في اي دولة، تعد السياسة النقدية أحد أهم المرتكزات الاساسية في ودعم الاقتصاد الوطني والتنمية ،لذلك من يجب إعادة النظر في الخطط المعتمدة لتنمية إمكانات القطاع المصرفي وتعزيز فرص مساهمته في تعبئة المدخرات واستقطاب الودائع.
العراق وفي خضم الاوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة كان لابد ان يقوم بإجراء مراجعة شاملة لعمل والية القطاع المصرفي الذي يعاني من ثغرات اربكت عمله على مر السنوات السابقة خصوصا مع انشغال صناع القرار السياسي بالأوضاع الامنية والسياسية التي لم تعرف الهدوء منذ اكثر من 13 عاما ، حيث تحولت البلاد الى حالة فوضى بعد دخول قوات الاحتلال الاميركي الى العراق في عام 2003.
هذا الخلل ليس في بغداد فحسب ، بل ايضا في اقليم كردستان العراق الذي لم يكن بمعزل عن الاحداث التي شهدها عموم العراق ، وهنا يشير الخبراء المصرفيون الى الخلل في بنية النظام المصرفي العراقي ، من باب انه لا توجد دولة تظم “بنكين مركزيين على اراضيها ، ليس هذا فحسب بل ان بنك الاقليم المركزي بدون قانون لحد الان، وذلك يعود لهيمنة وزارة المالية في الاقليم عليه، أذ انها تقوم بكل المعاملات والنشاطات المالية و توزيع الرواتب، والذي يتضمن توزيع رواتب جميع المؤسسات الأمنية.
مدير البنك المركزي الاتحادي أكد ان فرعي البنك في كل من مدينة أربيل والسليمانية بوضعهم الحالي لا يمثلان جزءاً أو فرعاً من البنك المركزي العراقي، وهذا الأمر يربك العمل ولا يساعد الإقليم في أن يوفر الإطار السليم للإحاطة بالعمل المصرفي والمؤسسات المالية في إقليم كوردستان. آلا ان لقاءات بين الجانبين أسهمت في الاتفاق على أن يكون هناك بنك مركزي حقيقي في إقليم كوردستان، وأن يكون جزءاً من البنك المركزي العراقي، ويتمتع بكافة الشروط والمواصفات، ويقوم البنك حالياً بعملية الإجراءات التفصيلية المتعلقة بهذا التوجه. كما يظهر في الكتاب المرفق .
و هناك تداخل في الاختصاصات والاجراءات ولغاية الان لم يتخذ قرار بإنشاء فروع لمصرفي الرشيد والرافدين في الاقليم، ويعود السبب الى ان الاقليم كان يشترط ربط بنك الاقليم المركزي مع البنك المركزي و ارتباطه بسلطات الاقليم. اضف الى ذلك ان كل فروع بنوك الاقليم كانت مملوكة للبنكين قبل عام 1992، ولكنها مرتبطة بوزارة المالية في الاقليم لهذا لم يقم البنكين بفتح فروع في الاقليم لحد الان ، حيث ترجع وزارة المالية في الاقليم السبب الى اسباب ادارية واجراءات قانونية.
وفي الحديث عن الفساد نذكر بأن في الآونة الاخيرة تم إلقاءالقبض على مدير بنك الاقليم المركزي ونائبه بأمر قضائي من هيئة نزاهة إقليم كوردستان، على خلفية صرف أموال بعض الصكوك بشكل غير قانوني مقابل تقاضي عمولات.
مراقبون أبدوا تفاؤلهم بقرار رئيس الوزراء حيدر العبادي في حزيران 2016، إقالة 8 مدراء للمصارف التجاري والرافدين والرشيد والعقاري والعقاري والصناعي والزراعي وغيرهم، مؤكدا خلال لقائه ببرنامج حديث الرافدين، أنها خطوة على طريق الإصلاح.
الا ان سياسه البنك المركزي مازالت تواجه انتقادات حول مزاد بيع العملة والتعامل مع مصارف القطاع الخاص ، وتحاول ادارة البنك السعي نحو وضع السياسات والخطط الاستراتيجية للنهوض بواقع القطاع المصرفي اذ اطلق البنك مطلع العام 2016، استراتيجيته للسنوات الخمس المقبلة التي تضمنت اهدافاً مهمة .
ويسعى البنك المركزي العراقي الى رأب الصدع الذي ادى الى تراجع القطاع المصرفي من خلال القيام بجولات تفتيشية وتدقيق في معاملات البنوك الاهلية، بهد ايقاف سيل الفساد الذي انهك الاقتصاد العراقي والقطاع المصرفي خصوصا.
وقد أشاد المسؤول المالي في السفارة الأميركية لدى العراق جون سوليفان بجهود العراق في إصلاح المصرف المركزي، والذي أكد بأن البنك «أنجز خلال عام أكثر مما تم إنجازه في الـ١٣ سنة الماضية.
امام البنك المركزي العراقي مسؤوليات كبيرة لإصلاح القطاع الذي عانى من العديد من الازمات والتهميش والاستغلال في عهد الحكومات السابقة، ليكون بيت مال العراق الحقيقي ومصدر استقرار اقتصاده، وهذا يكون بانتهاج المعايير الدولية، و بعيدا عن تدخل الوزارات واملائهم سياسات وشروط لا تمت الى السياسة النقدية بصلة، بالإضافة الى عدم قدرة البنك المركزي ومستشاريه على الدفاع عن البنك حسب قانونه، وقد تكون الخطوات التي اتخذها البنك خلال الفترة الماضية مقدمة لإصلاحات حقيقية.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية