يعتبر البنك المركزي في اي بلد اساس الاصلاح المالي والاقتصادي، وكما يقال هو بيت الداء، لذلك تسعى جميع دول العالم نحو الحفاظ على هذه المؤسسة الهامة بعيدا عن العابثين والمتنفذين، لذلك نلاحظ في مختلف الدول المستقرة اقتصاديا اهتمام خاص باللبنوك الوطنية وعلى رأسها البنوك المركزية .
مؤخرا اصدر البنك المركزي العراقي تعليمات جديدة الى المصارف الخاصة وشركات التحويل المالي وشركات التوسط لبيع وشراء الدولار من اجل التواصل المفتوح.
بحسب ما ورد في هذه الوثائق فإن البنك المركزي يعتمد سياسة الباب المفتوح للتواصل مع المصارف الخاصة المجازة وشركات التحويل المالي وشركات التوسط في بيع وشراء العملات الاجنبية، من اجل تذليل العقبات والقضاء على ظواهر البيروقراطية ومنع الاستغلال والمحاباة، وللمساعدة على بناء قطاع مصرفي ومالي لائق.
في المنطق السليم نحو الاصلاح يكون الاجراء الاول محاربة الفساد بكافة أشكاله، والحد من انتشاره، وليس بترك الفساد والتجاوزات واصدار اللوائح والقرارات التي قد تكون “حبر على ورق ” ، كذلك تطفو على السطح تساؤلات؛ من الذي سيقوم بتنفيذ هذه القرارات؟ هل هم انفسهم من تستروا وساهموا في عمليات الفساد؟؟ كلها اسئلة بديهية لا تحتاج الكثير من الفطنة لطرحها!!
ما يهمنا ليس القرارات واللوائح والوثائق ، بل ما سينتج عن هذه التعليمات من التزام ورقابة من قبل الجهات المعنية وتتبع تنفيذ ما ورد لكي يكون النص ذات معنى حقيقي.
صلاحيات البنك المركزي تجاه المؤسسات المالية والهيئات و المصارف تفرض عليه ان يكون اكثر انفتاحا وأكثر رقابة على هذه المؤسسات ومراقبة جميع اعمالها، وبالأخص الاموال التي تتجه الى خارج العراق، لكي لا تكون نافذة للعمليات والصفقات المشبوهة، وخدمة للفساد واصحاب الاموال.
كذلك لابد من ضبط مزاد بيع العملة الأجنبية، ومراقبة أموال العراق التي اختفت عبر مزاد العملة وفق عقود وهمية ولكن هذا يتطلب تضافر الجهود في العراق وخارجه.
وهنا يشير خبراء اقتصاديين ان الوقت حان لتتبع الفساد على العراق ومعاقبة الفاسدين، وتطبيق الاسلوب المتبع في كوريا الجنوبية؛ التي فرضت غرامات مالية على الموظفين الفاسدين تساوي ستة أضعاف المبلغ الذي أخذ.
التجاوزات المالية التي طالت البنك المركزي العراقي كثيرة يصعب حصرها بمجرد مقال، الا ان الامر المريب هو الصمت الحكومي يضع مؤشر لدى المراقب أن اطراف وشخصيات سياسية ومتنفذين ضالعين في هذه العمليات، فالمصارف مثلا تشكل واجهات للسياسيين والفاسدين ، ومزاد بيع العملة خدمة لشخصيات معينة، وكما سبق ان ذكرنا فالفساد في كافة مفاصل الدولة وليس البنك المركزي .
البنك المركزي العراقي مطالب اليوم بدور كبير تجاه البلاد التي تعاني ازمة اقتصادية كبيرة، باعتباره اكبر المؤسسات المالية في البلاد، وبحاجة الى تنظيم الامور المالية، وهنا على الحكومة ان تكون اكثر جدية في التعامل مع اي تجاوزات في عمل البنك لكي يكون لخدمة البلاد وليس المتنفذين والفاسدين،فالبنك المركزي في كل دول العالم هو بيت مال الوطن والمواطن، فالمواطن لا يحتاج الى عبارات منمقة حول الاصلاح والانفتاح ،بل بحاجة الى اجراءات عملية على ارض الواقع وبشكل ملموس .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية