بدو أن الصراع قد بلغ أشده بين كل من قوات حكومة الوفاق الوطني بقيادة، الوزير الأول فايز السراج، البالغ من العمر 56 سنة وبين الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، البالغ من العمر 73 سنة، بينما يدخل تنظيم الدولة هذا الصراع كطرف ثالث من أجل السيطرة على الهلال النفطي الليبي.
وبحسب تصريحات الناطق الرسمي لقوات حكومة الوفاق الوطني، فإن هذه القوات سيطرت على مدينة سرت لكن دون تطهيرها بالكامل من مقاتلي تنظيم الدولة الذي بقي بعضهم متمركزا داخل أحياء الجيزة والبحرية.
لم تأثر المعارك الدائرة حول الهلال النفطي على الإنتاج اليومي بشكل كبير، بل ارتفع إنتاج النفط منذ احتلال الإقليم من قبل خليفة حفتر ليتجاوز 600 ألف برميل نفط يوميا بعد أن كان الإنتاج اليومي لا يتعدى 300 ألف برميل خلال سنة 2010
هذا وقد نجحت قوات حكومة الوفاق في استرجاع مدينة سرت، أحد أهم معاقل تنظيم الدولة ومسقط رأس معمر القذافي، بعد معركة دامت قرابة ستة أشهر متتالية. وقد استعمل تنظيم الدولة خلال دفاعه عن المدينة، التي تبعد قرابة 450 كلومترا عن العاصمة طرابلس، تكتيكه العادي والمتمثل في تحويل المعركة إلى حرب شوارع مع استعمال السيارات والعربات المفخخة.
كلفت هذه المعركة قوات حكومة الوفاق الوطني، المدعومة بميليشيات مسلحة من مدينة مسراطة، قرابة 700 قتيلا و3000 جريحا، في ما لم يحدّد بعدُ حجم الخسائر البشرية في صفوف تنظيم الدولة على الرغم من تصريحات مسؤول أمني في قوات الحكومة أن قتلى التنظيم تجاوز 2500 قتيلا.
في نفس السياق، أكد متحدثون عسكريون باسم قوات حكومة الوحدة الوطنية أنه عند اقتحامها لشوارع مدينة سرت، جُمعت قرابة 260 جثة تعود لمقاتلي التنظيم خلال يومين.
وقد اجتمع فايز السراج بأعضاء حكومة طرابلس يوم الأربعاء الفارط للاحتفال بهذا النصر وللاستعداد لتطهير سرت بالكامل ممّا تبقى من مسلحي تنظيم الدولة، حتى يتمّ الإعلان الرسمي بعد ذلك عن تحرير سرت نهائيا. وقد عمقت هذه الهزيمة من جراح التنظيم خاصة بعد أن بدأ يفقد معاقله تدريجيا في كل من الموصل والرقة.
وفي نفس اليوم، التقى السراج بالقادة المسؤولين عن قيادة المعارك في سرت من أجل وضع خطة تسرع تحرير المدينة بالكامل.
وقد دخل تنظيم الدولة لسرت خلال شهر حزيران/يونيو من سنة 2015 مستغلا الفوضى العارمة التي مرت بها ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في أواخر سنة 2011.
وقد قررت الحكومة في طرابلس، خلال هذا الاجتماع، تطهير سرت بسرعة ثم التوجه غربا لتحرير مدن الهلال النفطي وهي؛ البريقة، وراس لانوف، والسدرة، التي تُعدّ أحد أهم مراكز تصدير وإنتاج النفط الخام في ليبيا.
من جهة أخرى، وعلى الرغم من هزيمة تنظيم الدولة في سرت، إلا أنه مستعد للمعركتين القادمتين (معركة تطهير سرت بالكامل ومعركة تحرير الهلال النفطي) مستغلا الانقسام السياسي الحاد الذي تعاني منه ليبيا بقيادة كل من حكومة الوفاق الوطني في الغرب، بزعامة فايز السراج، والمعترف بها من قبل الدول الغربية والأمم المتحدة، وحكومة شرقية خاضعة لقيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
ووفقا لمصادر من الحكومة الغربية لليبيا، فإن كتيبة تابعة لقوات الدفاع عن بنغازي هاجمت مدينة بن جواد، الواقعة بين سرت وراس لانوف، التي يوجد بها أحد أهم موانئ تصدير النفط الليبي. كما حاولوا اقتحام مدينة السدرة، إلا أنهم جُوبهوا ببسالة المدافعين المحليين عن المدينة.
تجدر الإشارة إلى أن أغلب هذه المناطق هي تحت سيطرة قوات خليفة حفتر، لكن تُفيد الشائعات أن الكتيبة التي هاجمت مدينة بن جواد تدين بولائها لحكومة فايز السراج الذي يرى استعادة الهلال النفطي من قبضة حفتر إحدى أهم التحديات التي تواجهها حكومته.
في المقابل، أنكرت كتيبة الدفاع عن بنغازي وجود أية علاقة تربطها بحكومة السراج، وقد أكدت أنها تنتمي لكتائب الثوار التي بقيت وفية لتحقيق أهداف ثورة شباط/فبراير سنة 2011 التي أطاحت بنظام القذافي. كما أن كتيبة الدفاع عن بنغازي هي تحت قيادة مجلس شورى ثوار بنغازي، وهو عبارة عن تكتل مسلح معاد للجنرال حفتر ويضمّ في صفوفه مقاتلين متطرفين.
وقد ألحق الجنرال خليفة حفتر، الذي أصبح يلقب بالماريشال بعد حصوله على ترقية، بهذا التكتل المسلح هزائم قاسية في مدينة بنغازي بعد أن حظي بدعم قوات خاصة فرنسية، وأمريكية، وبريطانية، تشارك بدورها في قتال تنظيم الدولة في ليبيا.
كلفت هذه المعركة قوات حكومة الوفاق الوطني، المدعومة بميليشيات مسلحة من مدينة مسراطة، قرابة 700 قتيلا و3000 جريحا
وبحسب رأي الكثير من المحللين السياسيين، فإن اقتحام قوات خليفة حفتر لمناطق الهلال النفطي ساهم في إعادة تشكيل الكتائب المعارضة لسياسته خاصة مع التحالف الغير مؤكد بين ثوار كتيبة الدفاع عن بنغازي ووزير دفاع حكومة الوفاق الوطني، مهدي البركاتي.
وخلال مؤتمر صحفي بُثّ يوم الأربعاء الفارط، أنكر مجلس الرئاسة المتكون من الهيئة الإدارية التابع لحكومة السراج، أيّة مشاركة لقوات حكومة الوفاق في المعارك الدائرة حول مدن الهلال النفطي. وقد كشفت هذه التصريحات عن وجود توتر محتمل بين فايز السراج ووزير دفاعه.
لم تأثر المعارك الدائرة حول الهلال النفطي على الإنتاج اليومي بشكل كبير، بل ارتفع إنتاج النفط منذ احتلال الإقليم من قبل خليفة حفتر ليتجاوز 600 ألف برميل نفط يوميا بعد أن كان الإنتاج اليومي لا يتعدى 300 ألف برميل خلال سنة 2010، أي أنه ارتفع بنسبة 18 بالمائة. وقد سببت هذه الانتعاشة المفاجئة في إنتاج النفط شكوكا واسعة لدى المراقبين للوضع الليبي.
بوب ودورد
صحيفة ديكريبت نيوز
نقلا عن نون بوست