الرباط – منح بنك المغرب المركزي الضوء الأخضر لاستخدام خمسة أنواع من المعاملات المصرفية الإسلامية، معطيا بذلك الموافقة التنظيمية النهائية لإطلاق صناعة التمويل الإسلامي في البلاد.
وذكر البنك، في تعميم نشر في الجريدة الرسمية في عطلة نهاية الأسبوع، أنه سمح بتداول خمسة أنواع شائعة من المعاملات المصرفية الإسلامية هي: المرابحة والمشاركة والإجارة والمضاربة والسلم.
وأوضح أنه وضع قواعد للبنوك التقليدية أيضا لفتح نوافذ لتقديم المنتجات الإسلامية، وذلك ضمن إستراتيجية موسعة يتوخّاها المغرب منذ فترة لرفع مستوى القطاع المالي، باعتباره أحد القطاعات التي يركز عليها لرفع مستوى النموّ وجلب المزيد من الاستثمارات.
ويفرض بنك المغرب على البنوك الإسلامية ألا تتجاوز قيمة التمويلات التي تقدمها حاجز 10 بالمئة من مجموع تمويلات أيّ مؤسسة بنكية تعمل بالبلاد.
وقال عبدالسلام بلاجي، رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، في وقت سابق إن هذه “البنوك ذات شخصية معنوية تعمل مثلها مثل البنوك التقليدية، شريطة أن لا تتعامل بالفائدة أخذا أو عطاء أو هما معا”.
ويتوقع أن يصدر البنك في وقت لاحق هذا الشهر تعميما ثانيا يتعلق بالودائع الاستثمارية التي تمثل الوسيلة الأساسية لتكوين موارد البنوك الإسلامية (البنوك التشاركية)، وخصوصية هذه الودائع أنها تضخّ في مشاريع استثمارية، ما يعني تحمّل الربح أو الخسارة.
بنك المغرب المركزي يسمح بالتعامل بمنتجات المرابحة والمشاركة والإجارة والمضاربة والسلم
ويأتي هذا الإعلان في أعقاب موافقة الحكومة على التعامل بالخدمات المالية الإسلامية بعد دراسة وتحليل قامت بهما لجنة متخصصة في هذا الشأن من ناحية المساهمين والقيمة المُضافة للسوق الوطنية المغربية، إضافة إلى دراسة للمخاطر.
ويرجّح محللون اتساع خيارات تمويل هذه البنوك مستقبلا، في ظل مساعي الحكومة لتقليص الاقتصاد الموازي، من أجل تطوير الصيرفة الإسلامية أكثر وضمان استدامته.
ويدخل المغرب بهذه الخطوة عصرا جديدا في هذا المجال، حيث سيتم تأسيس بنوك وشركات تأمين إسلامية في ظل التشريع الجديد الذي يسمح لهذه المؤسسات بدخول السوق المحلي.
ولمرافقة انطلاق التمويلات البنكية الإسلامية واستدامتها، فإن المجلس العلمي الأعلى أحدث لجنة مركزية سميت بـ“لجنة شرعية للمالية التشاركية”، للإشراف على القطاع الجديد.
وقال بنك المغرب إن “أيّ معاملة مصرفية سوف تخضع لموافقة مبدئية من الهيئة الشرعية التي تسمى اللجنة الشرعية للمالية التشاركية”.
وأشارت دراسة أنجزتها مؤسسة تومسون رويترز قبل أشهر إلى أنه من المتوقع أن تمثل قيم أصول البنوك الإسلامية ما بين 3 بالمئة و5 بالمئة من إجمالي أصول القطاع البنكي المغربي بحلول العام المقبل، وتقدّر النسبتان المذكورتان بين 5.2 و8.6 مليار دولار.
ولوقت طويل كان المغرب يرفض السماح للبنوك الإسلامية بالعمل على أراضيه بسبب مخاوف بشأن الحركات الإسلامية، لكن سوقه المالية تفتقر السيولة والمستثمرين الأجانب وكلاهما قد يجتذبه التمويل الإسلامي.
8.6 مليار دولار، قيمة أصول البنوك الإسلامية المغربية بحلول عام 2018، بحسب تومسون رويترز
وكان البنك المركزي منح موافقته لثلاثة بنوك مغربية كبرى على فتح بنوك إسلامية تابعة لها هي بنك التجاري وفا والبنك المغربي للتجارة الخارجية لأفريقيا والبنك الشعبي المركزي، وكذلك بنوك صغيرة مثل كريدي أغريكول وبنك القرض العقاري والسياحي.
ولا يقتصر الأمر على البنوك المحلية، حيث يثير هذا التوجه اهتمام العديد من المؤسسات الدولية أيضا، لعقد شراكات في ما بينها، فقد أبرم بنك قطر الدولي اتفاقية شراكة مع بنك القرض العقاري والسياحي المغربي لتأسيس بنك إسلامي اتفق على تسميته “أمنية بنك”.
وقال أحمد رحو، رئيس مجموعة القرض العقاري والسياحي المصرفية المغربية في مؤتمر صحافي قبل أيام “لقد اخترنا اسم الشركة كما وضعنا اللمسات الأخيرة على ملفها وأرسلناه لبنك المغرب. ونحن مستعدون لبداية العمل حالما نحصل على الضوء الأخضر”.
كما أبدت بنوك إماراتية وكويتية وبحرينية رغبة في دخول هذا القطاع المالي، والذي ينتظر أن يستقطب فئة تمتنع عن التعامل مع البنوك التقليدية لاعتبارات دينية متصلة بالابتعاد عن التعامل الربوي.
وحصلت مؤسسات مالية أخرى تابعة لبنوك سوسيتيه جنرال الفرنسي والبنك المغربي للتجارة والصناعة ومصرف المغرب على موافقة المركزي على تقديم الخدمات المالية الإسلامية. ووضع التعميم الشروط والـطرق التنظيمية للبنوك لإدارة الودائع والأموال والاستثمارات، وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية.
وتخطط الحكومة المغربية لإصدار أول سندات إسلامية لها في السوق المحلي في النصف الأول من العام الجاري وهو ما يقول الخبراء إنه سيكون تنشيطا لهذه السوق، إلا أن البرلمان لم يوافق بعد على تشريع لتنظيم نشاط التأمين الإسلامي.
وتفاوتت ردود الفعل في المغرب تجاه تطبيق القرار الخاص بإنشاء البنوك ذات المعاملات الإسلامية لأول مرة في تاريخ البلاد، ففي حين يرى اقتصاديون أن هذا القرار سيفتح آفاقا جديدة لنمو الاقتصاد المغربي، تتباين آراء المواطنين حول ذلك.
العرب اللندنية