تصدير الغاز للعراق هو أحد أهم أولويات إيران حسب ما صرح “محمد رضا قدسي زاده” مدير تخطيط شركة الغاز الوطنية الإيرانية، ليحل بذلك شيفرة “هدر الغاز الطبيعي العراقي” الذي استمر منذ الغزو الأميركي للعراق والذي بدأ معه التدخل الإيراني في كافة المجالات، لينكشف فيما بعد سخط نتائج الاتفاقيات التي أبرمتها طهران مع عملائها في العراق خلسة ومن خلف الكواليس.
ومنذ عام 2003، حاولت الكثير من الدول إجراء مفاوضات مع الجانب العراقي بهدف استيراد الغاز بدلاً من حرقه، وكانت الكويت من بين هذه الدول التي عرضت ذلك مقابل إسقاط جزء من ديونها، وأن تقوم بدفع تكلفة إنتاج الغاز مادياً، ومساعدتها في الناحية الفنية بحكم خبرة الكويت الطويلة في هذا المجال، إلا أن العالم تفاجأ بإصرار الحكومة العراقية على الرفض، واستمرار حرق الغاز العراقي، حتى قدرت كمية الغاز الطبيعي المهدور المحروق المصاحب للنفط الخام المنتج في آبار البصرة سنوياً بحوالي 12 مليار متر مكعب، وهي كميات تفوق الاستهلاك السنوي لبعض الدول، وحسب شركة غاز البصرة فإن العراق يحرق نحو 70 % من إنتاجه من الغاز الطبيعي.
وبقي العراق يعاني من النقص في مادة الغاز المستخدمة في تشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية وبعد مضي نحو أكثر من 13 عاماً على الغزو الأميركي وتدخل إيران، لا يزال العراق يعاني من انقطاعات حادة في الكهرباء مع قلة عدد المحطات ونقص إمدادات الغاز، ليعلن فيما بعد عن إبرام عقود مع إيران لاستيراد الغاز.
وفي أغسطس عام 2013 وقعت الحكومة العراقية وإيران على اتفاق لمدة ست سنوات، تنص على استيراد العراق 7 ملايين متر مكعب من الغاز الإيراني يومياً، بحيث يرتفع الرقم تدريجياً حتى يبلغ 25 مليون متر مكعب بعد عامين، ليعلن “حميد رضا أراغي” مدير المجلس الوطني لشركة الغاز الإيراني عن البدء فى شحن 7 ملايين متر مكعب يومياً لتزويد محطة كهرباء في بغداد، وأنه سيتم فتح الطريق الثاني إلى البصرة في عام 2017 بشحنات تصل في نهاية المطاف إلى 70 مليون متر مكعب يومياً.
هذه الاتفاقية كشفت حجم المطامع الإيرانية في العراق، وبالتأكيد هناك أكثر من اتفاقية إيرانية تستهدف الاقتصاد العراقي عن طريق عملاء الملالي في بغداد، والتي أثبتت هذه الاتفاقية عمق ولائهم لطهران على حساب المصالح الوطنية، لدرجة أنهم يرفضون إفادة بلادهم من الغاز الذي تقدر قيمته بمئات المليارات، ويستمرون في هدره وحرقه، معرضين الشعب العراقي للأمراض بسبب التلوث الذي يسببه، كل ذلك إرضاء للنظام الإيراني الذي سيجني نحو 17 مليار دولار سنوياً من تصدير الغاز للعراق.
لقد أعاقت إيران إنتاج الغاز العراقي بأساليب كثيرة منها الإرهابية، وخير مثال على ذلك تفجير معمل غاز التاجي شمال بغداد، والذي جاء بعد إصرار طهران على تزويد الغاز للعراق، وضغطت على عملائها في بغداد لمنع أي محاولة لإنتاج الغاز تحت أي مسمى، حتى يتسنى لها تسويق غازها وجني المليارات، والعبث في الاقتصاد العراقي لإكمال مسلسل التدمير والسيطرة على أركان الدولة العراقية، وقد ساعدها في ذلك أذنابها الطائفيون في بغداد.
وبعد الاتفاق، عملت إيران على ضمان الجانب الأمني لخط الأنابيب الممتد عبر الأراضي العراقية، وهو ما يوضح استماتة الحرس الثوري على التدخل العسكري والأمني في المناطق التي ستمر منها أنابيب نقل الغاز، ليكمل بذلك المؤامرة على الشعب العراقي، وفي الوقت الذي تستمر فيه عملية حرق الغاز، فإن الحكومة العراقية تقوم باستيراد الغاز الطبيعي من إيران بأسعار عالمية عالية.
مركز المزماة للدراسات والبحوث