه بموجب الاتفاق المبرم مع العراق تلتزم بغداد بنزع سلاح جماعات المعارضة الكردية الإيرانية في إقليم كردستان العراق وإغلاق قواعدها ونقلها إلى مواقع أخرى قبل 19 سبتمبر.
وقال مسؤولون إيرانيون إنه إذا لم يتحقق المراد قبل الموعد النهائي فسيكون بوسعهم استئناف الهجمات على الجماعات المنشقة داخل كردستان العراق، والتي كانت طهران تشنها بانتظام حتى نهاية العام الماضي.
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن “الأمن مهم بالنسبة إلى إيران ونحن ملتزمون بترسيخه، وبعد الموعد النهائي إذا لم يتم تنفيذ الاتفاق فسوف نقوم بمسؤولياتنا في إطار الحفاظ على أمن إيران”.
وشنت إيران عدداً من الهجمات الصاروخية وبواسطة طائرات مسيّرة ضد قواعد ومقرات الأحزاب الكردية الإيرانية في إقليم كردستان العراق، وهي الحزب الديمقراطي الكردستاني – إيران وحزب كادحي كردستان – كوملة وحزب الحياة الحرة الكردستاني – بجاك.
وتمتلك هذه الأحزاب عدة آلاف من المقاتلين المسلحين والمدربين والمعتادين على المعارك الجبلية وحرب العصابات، وفقا لتقارير دولية وصحفية عدة.
وشدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان على أن وجود الإرهابيين في إقليم كردستان العراق وأعمالهم أمر خطير، موضحا أنه لا يجوز لأيّ طرف المساس بأمن جيران العراق.
وطالب عبداللهيان، خلال استقباله بافل طالباني، بتسريع تنفيذ الاتفاقية الأمنية بين إيران والعراق.
واكتفى طالباني بالتأكيد على أن العراق لن يسمح باستخدام أراضيه للإضرار بدول المنطقة وخاصة إيران، في رسالة واضحة تؤشّر على قبوله بأيّ إجراءات تقوم بها إيران.
العرب