توضّح مراقبة التحرّكات العسكرية والسياسية المحمومة في منطقة «الشرق الأوسط» وضمن الدائرة العالمية، ما ذكرته مصادر إعلامية إيرانية وغربية عن تأكيد طهران لواشنطن أنها سترد على الهجوم الإسرائيلي على سفارتها في سوريا.
بعد الهجوم الإسرائيلي على القنصلية شاركت أطراف عربية وغربية في العمل على إثناء طهران عن الردّ، لكنّ ضخامة العملية الإسرائيلية، التي اغتالت قادة كبارا في «فيلق القدس» أظهرت تلك المباحثات وكأنها نوع من الضغط السياسيّ الذي يريد فرض تقبّل الخسارة الكبيرة على إيران من دون تعويض سياسي أو عسكري يتناسب مع تلك الخسارة.
رغم الحديث عن بعض الخلافات بين المنظومتين السياسية والعسكرية الإيرانية حول طبيعة الرد، فإن الديناميّة التي خلقها الهجوم الإسرائيلي جعلت امتناع طهران عن الرد أمرا صعب الحصول، والأغلب أن النخب المسؤولة في إيران خلصت إلى أن مفاعيل ردها، بغض النظر عن كيفية ردود الفعل الإسرائيلية والغربية عليه، ستكون أقل شرا على الجمهورية الإسلامية من مفاعيل الامتناع عن الرد.
محتمل، بالعلاقة مع السياق الآنف، أن تعمل القيادة العسكرية الإيرانية على شن هجوم مؤثر (بحدود) على إسرائيل يتقصد عدم السماح لحكومة بنيامين نتنياهو، المنشغلة بمعارك غزة ولبنان، أن تستخدمه مبررا لفتح حرب إقليمية، وهو أمر تحاول كل القوى الوازنة في العالم والمنطقة تجنب اندلاعها، وتخشى آثارها الاستراتيجية الهائلة على العالم.
إضافة إلى صراعها المشتعل أواره مع إسرائيل، تعتبر إيران أيضا جزءا من محور عالميّ يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية، وهو ما يجعلها منتظمة ضمن الحلف المعادي للولايات المتحدة الأمريكية. العلاقات الحرجة الأمريكية – الإيرانية انعكست بعد عملية القنصلية بمحاولة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إبعاد نفسها عن ضربة دمشق وذلك عبر تصريحات متعددة تقول إنها لم تشارك فيها، لكن واشنطن، من جهة أخرى، لم تتوقف عن إطلاق تصريحات بخصوص العملية الإيرانية المزمعة تؤكد تحالفها العسكري مع إسرائيل، وبأنها ستشارك في الدفاع عنها.
الاستعدادات الأمريكية والإسرائيلية تشير إلى توقع ضربة صاروخية، وهو ما تم الاستعداد الأمريكي له بإرسال سفينة صواريخ دفاعية للرسو قرب شواطئ إسرائيل، لكن الأحاديث التي تشيعها إيران عن رد «منضبط» و»غير تصعيدي» يرفع احتمال حصول هجوم «باستخدام وكلاء» لإيران في المنطقة لشن عدد من الهجمات على إسرائيل.
إحدى النقاط المهمة التي أشارت إليها المصادر الإيرانية، التي نقلت عن وزير الخارجية أمير عبد اللهيان، خلال محادثات جرت مع الأمريكيين في سلطنة عُمان، أن طهران مستعدة لتقليص التصعيد بشرط تلبية مطالب تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار في غزة، في استعادة لسبب اشتعال المنطقة حاليا، وهي إضاءة لجذور الحرب السياسية، الاحتلال الإسرائيلي، ورد مفحم على إرهاب حكومة نتنياهو.