دمشق- تتجه الأمور في سوريا نحو المزيد من التصعيد بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا وإيران ونظام الأسد من جهة ثانية، على خلفية اتهام واشنطن لدمشق بالتخطيط لاستخدام الكيمياوي مجددا، محذرة إياها من دفع الثمن باهظا في حال أقدمت على ذلك.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية الثلاثاء أن التحذير الذي وجهته الولايات المتحدة الاثنين إلى الجيش السوري، يعود إلى نشاط مشبوه لهذا الجيش رصد في قاعدة الشعيرات الجوية السورية التي سبق وأن قصفها الجيش الأميركي في أبريل الماضي.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيس “رصدنا نشاطا في قاعدة الشعيرات (…) ما يؤشر إلى استعدادات لاستخدام محتمل لأسلحة كيمياوية”. وتابع المتحدث “نشير إلى طائرة محددة ومرآب محدد، نعرف أنهما مرتبطان باستخدام أسلحة كيمياوية”.
وفي وقت لاحق أطلت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارا ساندرز مؤكدة أن ما تم الكشف عنه هو نتاج عمل جميع الجهات الأميركية “المعنية” الممثلة في وزارة الدفاع ووزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه). في تصريح فهم أنه لدحض الأنباء التي تتحدث عن انقسام بين هاته الأطراف حيال المسألة.
ويرى محللون أن النبرة الحازمة لواشنطن حيال دمشق، تؤكد مجددا حقيقة أنها غادرت دائرة “الحياد السلبي” في سوريا، وأنها لن تتوانى عن تسديد المزيد من الضربات الموجعة للجيش السوري والميليشيات الداعمة له برغم التحذيرات الروسية التي على ما يبدو لم تعد تعطي مفعولها.
ونددت روسيا الثلاثاء بالتحذير الأميركي لدمشق من أنها ستدفع “ثمنا باهظا” إذا نفذت أي هجوم بأسلحة كيمياوية ورفضت تأكيدات البيت الأبيض بأنه يجري التحضير لهجوم باعتبارها “غير مقبولة”.
الوضع في سوريا ينزلق نحو الأسوأ، في ظل سعي حثيث للنظام وداعمته إيران خاصة للتقدم في دير الزور وفي الجنوب
ويصف مسؤولون روس في أحاديثهم الخاصة الحرب الدائرة في سوريا بأنها أكبر مصدر للتوتر بين موسكو وواشنطن وزاد الهجوم الصاروخي الذي أمر به الرئيس دونالد ترامب في أبريل من مخاطر المواجهة بينهما.
وفي السابع من أبريل الماضي أطلقت الولايات المتحدة 59 صاروخا من نوع توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية قرب حمص في وسط سوريا. ومن هذه القاعدة انطلق قبل أيام، حسب تأكيدات واشنطن، الهجوم الكيمياوي على مدينة خان شيخون في محافظة أدلب في شمال غرب البلاد.
وتؤكد منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية أن غاز السارين استخدم في الهجوم على خان شيخون. وأعاد المتحدث جيف ديفيس التذكير بأنه سبق للنظام السوري أن استخدم غاز السارين “إلا أنه يملك أيضا عناصر أخرى”.
ويرى مراقبون أن الوضع في سوريا ينزلق نحو الأسوأ، في ظل سعي حثيث للنظام وداعمته إيران خاصة للتقدم في دير الزور وفي الجنوب، وهو أمر لن تقبل به الولايات المتحدة، أبدا وجميع الخيارات للحيلولة دونه مطروحة.
ويقول مراقبون إن روسيا تراقب بقلق هذا الوضع الذي سيجعلها في موقف صعب، فهي من جهة لا تريد بالمطلق الدخول في مواجهة مباشرة مع الأميركيين، لأن ذلك سيكلفها الكثير ومن جهة أخرى هي تعتبر أن استهداف النظام السوري وإعادة تحجيمه في مناطق محددة هو بمثابة استهداف لنفوذها في سوريا.
ويستدل هؤلاء في تحليلهم بالتهديدات والتحذيرات التي يطلقها الروس بعد كل ضربة جوية أميركية للنظام وآخرها إسقاط مقاتلة سورية في الرقة، حيث أعلنت موسكو وقف التعامل بمذكرة التفاهم الجوي، ولكن مسؤولين أميركيين أكدوا استمرار التنسيق في الأجواء السورية.
وبالتزامن مع التحذيرات الأميركية قام الرئيس السوري بشار الأسد الثلاثاء وللمرة الأولى بزيارة لقاعدة حميميم العسكرية الروسية في محافظة اللاذقية الساحلية في غرب سوريا، بحسب ما ذكرته صفحة الرئاسة السورية على موقع فيسبوك. واتخذت روسيا منذ بدء حملتها الجوية الداعمة للجيش السوري في 30 سبتمبر 2015، من حميميم قاعدة جوية لقواتها.
وخلال جولته في القاعدة، كتب الأسد في سجل زوار حميميم “بكل سعادة وفخر أزور اليوم قاعدة حميميم العسكرية، وألتقي بالمقاتلين والطيارين الأبطال القادمين من جمهورية روسيا الاتحادية”.
وأضاف “لقد قدّمت روسيا السلاح والذخيرة لدعم سوريا في حربها ضد الإرهاب، ولكن الأهم هو أنها قدمت الدماء أيضاً”. وأظهرت صور نشرتها صفحة الرئاسة الأسد على متن مقاتلة من طراز “سوخوي 35” مرتديا بزة رسمية.
وتأتي زيارة الأسد إلى حميميم بعد يومين على زيارة له إلى مدينة حماة (وسط) حيث أدى صلاة عيد الفطر، وقام من بعدها بجولة في مناطق عدة في المحافظة، في محاولة منه لإظهار أن الأمور تسير لصالحه وأنه بات يتحرك بحرية.
العرب اللندنية