عفو ملكي عن حقوقيين وصحافيين يخلف ارتياحا شعبيا في المغرب

عفو ملكي عن حقوقيين وصحافيين يخلف ارتياحا شعبيا في المغرب

الرباط – خلف إصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس، عفوا ملكيا عن عدد من الصحافيين ونشطاء مغاربة إلى جانب مدانين في قضايا تتعلق بالإرهاب، وذلك بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش، وهو ما خلّف ارتياحا داخل وخارج البلاد مع ترحيب شعبي وحقوقي.

وجاء العفو الملكي ضمن مجموعة تضم 2476 شخصا، منهم المستفيدون من العفو من الغرامة ومما تبقى من العقوبة السالبة للحرية وعددهم 171 نزيلا.

وشمل العفو مما تبقى من العقوبة السالبة للحرية نزيلين إثنين، كما شمل التخفيض من عقوبة السجن 2090 نزيلا، واستفاد من تحويل السجن المؤبد إلى السجن المحدد 15 نزيلا.

أما المستفيدون من العفو الملكي الموجودون في حالة سراح وعددهم 182 شخصا، منهم 45 شخصا مستفيدا من العفو من العقوبة الحبسية أو مما تبقى منها، و9 مستفيدين من العفو من العقوبة السجنية مع إبقاء الغرامة، و121 شخصا مستفيدا من العفو من الغرامة أو مما تبقى منها، والعفو من عقوبتي السجن والغرامة لفائدة 7 أشخاص.

واستفاد من المبادرة الملكية كل من توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني، إلى جانب النشطاء رضا الطاوجني ويوسف الحيرش وسعيدة العلمي ومحمد قنزوز، بعدما قضوا مددا متباينة من العقوبة السالبة للحرية على ذمة أحكام في ملفات قضائية مختلفة، ينضاف إليهم 16 مدانا بمقتضيات قانون مكافحة الإرهاب، ومجموعة أخرى من المدانين قضائيا في حالة سراح، بمن فيهم عماد استيتو وعفاف برناني وهشام المنصوري وعبدالصمد آيت عيشة.

وأكدت عائشة الكلاع، التي تترأس جمعية تأسست للدفاع عن المشتكيات والمشتكين، “لا يمكن إلا أن أكون إلى جانب وفي صف الحرية، العفو الملكي ينظمه مقتضى دستوري المضمن في الفصل 58، الذي يعتبر أن العفو هو حق للملك، وبالتالي فهي إمكانية ومبادرة إنسانية وعطف ورحمة يشملها رئيس الدولة باعتباره الملك لهذا الحق للمواطنين الذين ارتكبوا أفعال تقع تحت طائلة القانون الجنائي المغربي”.

وقالت في تصريح لـ”العرب”، “العفو الملكي لا يعني بتاتا البراءة من الأفعال الإجرامية المرتكبة من طرف المدانين، وخاصة في ما يتعلق بالصحافيين الذين تمتعوا بالعفو ضمن المجموعة المفرج عنها بمناسبة عيد العرش، ذلك أن العفو يتعلق بالمدة المتبقية من العقوبة السجنية والإدانة تبقى ثابتة في حق المدانين والأحكام القضائية هي عنوان الحقيقة، بمعنى أن الأفعال الإجرامية ارتكبت وتمت إدانتها وترتبت عنها عقوبة سجنية وتعويضات مدنية للطرف المدني لأجل جبر الضرر الناتج عن الأفعال الإجرامية”.

وتابعت الكلاع، “العفو الملكي مبادرة إنسانية لمنح فرصة لمن كانت لهم خصومة مع القانون للإصلاح والاندماج مجددا داخل المجتمع، وهذا ما تضمنه بلاغ الديوان الملكي الذي يعتبر فرصة من أجل حياة جديدة ليتجاوز المدانون الأخطاء المرتكبة ويصبحوا أفرادا منتجين وصالحين ومنضبطين لقواعد النظام العام والقانون، وأننا كدفاع عن الضحايا والمطالبات بالحق المدني في الملفات الثلاث نعتبر أن الخطوة إيجابية بالنسبة للعفو ويبقى لهم الحق في المطالبة بتنفيذ التعويضات المدنية التي تم الحكم بها وأداءها من طرف المدانين”.

