اياد العناز
أعلن وزير الداخلية الإيراني ( أحمد وحيدي) عن بدأ التقديم وتسجيل أسماء المرشحين لرئاسة الدولة في الانتخابات القادمة في 28 حزيران 2024 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الإيرانية خلفًا للرئيس أبراهيم رئيسي الذي توفي في حادث تحطم مروحيته في 19آيار 2024 مع سبعة من مرافقه شمال شرق إيران، وستخضع جميع الأسماء لتقيم مجلس صيانة الدستور المعني بالإشراف على الانتخابات وإعطاء الرأي النهائي بشأن المرشحين للرئاسة، وتم تحديد يوم 11 من حزيران الحالي موعدًا لإعلان القائمة النهائية للمؤهلين لخوض المنافسة حول رئاسة الدولة ومن أبرز المرشحين العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني ( برويز فتاح) الذي يرأس صندوق الاستثمار المرتبط بالمرشد الأعلى علي خامنئي، وكبير اامفاوضين في جولات الحوار حول البرنامج النووي الإيراني ” سعيد جليلي” والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، و”علي لاريجاني” المستشار الاعلامي للمرشد الأعلى والرئيس السابق “محمود أحمدي نجاتي”، وبنظرة سريعة يمكن نستدل على أن معظم المرشحين هم من العاملين في مكتب المرشد علي خامنئي أو معه مباشرة والذين يحظون برعاية خاصة منه، وسبق وأن نالوا ثقته في أي ترشيح سابق للمواقع السيادية والأمنية في إيران، ومن المتمسكين برؤيته وأهدافه في قيادة إيران حيث أن الموقع الذي يتمتع به خامنئي يجيز له وعبر الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور الإيراني بوضع الأسس الخاصة بالسياسة الخارجية والداخلية وطبيعة العلاقات في هيكلية النظام الحاكم، ويحتفظ المرشد بقدر كبير من السيطرة على جميع المؤسسات بما فيها مجلس صيانة الدستور الذي يعتبر من أقوى الجهات السيادية في إيران، كما أن المرشحين سيلتزمون بنهج خامنئي في فترة رئاسة إيران في حالة فوز أحدهم، وهذا ما يعني أن مرشحي التيار المحافظ سيكونون في مقدمة المنافسين وقد تكون هناك بعض الإجراءات لتسهيل مهمة المرشحين من التيار الإصلاحي لمعالجة الغضب الجماهيري والاحتقان الشعبي لدى أبناء الشعوب الإيرانية ولتحقيق أفضل السبل للحصول على إمكانية مشاركة المواطنين وإعداد جيدة ورفع نسبة المشاركة لتأكيد شرعية النظام.
ان من أولويات أي دعم من المرشد الأعلى علي خامنئي إن يكون المرشح للرئاسة أكثر طاعة وأشد التزامًا وتنفيذًا لما يوكل إليه من مهام مع إمكانية تعزيز قدرته بالاندماج في وسائل وآليات المنظومة الحاكمة دون أن تكون لديه أي طموحات أو مبادرات وسياسات تختلف عن ما ترسمه القيادة الإيرانية وما يقرره خامنئي.
جاءت عملية اختيار الرئيس الجديد لإيران مع أزمة سياسية وإقتصادية تقودها الدول الأوروبية ( فرنسا وألمانيا وبريطانيا) المشاركة في الحوار حول الملف النووي بالتزامها بتقديم مشروع قرار ضد إيران قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الرغم من معارضة الإدارة الأمريكية.
وآخر مرة أصدر فيها مجلس محافظي الوكالة الدولية، المؤلف من 35 دولة، قرارًا ضد إيران كان قبل 18 شهرًا ودعاها بالتعاون بشكل عاجل مع تحقيق الوكالة المستمر منذ سنوات بشأن جزيئات اليورانيوم التي عثر عليها في 3 مواقع سرية.
وقالت الوكالة الدولية في آخر تقرير لها ( أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء تصل إلى 60 في المائة)، أي ما يقرب من درجة النقاء الصالحة لصنع الأسلحة وهي 90 ٪، زاد 20.6 كيلوغرام خلال الأشهر الأولى من عام 2024 إلى 142.1 كيلوغرام حتى 11 من شهر آيار من هذا العام قبل أن تخفف إيران 5.9 كيلوغرام لخفض مستوى التخصيب.
وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على مسؤولين رفيعي المستوى وعلى القيادي في الحرس الثوري الإيراني على خلفية تزويد روسيا وحلفاء طهران في الشرق الأوسط بطائرات من دون طيار.
واستهدفت العقوبات الأوروبية، وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني وقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني ومسؤولين آخرين.
وردًا على قرار ( ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) بتقديم مشروع ضد إيران، قال علي شمخاني مستشار المرشد علي خامنئي في منشور على منصة إكس باللغة العربية: (إذا سعت بعض الدول الأوروبية المُخاتلة عشية الانتخابات الرئاسية الإيرانية إلى تبني موقف عدائي تجاه البرنامج النووي السلمي الإيراني في الاجتماع المقبل لمجلس محافظي الوكالة، فإنها ستواجه ردًا جديًا وفعالًا من بلدنا).
وبتاريخ 31 آيار 2024 أصدر الاتحاد الأوروبي حزمة من العقوبات ضد إيران، وهذه هي العقوبات الأولى، التي يفرضها على النظام الإيراني بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، وشملت قائمة العقوبات مؤسسة (خاتم الأنبياء) للدفاع الجوي في إيران والقوة البحرية التابعة للحرس الثوري، وأشار بيان الإتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني ونائب وزير الدفاع رئيس منظمة صناعة الطيران بوزارة الدفاع أفشين خاجي فرد.
وسبق للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ان أعلن في 9 من شهر آيار 2024 ( أن التعاون مع طهران بشأن برنامجها النووي غير مرضٍ على الإطلاق) داعيًا إلى الحصول على نتائج ملموسة في أسرع وقت.
وهو يشير إلى أن هناك خرق للاتفاق السابق مع إيران ويحدد المسار السياسي في الرؤية الإيرانية بوضع عقبات في طريق التعاون الكامل وأن الأمر يعني عودة لتدهور العلاقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي سبقت عدة إجراءات إيرانية تمثلت بسحب اعتماد مجموعة من الخبراء وتقليل عمليات التفتيش وزيادة مخزون اليورانيوم المخصب وعدم الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة، مع تذكير إيران من قبل الوكالة بوجود آثار لليورانيوم المخصب في ( توركوز آباد ورامين) والعمل المستمر في المنشأت النووية ( نطنز وفوردو) الواقعة وسط البلاد في أصفهان.
وأمام هذه التحولات والأحداث الميدانية فإن على النظام الإيراني أن يتعامل بجدية وبشكل فعال مع كل المتغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، رغم أن الثابت في الرؤية السياسية والقيادة الإيرانية أنها ستبقى محافظة على سلوكها وتوجهها السياسي في التعامل مع الأزمات والمشاكل الداخلية والأحداث المتسارعة اقليميًا ودوليًا وليس هناك أي تأثير لحادث سقوط طائرة ابراهيم رئيسي، بل انها تتجه إلى إيجاد تفاهمات دولية للحفاظ على استراتيجية مشروعها في التمدد والنفوذ وحماية مصالحها في المنطقة.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتبجة