المغتربون قوة دافعة لإنعاش سوق العقارات المغربي

المغتربون قوة دافعة لإنعاش سوق العقارات المغربي

تعول السلطات المغربية على المغتربين من أجل تحقيق أهدافها المتعلقة بإنعاش سوق العقارات خلال الفترة المقبلة، خاصة مع التحفيزات الحكومية التي تم الإعلان عنها من قبل للتشجيع على تملك المساكن والتطوير العقاري عموما، بما يدعم نمو الاقتصاد.

الرباط – توقع الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس عودة قياسية من المغتربين هذا العام مع انطلاق مبادرة “مرحبا” هذا الشهر، ما سيعطي دفعة قوية لعدة قطاعات بما في ذلك العقارات، مع الإقبال على برنامج المساعدة السكنية المباشرة منذ إطلاقه في يناير الماضي.

وسجلت الأرقام الأولية نسبا كبيرة من أفراد الجالية المغربية الراغبين في الاستفادة من هذا الدعم، من مجمل الطلبات المقدمة من طرف المواطنين بشكل عام، مع توقعات بارتفاع نسبتهم في الأشهر القادمة.

ووفق بايتاس، الذي يتولى منصب الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، تم الإدلاء بإجمالي 64 ألف طلب متعلق بالاستفادة من المساعدة السكنية المباشرة، بما في ذلك 20 في المئة تقدم بها المغتربون.

وتُقبل نسبة كبيرة من الجالية المغربية على شراء العقارات، وبالخصوص الشقق، في المناطق الساحلية شمالا، من أجل استغلالها في فصل الصيف لقضاء العطل الموسمية، وهذا الإقبال يبقى متوقعا هذه السنة في ظل الدعم الحكومي لاقتناء السكن.

ويرى خبراء القطاع أن الدعم المباشر للسكن الذي أطلقته الحكومة سيعمل على إنعاش المبيعات خلال سنة 2024، وهو ما سينعكس على القطاع بشكل إيجابي.

وكان سوق العقارات قد عرف ركودا خلال السنوات الأخيرة بسبب العديد من التداعيات المرتبطة بوباء كورونا وتأثيرات الحرب الروسية – الأوكرانية على الاقتصاد العالمي.

ويمثّل قطاع العقارات ما يناهز 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، واستفاد لفترة طويلة من ديناميكية قوية بدأت في عام 2005 مع تطور المدن الكبرى.

وفي أكتوبر الماضي أعلنت الحكومة برنامجا يساعد الأسر على امتلاك مساكن، وانطلق خلال يناير الماضي، إذ خصصت دعما ماليا يبلغ 100 ألف درهم (9700 دولار) من أجل شراء مسكن يعادل سعر بيعه أو يقل عن 300 ألف درهم (29.3 ألف دولار).

كما تم تخصيص دعم يبلغ 70 ألف درهم (6800 دولار) لشراء مسكن يتراوح سعره ما بين 300 ألف درهم و700 ألف درهم (29.3 ألف دولار و68.3 ألف دولار) شاملة الضريبة.

واعتبر رشيد ساري رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس يولي المغتربين اهتماما بالغا وفتح الباب أمامهم للاستفادة من البرنامج، كما تم تشجيعهم على الاستثمار في العقارات.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “هذا سيكون له تأثير على خزينة الدولة من ناحية جمع العملة الصعبة، ومن ناحية أخرى سيكون الإقبال على الاستثمار في مجال العقارات مكثفا، وبالتالي سينتعش هذا القطاع وتنتعش معه قطاعات أخرى”.

وعلى الصعيد الاقتصادي يهدف البرنامج إلى زيادة العرض السكني، وتحفيز قطاع البناء، وإعطاء ديناميكية للقطاع الخاص، ولاسيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع توفير فرص عمل جديدة.