ودعت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، إلى أن “يكون الذين شملهم العفو في مستوى نبل العفو الملكي ويعترفون بأخطائهم ويعتذرون للضحايا، خاصة وأن الأمر يتعلق بجرائم حق عام وهي اعتداءات جنسية ارتكبت في حق الضحايا، ولا مجال للحديث عن أي متابعات أو ملفات ملفقة وهو ما اعتبره هروبا للأمام ومن الحقيقة الثابتة بوسائل إثبات قاطعة اقتنعت بها المحكمة لإدانتهم، ولنتجاوز كل هذه المزايدات مادام المدانون قد شملهم عطف الملك فليكونوا في مستوى هذا العفو وينضبطوا لأحكام قضائية تصدر باسم جلالة الملك، وهي عنوان للحقيقة ومن حق الضحايا التشبث بحقوقهن التي لا يمسها العفو طبقا لظهير العفو”، لافتة إلى أنه “لابدّ من أن يعتذروا على أفعالهم التي تسببت في أضرار نفسية واجتماعية واقتصادية للضحايا وكذلك أن ينفذوا أحكاما قضائية صادرة عن سلطة قضائية لها وضعها ومركزها الدستوري داخل الدولة لنكون مؤمنين بأننا نبني دولة الحق والقانون والمؤسسات”.

من جهتها أكدت فاطمة الزهراء الشاوي، محامية ورئيسة الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، أننا “استقبلنا قرار العفو الملكي بابتهاج وأريحية، وكمحامية وحقوقية ندافع عن حقوق الإنسان، وهو حق ملكي مكفول بالدستور وهو تقليد بالمغرب في المناسبات الدينية وبعض المناسبات الوطنية الرسمية، يستفيد منه عدد من سجناء الحق العام، دون أن يعني هذا أن الصحافيين الثلاثة الذين تم الإفراج عنهم قد تمتعوا بصك البراءة، لأن الأفعال المنسوبة إليهم ثابتة في حقهم بحكم قضائي حاز على قوة الشيء المقضي به على جميع درجات التقاضي بالمحاكم المغربية”.

وأوضحت لـ”العرب”، أن “المفرج عنهم، ليسوا أبرياء ولكن استفادوا من كرم الملك بالعفو عما تبقى من عقوبتهم، وقد تمت متابعتهم ليس لآرائهم السياسية وإنما أدينوا من أجل جرائم اعتداءات جنسية وهناك مطالبات بالحق المدني والتعويضات التي تم الحكم لصالحهم بها، وأن النص المنظم للعفو الملكي يؤكد على حقوق هؤلاء الضحايا، فإذا كان العفو قد صدر عن صاحب الجلالة الملك فإن الأحكام أيضا صدرت باسم صاحب الجلالة، ويجب أن تنفذ خصوصا في الشطر الذي لم يتم فيه العفو المتعلق بحقوق أشخاص آخرين ضحايا عانين كثيرا وأنا أنوب عن بعضهن وسوف نواصل المعركة لأن العفو لا يبرئهم وإنما تظل المطالب المدنية قائمة”.

واعتبر نوفل بوعمري، المحامي والمحلل السياسي، أن “العفو الملكي الذي يمتع به بعض الصحافيين والمدونين، جاء ليُحدث انفراجا ينتظره الجميع، وبعيدا عن النقاش الذي أثير حول حقوق الضحايا، فإن الخطوة الملكية في حد ذاتها هي خطوة شجاعة ستساهم في طي ملفات كانت تعتبر مصدر تشويش مجاني للمغرب على الصعيد الخارجي و الداخلي وإن كان هذا العفو تم ممارسته بشكل إرادي من طرف الملك تقديراً منه لما رآه مناسباً خاصة مع تزامن هذا العفو مع الذكرى 25 لتربع عاهل المغرب على العرش مما أعطى لهذا العفو رمزية إنسانية كبيرة وهي الرمزية التي استقبلها الشارع بالكثير من الترحيب”.

ويعتبر العفو حقا من ضمن حقوق الملك، نص عليه في الفصل 58 من الدستور، وهو العفو الخاص المنظم بمقتضى نص خاص، وهو الظهير الشريف رقم 1-57-387 بشأن العفو، إلى جانب مقتضيات من مجموعة القانون الجنائي وكذلك القانون الجنائي، ويمكن أن يُمنح لأي شخص دون أي شرط قانوني، سواء تعلق الأمر بشخصه من حيث السن أو المهنة أو الوضع الصحي أو درجة إجرامه، بغض النظر عن خطورة الجريمة أو تعدد الجرائم المرتكبة أو حالة العود إلى ارتكاب الجرائم، أو بمركزه القانوني.

العرب