تلعب قوات جوية وبرية أميركية دورا حاسما في تقدم الجيش والشرطة العراقيين بين أحياء غرب مدينة الموصل، في مواجهة مقاومة شرسة من قبل عناصر تنظيم داعش. وتقول مصادر إن الدعم الأميركي أنقذ القوات العراقية من هجوم مضاد كاد يتحول إلى “نكسة”.
وللمرة الأولى اضطرت واشنطن للدفع بعدد كبير من مروحيات الأباتشي، إلى جانب تولي قوات خاصة أميركية مهام قتالية على الخطوط الأمامية للمعركة بأعداد كبيرة، وهو ما ساهم في اقتراب القوات العراقية من قلب الموصل، مركز محافظة نينوى.
وكشفت مصادر عسكرية لـ”العرب” أن “القوات الأميركية قدمت دعما غير مسبوق فجر الأحد للقوات العراقية، التي شنت هجوما من ثلاثة محاور نحو عمق دفاعات تنظيم داعش في مركز الساحل الأيمن من الموصل، في وقت يتزايد فيه نزوح المدنيين من مواقع القتال ليسجل أرقاما كبيرة”.
وقدمت مروحيات أميركية إسنادا جويا لوحدات الشرطة الاتحادية، لتتقدم في محورين نحو منطقتي “الدواسة” و”الدندان” وسط المدينة، فيما اتجهت قوات مكافحة الإرهاب من المحور الثالث نحو حي “الصمود” بدعم ناري مباشر قدمته قوة من مشاة البحرية الأميركية (المارينز)، ليتشكل ما يشبه الهلال على مواقع داعش في أحياء الموصل القديمة.
وانطلق هذا الهجوم بعد ليلتين وصفتا بالعصيبتين هاجم خلالهما داعش خطوط القوات العراقية في الساحل الأيمن بضراوة مستخدما عشر سيارات ملغمة وعددا من الانتحاريين، فيما حاول التنظيم الوصول إلى الخطوط الخلفية للوحدات العراقية من خلال طائرات صغيرة دون طيار تحمل قنابل.
واستغل التنظيم سوء الأحوال الجوية خلال اليومين الماضيين وتوقف الإسناد الجوي، محاولا دفع الوحدات العراقية عن مواقعها في مركز الساحل الأيمن.
وتسعى الشرطة الاتحادية العراقية للوصول إلى المباني الحكومية في مركز الساحل الأيمن تحت إسناد صاروخي وجوي كثيف، لكنها تواجه مقاومة ضارية من عناصر التنظيم، الذين حفروا أنفاقا تصل بين عدد من المنازل ليشكلوا خط صد يمنع التقدم.
وأكد ضابط عراقي كبير لـ”العرب” أن عمليات الأحد في الموصل، شهدت مشاركة أميركية غير مسبوقة. وقال الضابط، الذي فضل عدم الكشف عن هويته إن “طائرات الأباتشي تحلق منذ فجر الأحد، وتهاجم أهدافا عديدة في مدى تقدم الشرطة الاتحادية، فيما تقدم قوة من المارينز إسنادا ناريا بريا لجهاز مكافحة الإرهاب”.
ويقول باتريك كوبيرن، المحلل البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إن “الكثير من الانتصارات التي يحققها الجيش العراقي في الموصل مبالغ فيها، ولا تعطي صورة واقعية لقوة هذا الجيش”.
وأضاف كوبيرن، الذي أصدر أكثر من كتاب عن العراق “لولا الدعم الأجنبي، وفي مقدمته دعم القوات الأميركية، لكان الموقف مختلفا تماما اليوم. لا يمكننا أن نشعر بالتفاؤل لما سيكون في الموصل بعد داعش”.
وخاضت الشرطة الاتحادية قتالا ضاريا قرب منطقة “حاوي الكنيسة” على ضفة نهر دجلة، فيما توغلت في منطقة “النبي شيت” لتحرز موطئ قدم في منطقة لا تبعد سوى المئات من الأمتار عن مركز الحي.
وقالت مصادر عسكرية رفيعة لـ”العرب” إن تنظيم داعش يستميت في الدفاع عن أهم مواقعه في الساحل الأيمن من الموصل، مستعينا بالمدنيين الذين يستخدمهم لتجنب الغارات الجوية.
ووفقا للمصادر فقد أجبر التنظيم المئات من المدنيين على مغادرة منازلهم، والانتقال إلى عدد من المباني الحكومية والمساجد التي نشر داعش فيها دفاعات جوية.
وسقط ما لا يقل عن 40 مدنيا بين قتيل وجريح، فجر الأحد، عندما استهدفت طائرة مقاتلة مدفعا وضعه داعش أعلى مبنى حكومي في منطقة “الدندان”، في حين كان العشرات من المدنيين يجلسون في باحته تحت تهديد سلاح التنظيم.
وتؤكد عملية التقدم السريع والكثافة النارية المستخدمة فرضية تقبل القوات التي تعمل على استعادة الموصل، لمستوى عال من الخسائر في صفوف المدنيين.
ووفقا لتقديرات أممية مازال نحو 700 ألف مدني محتجزين في مناطق يسيطر عليها داعش في الساحل الأيمن.
صحيفة العرب اللندنية