الرد الإيراني في مواجهة الردع الإسرائيلي

الرد الإيراني في مواجهة الردع الإسرائيلي

تتجه الانظار الدولية والإقليمية إلى ما ستؤول اليه الأحداث والنتائج التي ستعقب عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ( إسماعيل هنية) شمال العاصمة الإيرانية (طهران) والتي حدثت عبر إطلاق صاروخ موجه دخل الأراضي الإيرانية من أحد دول الجوار، وماهي الأبعاد والآفاق المستقبلية للرد الإيراني وما هي الوسائل والأدوات التي سيتم استخدامها في الرد العسكري القادم من القيادة السياسية والعسكرية في إيران؟ وهل ستكون بمستوى الحدث الكبير والخرق الأمني الذي طال الأمن القومي الإيراني والذي سبب إحراجًا كبيرًا يتطلب ردًا حاسمًا على الاستهداف الذي قامت به إسرائيل وكما أشارت إليه إيران رغم عدم وجود أي تعليق أو تصريح واضح من قبل الحكومة الإسرائيلية.
قد نكون أمام حرب إقليمية شاملة ورد كبير يختلف كثيرًا عن الرد الذي قامت به إيران في نيسان 2024 بعد تعرض قنصليتها في دمشق لاستهداف إسرائيل، فالأمر الآن يختلف كليًا، فعملية الاغتيال تمت داخل العمق الإيراني ونفذت إسرائيل تهديدها باستهداف القيادي الأول في حركة حماس وهو في ضيافة الإيرانيين وحققت الهدف الاستراتيجي في اتباع سياسة الاغتيالات التي تمثل العقيدة الأمنية في النظرية الإسرائيلية.
وأمام هذه المعطيات الميدانية والمنعطفات السياسية فإننا نرى أن ملامح الضربة الإيرانية في الأيام القادمة ستتأخذ مجالات عديدة وعبر أهداف ومنشأت عسكرية وموانئ بحرية وتدخلات ميدانية بمشاركة جميع الوكلاء والفصائل المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني وفق منظور ( وحدة الساحات) وهذا ما يعني التحضير لضربة كبيرة باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة واعتماد مبدأ الردع المقابل الذي يعيد مضامين قواعد فك الاشتباك إلى بدايتها والتي أرادت إسرائيل كسرها في العمليات التي طالت طهران وبيروت والجنوب اللبناني والحديدة وسعت إلى تنوعها في اغتيال القيادات السياسية والعسكرية متمثلة بشخصين مهمين ( إسماعيل هنية وفؤاد شكر)، ولهذا ستعمل جميع الجبهات السورية واللبنانية واليمنية والعراقية على تقديم الدعم والمساندة للرد الردع الإيراني المتكامل من حيث نوعية الاستهداف وزمانه.
نرى أن قوة الرضوان التابعة لتنظيمات حزب الله العسكرية والتي تتصف بعقيدتها القتالية وقدرتها على تنفيذ العمليات الخاصة ستعمل على التدخل البري نحو أهداف محددة واستراتيجية في منطقة حيفا وتحقيق الغلبة الميدانية عبر المواجهة المباشرة، ومن الممكن لها ان تساند أي عملية تعرضية بالصواريخ الموجهة إلى أرصفة التحميل والسفن البحرية والغواصات النووية فيه،
وكذلك الحال مع ميناء إيلات الذي يختص لتصدير الفوسفات والبوتاس والمعادن والخامات، في حين تستورد إسرائيل من خلاله النفط والمواد الغذائية والأخشاب ومواد البناء والمركبات ويعتبر ثاني أكثر ميناء في إسرائيل، وهذه أهداف تتعلق باستهداف الاقتصاد الإسرائيلي واعاقة دوره الحيوي في الحياة اليومية والمتطلبات المادية.
أن ما قامت به إسرائيل يعتبر ضرب لكل ما اتفق عليه في الالتزام بقواعد الاشتباك وعدم التصعيد الميداني، ولهذا سيكون الرد الإيراني موازيًا للفعل الإسرائيلي في نوعية الأهداف وأهميتها وشخوصها للعودة إلى ميزان القوى في المنطقة بعد أن ضربت إسرائيل جميع الخطوط الحمراء واستبقت الأحداث بعمليات فاجأت جميع الأطراف، وتحقيق الردع الكبير بالتنفيذ المباشر باستخدام أسلحة وصواريخ متطورة لم يتم إظهارها سابقًا ومنها الصواريخ نوع فرط صوت الاستراتيجية ذات البعد الكبير.
أما الدور الرئيسي لجماعة الحوثيين سيكون مكملًا لما قاموا به خلال الأشهر الماضية من التعرض للسفن والناقلات العابرة للبحر الأحمر وخليج عدن عبر استهداف السفن الأمريكية والدفاعات الجوية التابعة لها وبدعم من روسيا من خلال الأسلحة والمعدات المتطورة التي زودت بها الحوثيين وتسعى بدخول المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية عبر القتال بالوكالة كما تفعل إيران في معظم جبهات المواجهة وحسب عقيدتها الأمنية والعسكرية، وستعمل المليشيات المسلحة المتواجدة في الميدان السوري بالتعرض على منطقة الجولان ومزارع شبعا ومساندة مقاتلي حزب الله في عملية دخول إلى منطقة الجليل في العمق الإسرائيلي وتحقيق ضربة عسكرية قوية غير مسبوقة.
أن دخول جميع فصائل ( محور المقاومة) للميدان والتعاون مع إيران في تحقيق سياسة الردع الممتد إنما هي رسالة دقيقة وبالغة وإجراء استراتيجي واسلوب ميداني موجه إلى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد أن أصبح الرد الإيراني حالة ضرورية ومنطلق للحفاظ على السيادة الإيرانية وتصعيد في عملية إعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة.
ونرى على الجانب المقابل اذا ما تمت الضربة الإيرانية وفق تصورات القيادة العسكرية في فيلق القدس والحرس الثوري، فإن الجانب الإسرائيلي سيكون أمام تحدٍ كبير ومواجهة فعلية غير مسبوقة وسيكون رده ليس مماثلًا ولا موازيًا للإيرانيين وإنما سنكون أمام سياسة عظ الأيادي.

وحدة الدراسات الإيرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية