تعكس الجولة التي شرع فيها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تحركا دبلوماسيّا روسيّا لإظهار دعْم موسكو للحكومات الجديدة الموالية لها في أفريقيا، على أن يترك مهمة الدعم الميداني لمجموعة فاغنر أو لفيلق أفريقيا الذي تستعد روسيا للإعلان عنه كي يكون واجهة معلنة للتدخل الروسي.
ولا تريد روسيا أن تغرق نفسها بالتفاصيل كما حدث في العهد السوفييتي، ولذلك تترك الأمر لمحترفين في الجيش والأمن القومي وقطاع الأعمال للتحرك بشكل غير معلن، والأهم هو فسح المجال لنشاط فاغنر أو للفيلق الأفريقي ليقوما بمهمة توفير خدمات الأمن والتدريب للحكومات الأفريقية الحليفة في مواجهة الجهاديين.
ودشن لافروف جولة أفريقية قادته الاثنين إلى عاصمة الكونغو برازافيل في إطار زيارة رسمية تستغرق يومين، ومن المتوقع أن تقوده الأربعاء إلى نجامينا حيث سيلتقي الرئيس محمد إدريس ديبي، المنتخب والمنصّب حديثا، لبحث التعاون المشترك بين البلدين والوضع العام في منطقة الساحل والصحراء.
روسيا لا تريد أن تُغرق نفسها بالتفاصيل وتترك الأمر لمحترفين في الجيش والأمن القومي وقطاع الأعمال والأهم لفاغنر
وفي الأسبوع الماضي كشف بلاغ صادر عن وزارة الدفاع الروسية عن تطور في العلاقات الأمنية والعسكرية بين موسكو ونجامينا في سياق استمرار التمدد الروسي في منطقة الساحل والصحراء.
وقالت الوزارة “نتيجة لعملية تحرير الأسرى العسكريين (التشاديين)، شكر وزير دفاع جمهورية تشاد روسيا، مشيرا إلى أنها كانت دائما شريكا موثوقا به للدول الأفريقية، على عكس فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة التي حصلت فقط على فوائد من الأفارقة”.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن القوات الروسية قامت الثلاثاء، في جمهورية أفريقيا الوسطى، بتنفيذ عملية مع القوات التشادية لتحرير 21 عسكريا تشاديا كانوا قد أسروا من قبل مسلحين إسلاميين قبل تسعة أشهر واحتجزوا في ظروف غير إنسانية وتعرضوا للتعذيب.
وتشهد العلاقات بين روسيا وتشاد تطورا مهما في سياق التحولات التي تعرفها المنطقة بعد تشكل ملامح التمدد الروسي في دول الساحل والصحراء، وظهور الدور المؤثر للعسكريين الروس في دول مثل ليبيا وأفريقيا الوسطى ومالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وكان الرئيس التشادي قد التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو خلال يناير الماضي، ووجد لديه استعدادا لتقديم كافة المساعدات التي تحتاج إليها نجامينا كما هو الشأن بالنسبة إلى دول المنطقة الأخرى، بينما رجح بعض المتابعين للشأن الإقليمي أن تلتحق تشاد بتحالف دول الساحل الذي يجمع إلى حد الآن مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وفي أواخر أبريل الماضي تحدثت تقارير غربية عن هبوط مجموعة مكونة من 130 مدربا روسيا في العاصمة التشادية نجامينا، على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية.
ونقلت مصادر استخباراتية عن موقع “تشاد وان” الإعلامي أن الرجال الذين هبطوا هم أعضاء في مجموعة فاغنر شبه العسكرية السابقة، التي أعيدت تسميتها بفيلق أفريقيا.
وفي سياق متصل وصل رئيس أركان القوات البرية في الجيش الليبي اللواء صدام حفتر السبت إلى جمهورية تشاد في زيارة رسمية بصفته مبعوثا من القائد العام المشير خليفة حفتر، وكان في استقباله مدير عام الاحتياطي الإستراتيجي، الفريق أول عمر إتنو، ورئيس جهاز الاستخبارات، اللواء لوني.
وجاءت زيارة صدام إلى نجامينا بعد ساعات من لقاء والده حفتر مع نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف الذي أكد التزام موسكو بدعم ليبيا في تعزيز قدرات قواتها المسلحة.
130مدربا عسكريا روسيا هبطوا في العاصمة التشادية نجامينا، على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية
ووصل يفكوروف الجمعة إلى مطار بنينا الدولي بمدينة بنغازي على رأس وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية، حيث كان في استقباله وزير الدفاع بالحكومة المكلفة من مجلس النواب احميد حومة، ومدير مكتب قائد قوات القيادة العامة الفريق خيري التميمي، ورئيس أركان الوحدات الأمنية اللواء خالد حفتر.
وتعتبر هذه الزيارة الرابعة للمسؤول الروسي إلى بنغازي منذ أغسطس الماضي، وتتزامن هذه المرة مع أنباء عن تشكيل ما يسمى الفيلق الأفريقي في خمس دول أفريقية، بما فيها ليبيا، بحلول الصيف المقبل.
ومن ليبيا انتقل يفكوروف إلى النيجر حيث بحث مع رئيس المجلس العسكري الحاكم الجنرال عبدالرحمن تياني ووزير الدفاع الجنرال ساليفو مودي تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات مثل الأمن والدفاع والتنمية الاقتصادية، وفق ما أفادت السلطات في نيامي.
وينتظر أن يتحول يفكوروف من نيامي إلى باماكو ثم إلى واغادوغو للاجتماع مع كبار المسؤولين في مالي وبوركينا فاسو، وذلك في إطار التطورات المهمة التي تشهدها المنطقة وخاصة في نطاق تحالف دول الساحل.
العرب