وسيحفز برنامج دعم السكن الطلب في السوق العقاري، ما رفع عدد البرامج العقارية، وقلص هامش المخاطر الائتمانية لدى البنوك بالنسبة إلى هذه الفئة من الزبائن، وهو ما يظهر من خلال الإحصائيات الخاصة بتطور القروض الممنوحة لتمويل السكن.

ويهدف برنامج المساعدة السكنية، الذي تم إطلاقه تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس، والذي يغطي الفترة الفاصلة بين عامي 2024 و2028، إلى تجديد مقاربة المساعدة على الوصول إلى التملك العقاري ودعم القدرة الشرائية للأسر.

وأكد الخبير العقاري أمين المرنيسي أن برنامج المساعدة السكنية المباشرة يشكل بدوره عاملا في انتعاش القطاع العقاري، بتمكين المشترين من الوصول إلى ملكية العقارات عبر مساعدة مالية مباشرة هامة، وهو ما سيستفيد منه المغتربون الذين يستثمرون في القطاع.

ويتوقع الخبراء في مجال العقارات تسارعا في الحركية الاقتصادية ومشاريع التشييد والبناء في جميع أنحاء البلاد مع اقتراب تنظيم بطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم في 2025 وبطولة كأس العالم لكرة القدم 2030، والتي سيتقاسم المغرب تنظيمها مع إسبانيا والبرتغال.

وتشير البيانات الصادرة عن ستاتيستا الألمانية لأبحاث السوق إلى أن قيمة سوق العقارات بالمغرب سترتفع بنسبة 4 في المئة إلى 1.63 مليار دولار، حيث يتموقع هذا السوق الثاني عربيا وفق المؤشرات التي وفّرتها الشركة المتخصصة في عام 2024.

ويستثمر المغرب في بنيته التحتية خاصة وأن الطلب على العقارات في وتيرة متزايدة بسبب التوسع العمراني والنمو الديمغرافي لسكان البلد البالغ تعدادهم نحو 37 مليون نسمة.

وإضافة إلى ذلك العمل على توفير الفرص الاستثمارية المتعددة في هذا القطاع مثل الشقق والفيلات والمراكز التجارية والعقارات الاستثمارية والسكنية وغيرها، ثم إن قيمة العقارات ترتفع بمرور الوقت وهذه نقطة مهمة.

وكان البنك المركزي المغربي قد أعلن في بيان مشترك مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية السبت الماضي عن ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 0.8 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

وأوضح البيان أن النمو يشمل ارتفاع أسعار العقارات السكنية بنسبة 0.7 في المئة، وأسعار الأراضي بواقع 1.2 في المئة، وركود أسعار العقارات المعدة للاستعمال المهني مقارنة بالربع الأول من سنة 2023.

وشدد مدير معرض سكن إكسبو (النسخة الفرنسية) إبراهيم بولعمايل على ضرورة تشجيع المغتربين على شراء المساكن في بلدهم الأم، وتقريبهم من جميع شركاء البناء لتحقيق تطوير أفضل للقطاع، وتوفير جسر بين المشترين والمطورين العقاريين.

ولتسهيل إجراءات شراء الوحدات السكنية أطلق المجلس الوطني للموثقين في المغرب قبل أيام منصة إلكترونية تستهدف توحيد معايير الأسعار على مستوى جهات البلاد، التي تهدف إلى تجميع بيانات وإنشاء قائمة مرجعية للأسعار.

وتشمل الخطة في البداية العاصمة الرباط ومدينة الدار البيضاء، مع خطط لتوسيعها كي تشمل مراكش وأغادير وطنجة، قبل أن تصبح متاحة في كامل أنحاء البلاد بنهاية عام 2024.

وأكد هشام صابري، رئيس المجلس، أن هذا الإجراء يهدف إلى تمكين المواطنين، بمن فيهم المغتربون، من الوصول إلى معلومات حول أسعار العقارات دون الحاجة إلى السفر إلى المغرب، ما يساعد على تحقيق الشفافية وبناء الثقة بين البائعين والمشترين.

العرب