لم يتفاجأ المراقبون من تعرقل الاتفاق الروسي التركي بشأن حلب واعتبروا أن البرودة التي علّقت بها دمشق على أنباء الاتفاق وبيان الجيش السوري التابع لها والذي نفى علمه بالاتفاق، مؤشرات على امتعاض معيّن أو حتى اعتراض على مضمون الاتفاق.
فقد تجددت المعارك في مدينة حلب وتعرض آخر جيب تحت سيطرة الفصائل المعارضة لوابل من القصف الجوي والمدفعي.
واعتبر المراقبون أن موسكو تفضل إنهاء ملف حلب من خلال اتفاق يخلي العسكريين وعائلاتهم ومن أراد من المدنيين، فيما تفضل دمشق وطهران إقفال الملف بالسُبل العسكرية، كما أن العاصمتين تعبّران عن تبرم من مشاركة تركيا في صفقة إنضاج الحل الحلبي.
ورأت مراجع في طهران أن إيران ساءها تمرير اتفاق يتعلق بالمدينة التي تقوم ميليشياتها بالمشاركة في العمليات داخلها دون علمها ومشاركتها، وأن لب الاعتراض يروم تذكير الأطراف الموقعة على الاتفاق بأنها طرف أساسي في المعادلة السورية.
وكان مصدر قريب من السلطات في دمشق قال إن الحكومة السورية “علقت اتفاق الإخلاء لارتفاع عدد الراغبين في المغادرة من ألفي مقاتل إلى عشرة آلاف شخص”.
وتطالب الحكومة “بالحصول على قائمة بأسماء جميع الأشخاص المغادرين للتأكد من عدم وجود رهائن أو سجناء” تابعين لها في صفوفهم.
وأكد ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي لحركة نورالدين الزنكي، أبرز الفصائل المعارضة في حلب، أن “الاتفاق الأساسي لم يتضمن تزويد النظام بأسماء المغادرين” من شرق المدينة، واتهم “قوات النظام والإيرانيين تحديدا بعرقلة تطبيق الاتفاق وربطه بملفات أخرى بينها مطالب تتعلق ببلدتي الفوعة وكفريا”.
وفيما كيلت الاتهامات لقوات النظام والميليشيات التابعة له بعرقلة الاتفاق، أصدرت دمشق بيانا طالبت فيه أن يكون الاتفاق شاملا للموافقة الإيرانية.
وأصدر حزب الله بيانا قال فيه إن “المحادثات لا تزال جارية بشأن اتفاق لإجلاء المقاتلين من حلب وإن الاتفاق سيكون لاغيا إن لم تلب مطالب الحكومة المتعلقة بإخلاء القريتين المحاصرتين”.
وقال الخبير القانوني محمد صبرا لـ”العرب” إن “إيران تعتبر حلب وحمص ودمشق من حصتها ولذلك تعمل على تثبيت هذا المفهوم، وهذا سيؤدي إلى دفع كامل المنطقة إلى انفجار مروع إذا استمرت طهران في انتهاج هذه السياسة العدوانية”.
ولاحظ مراقبون غضب روسيا من الاعتراض الإيراني وميليشياتها في سوريا.
وقد عبّر عن ذلك بشكل غير رسمي المعلقون الروس الناطقون باللغة العربية على الفضائيات العربية، مطالبين كافة الميليشيات بالالتزام بالاتفاق بين روسيا وتركيا في إشارة إلى حلفاء إيران.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن وزير الخارجية سيرجي لافروف ناقش مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الأزمة السورية عبر الهاتف الأربعاء..
ورغم قرار الجامعة العربية عقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الاثنين بناء على طلب الكويت بعد اجتماع على مستوى المندوبين لبحث مسألة حلب، يرى دبلوماسيون أن حلّ الأزمة في حلب بات في يدي روسيا حصرا وأن المجتمع الدولي يواكب المداولات الحالية من خلال نقاشات مجلس الأمن وتصريحات العواصم التي بدأت تطالب بمراقبة دولية لتطبيق اتفاق حلب.
وقال العميد الركن مصطفى الشيخ لـ”العرب” إنه “ليس من المنطق أن تكون روسيا رقم اثنين بعد طهران، وأتوقع في المرحلة القادمة أن يتم الاتفاق مع أميركا – ترامب لإخراج إيران من المنطقة”.
صحيفة العرب اللندنية