التطبيع يسهل طريق السعودية إلى اتفاق نووي مع واشنطن

التطبيع يسهل طريق السعودية إلى اتفاق نووي مع واشنطن

واشنطن – يزور مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان السعودية في مطلع هذا الأسبوع لإجراء محادثات من المتوقع أن تتناول اتفاق تعاون نووي مدني، وهو جزء من ترتيب أوسع تأمل واشنطن أن يؤدي إلى تطبيع العلاقات الإسرائيلية – السعودية.

وظل الأميركيون يعارضون حصول السعودية على دعم لإنجاز برنامج نووي خاص بها ضمن مسار إقليمي يتسم بالسباق نحو النووي بسبب البرنامج الإيراني. ويمكن أن يوافق الأميركيون على التعاون، لكن يرجح أن يضعوا الكثير من العراقيل أمام المملكة لحسابات أميركية خاصة وكذلك بسبب اعتراض إسرائيل. وربما يكون الحديث عن اتفاق مع السعودية مجرد تصريحات عامة لتشجيعها على التطبيع مع إسرائيل.

وظل سعي السعودية لتخصيب اليورانيوم نقطة شائكة في المحادثات بينها وبين الولايات المتحدة وإسرائيل، ما دفعها إلى توطيد علاقاتها مع الصين للحصول على ما تريده. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في أغسطس الماضي، يدرس السعوديون عرضا صينيا لبناء محطة طاقة نووية مدنية في المملكة. وكان الاتجاه نحو بكين رسالة تهدف إلى الضغط على البيت الأبيض لمنح تنازلات بشأن أهداف الرياض في مجال الطاقة النووية.

فيما يلي وصف للقضايا الرئيسية التي ينطوي عليها الاتفاق النووي المدني الأميركي – السعودي، وما هي المخاطر والفوائد التي قد يقدمها للبلدين، وكيف يتناسب مع الجهود الأميركية للتوسط في المصالحة الإسرائيلية – السعودية.

◙ سعي السعودية لتخصيب اليورانيوم نقطة شائكة في المحادثات بينها وبين الولايات المتحدة وإسرائيل، ما دفعها إلى توطيد علاقاتها مع الصين للحصول على ما تريده

بموجب المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأميركي لعام 1954، يجوز للولايات المتحدة التفاوض إزاء اتفاقات للمشاركة في تعاون نووي مدني مهم مع دول أخرى. ويحدد القانون تسعة معايير لمنع الانتشار يجب على تلك الدول الوفاء بها لمنعها من استخدام التكنولوجيا في تطوير أسلحة نووية أو نقل مواد حساسة إلى آخرين.

وينص القانون على مراجعة الكونغرس لمثل هذه الاتفاقات. وباعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، لا تبدو السعودية للوهلة الأولى مرشحا بارزا لإبرام مثل هذا الاتفاق النووي الذي يهدف عادة إلى بناء محطات الطاقة لتوليد الكهرباء. لكن يوجد سببان وراء رغبة الرياض في القيام بذلك.

الأول هو أنه بموجب رؤية السعودية 2030 الطموحة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تسعى المملكة إلى توليد كمّ ضخم من الطاقة المتجددة وكذلك إلى خفض الانبعاثات. ومن المتوقع أن يعتمد البعض من ذلك على الأقل على الطاقة النووية. ويشير منتقدون إلى سبب محتمل ثان هو أن الرياض ربما ترغب في تطوير الخبرة النووية في حالة رغبتها يوما ما في الحصول على أسلحة نووية على الرغم من ضمانات حظر ذلك والتي سيتم التنصيص عليها في أيّ اتفاق.

وسبق أن قال ولي العهد السعودي إنه إذا طورت إيران سلاحا نوويا، فإن المملكة ستحذو حذوها، وهو الموقف الذي يثير قلقا عميقا بين مناصري الحد من انتشار الأسلحة وبعض أعضاء الكونغرس الأميركي في ما يتعلق بالاتفاق النووي المدني المحتمل بين الولايات المتحدة والسعودية.

