بغداد – أعلن العراق أمس، عن إبرام اتفاق مع بريطانيا على قرض قيمته عشرة مليارات إسترليني، لمساعدته في تمويل مشروعات في مجال البنية التحتية، في خطوة تثبت إرادة المجتمع في مساعدة هذا البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة.
وقال عبدالرزاق العيسى وزير المالية العراقي بالوكالة على هامش توقيع مذكرة التفاهم إنه “وقع مع السفير البريطاني في بغداد على مذكرة تفاهم لتقديم بريطانيا قرضا للعراق بمبلغ 10 مليارات جنيه إسترليني لتطوير البنية التحتية لا سيما مشروعات الماء والمجاري”.
وتأتي المذكرة تنفيذا لقانون الموازنة العامة لسنة 2017 والتي خول وزير المالية بالتوقيع عليها. وستكون مدة استرجاع القرض على عشر سنوات.
وأوضح العيسى خلال مؤتمر صحافي أنه يمكن التعاقد فقط مع شركات بريطانية لتنفيذ المشروعات التي تمول من هذه القروض، مشيرا إلى أن سعر الفائدة سيتحدد عند الاتفاق على العقود بشكل نهائي.
فرانك بيكر: بالنسبة لبريطانيا هذا دليل جديد على الدعم الثنائي الذي نقدمه للعراق
وأعلنت الحكومة البريطانية ممثلة في سفيرها في بغداد عن موافقتها على منح الحكومة العراقية هذا القرض.
وقال فرانك بيكر السفير البريطاني في المؤتمر الصحافي “بالنسبة للمملكة المتحدة هذا دليل جديد على الدعم الثنائي الذي نقدمه ونواصل تقديمه للعراق لمساعدته على المضي صوب التعافي من خراب تنظيم داعش”.
وذكرت وزارة المالية في بيان عقب توقيع الاتفاقية أن البلدين وقعا مذكرة تفاهم ستكون إطار عمل لتقديم التمويل لمشروعات مُحددة خلال هذه الفترة.
وأشار بيان الوزارة إلى أن الهدف من القروض هو تمويل مشروعات بنية تحتية تشمل المياه والصرف الصحي والكهرباء والرعاية الصحية والنقل خلال فترة تمتد عشرة أعوام.
والقرض البريطاني، جاء بعد أشهر قليلة من موافقة صندوق النقد الدولي على برنامج ائتماني للعراق لأجل ثلاث سنوات بقيمة 5.34 مليار دولار من أجل دعم جهود بغداد في مواجهة أسعار النفط المنخفضة وضمان الاستمرارية في خدمة الديون.
ويقول خبراء الاقتصاد إن حزمة المساعدات المتتالية خاصة مع تساهل المؤسسات المالية العالمية في شروط الإقراض، تأتي لإنقاذ الدولة العراقية التي تبدو على شفا الانهيار لعدة اعتبارات من بينها الفساد المستشري في مؤسسات الدولة والحرب المستمرة منذ سنوات وخاصة التكاليف الباهظة للحرب على الإرهاب.
ولا يزال العراق يعاني من ضعف فادح في إمدادات الكهرباء والمياه ونقص كبير في المدارس والمستشفيات بعد 14 عاما من الحرب، في حين تعاني المنشآت القائمة من الإهمال.
وأثقلت الأزمة المالية الخانقة العراق بعد أن تراجعت إيرادات الموازنة بسبب تراجع أسعار النفط منذ عامين ونصف العام، ولم تعد تكفي لتمويل الميزانية التشغيلية، التي تقدم رواتب لنحو 7 ملايين موظف في أجهزة الدولة المترهلة.
عبدالرزاق العيسى: يمكن التعاقد فقط مع شركات بريطانية لتنفيذ المشاريع الممولة من القرض
وتزامن تراجع أسعار النفط مع استيلاء داعش على مساحات واسعة من الأراضي العراقية، مما أطلق موجة جديدة من العنف الطائفي وأدى إلى نزوح ثـلاثة ملايين شخص.
وأظهرت وثيقة لصندوق النقد قبل فترة أنه من المتوقع أن يواجه العراق فجوة تمويل تصل إلى 17 مليار دولار في العام الحالي، ما لم يتمكن من الحصول على المزيد من الأموال، في وقت تتوقع فيه موازنة العام الحالي عجزا بقيمة تزيد على 21 مليار دولار.
وأطلق البنك المركزي العراقي في مايو الماضي، عملية بيع لسندات محلية بقيمة تعادل نحو 1.29 مليار دولار، لكنه لم يعلن حتى الآن عن حجم الإقبال عليها في ظل انهيار ثقة المواطنين بأجهزة الدولة بسبب استشراء الفساد فيها.
ويلقي العراقيون باللوم على الطبقة السياسية في تدمير الاقتصاد العراقي وتبديد مئات المليارات من الدولارات في السنوات الماضية.
وزادت من وطأة الأزمة العقود النفطية المجحفة التي أبرمها حسين الشهرستاني الرئيس السابق للجنة الطاقة الوزارية في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وتعطي العقود لشركات النفـط 21 دولارا مقابل كل برميل، إضافة إلى دفع مصروفات الشركات دون تحديد سقف واضح، الأمر الذي يلتهم معظم عوائد صادرات النفط تقريبا.
ويسعى العراق منذ أشهر لإعادة التفاوض على تلك العقود وتنمية حقول نفطية جديدة. ومن المفترض أن الحكومة كانت ستسدد في العام الماضي نحو 23 مليار دولار نفطا لشركات أجنبية، لكنها لم تستطع توفير إلا نحو 9 مليارات دولار فقط.
وكان العراق وألمانيا أعلنا في منتصف الشهر الماضي، عن توقيع مذكرة تفاهم على قرض بقيمة نصف مليار دولار لمساعدة بغداد في تطوير الصناعات المحلية وتعزيز البنية التحتية.
وأبدت الخارجية العراقية في وقت سابق هذا العام أملا في أن يساعد المجتمع الدولي العراق بمشروع شبيه لمشروع “مارشال”، وهو مشروع ساهم في بناء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
العرب اللندنية