ولئن كان من غير المرجح أن تسمح الولايات المتحدة للسعودية بتخصيب اليورانيوم، فإن الرياض لا يبقى لها خيار آخر غير المطالَبة بضمانات أمنية أميركية ملموسة تكون رادعا لحماية النفس من التهديد النووي الذي تفرضه إيران التي لم تبد أيّ اهتمام بالتخلي عن حقوق التخصيب في المحادثات النووية مع الغرب.

ولم تخف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أملها في التوسط في ترتيب طويل الأمد ومتعدد الأجزاء يقود السعودية وإسرائيل نحو تطبيع العلاقات. وتعتقد الإدارة أن الدعم السعودي للتطبيع ربما يتوقف جزئيا على إبرام اتفاق نووي مدني.

وتتمثل الفوائد الإستراتيجية في دعم أمن إسرائيل وبناء تحالف أوسع في مواجهة إيران وتعزيز العلاقات الأميركية مع واحدة من أغنى الدول العربية في وقت تسعى فيه الصين إلى توسيع نفوذها في الخليج. وتجاريا سيكون قطاع الصناعة الأميركي في موقع رئيسي للفوز بعقود بناء محطات الطاقة النووية السعودية إذ تتنافس شركات الطاقة النووية الأميركية مع نظيراتها في روسيا والصين ودول أخرى على الأعمال التجارية العالمية.

◙ التطبيع الأوسع بين إسرائيل والسعودية لا يزال بعيد المنال، وينظر إليه باعتباره جزءا من “الصفقة الكبرى” في الشرق الأوسط

ولا يمكن تصور إبرام مثل هذا الاتفاق في ظل احتدام الحرب في غزة. ومن الصعب تصور أن السعوديين مستعدون لتطبيع العلاقات بينما يتواصل سقوط قتلى من الفلسطينيين بأعداد كبيرة.

وتأمل الولايات المتحدة في إيجاد سبيل لمنح السعودية عددا من مطالبها، مثل اتفاق نووي مدني وضمانات أمنية ومسار نحو إقامة دولة فلسطينية، في مقابل موافقة الرياض على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقالت سبعة مصادر مطلعة لرويترز هذا الشهر إن الإدارة الأميركية والسعودية تضعان اللمسات النهائية على اتفاق بشأن ضمانات أمنية أميركية وتوفير مساعدات نووية مدنية للرياض.

لكن التطبيع الأوسع بين إسرائيل والسعودية لا يزال بعيد المنال، وينظر إليه باعتباره جزءا من “الصفقة الكبرى” في الشرق الأوسط. لكن، ما هي المسائل الرئيسية التي يجب تسويتها ضمن الاتفاق النووي السعودي – الأميركي؟

إحدى المسائل الرئيسية هي ما إذا كانت واشنطن ستوافق على بناء منشأة لتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، ومتى يمكنها أن تفعل ذلك، وما إذا كان يمكن لموظفين سعوديين دخولها، أم أنها ستدار من موظفين أميركيين فقط في سياق ترتيب يتيح سيطرة أميركية حصرية على المشروع؟

ودون ضمانات ينص عليها مثل هذا الاتفاق سيكون بإمكان السعودية، التي تمتلك خام اليورانيوم، من الناحية النظرية استخدام منشأة التخصيب لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب الذي إذا جرت تنقيته بدرجة كافية فإنه قد ينتج المواد الانشطارية اللازمة لصنع القنابل.

وهناك مسألة أخرى تتمثل فيما إن كانت الرياض ستوافق على ضخ استثمارات سعودية في محطة لتخصيب اليورانيوم مقرها الولايات المتحدة وتكون مملوكة للولايات المتحدة، أو ما إذا كانت ستوافق على تعيين شركات أميركية لبناء مفاعلات نووية سعودية.

العرب