أربيل – أجرت الولايات المتحدة اتصالات مكثفة بطرفي النزاع في بغداد وأربيل بغاية وقف الاشتباك بالشروط القائمة، وأن تكتفي القوات العراقية بما استعادته من مناطق كان الأكراد قد حصلوا عليها بعد 2014، لكن إيران وتركيا تدفعان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى توسيع دائرة المكاسب بالسيطرة على المنافذ الحدودية وآخرها فيشخابور الاستراتيجي والواقع على رأس مثلث بين الأراضي التركية والعراقية والسورية.
وقالت مصادر دبلوماسية عراقية إن الولايات المتحدة “تدخلت بقوة”، الجمعة، لفرض وقف لإطلاق النار بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية، بعد قتال دام بين الطرفين في مناطق على الشريط الحدودي للإقليم.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان الجمعة إنه أمر بإيقاف حركة القوات العسكرية لمدة 24 ساعة ضد القوات الكردية في شمال العراق.
وقالت المصادر لـ”العرب”، إن مسؤولين في السفارة الأميركية في بغداد وممثلين أميركان في التحالف الدولي، أجروا اتصالات مكثفة، مساء الخميس وفجر الجمعة، لحث حكومتي المركز والإقليم على وقف إطلاق النار، بعد جولات متقطعة من القتال في مناطق مخمور وربيعة المتنازع عليها في محافظة نينوى، والتي تقع بمحاذاة محافظتي أربيل والسليمانية، ضمن حدود إقليم كردستان.
وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن “واشنطن تدخلت بعدما لمست مؤشرات واضحة على إمكانية اندلاع قتال طويل الأمد بين حليفين رئيسين لها في الحرب على داعش، هما رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني”.
وتضيف أن “واشنطن تدخلت في كردستان على مستويين؛ الأول تطمين القيادة الكردية بأن بغداد لا تنوي تهديد أربيل عسكريا، والثاني لتشجيع الساسة الأكراد على مناقشة فكرة تخلي البارزاني عن موقعه السياسي الحالي، لفسح المجال أمام مفاوضات هادئة مع بغداد”.
وهاتف وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مؤكدا “موقف بلاده الداعم لوحدة العراق وتفهمها لفرض السلطة الاتحادية في محافظة كركوك وبقية المناطق”.
وكان تيلرسون أجرى مكالمة مع البارزاني في وقت سابق. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناويرت، إن الوزير الأميركي حث العبادي والبارزاني على “البدء بالحوار وتحديد موعد زمني لذلك”.
وقال المكتب الإعلامي للتحالف الدولي المناهض لداعش الذي تقوده الولايات المتحدة إن القوات العراقية توصلت الجمعة إلى اتفاق مع مقاتلي البيشمركة لوقف القتال. وذكر متحدث باسم التحالف في بغداد إن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل جميع الجبهات.
لكن مراقبين عراقيين لفتوا إلى أن مساعي الولايات المتحدة للتهدئة على قاعدة تثبيت المكاسب الحالية للحكومة الاتحادية قوبلت بمساع إيرانية وتركية متضادة تماما تشجع رئيس الوزراء العراقي على الاستمرار في حملته العسكرية لتحقيق مكاسب أوسع، مستفيدا من التراجع الكردي السياسي والعسكري، ومن الحياد الأميركي.
وأشار المراقبون إلى أن الأحزاب الدينية الموالية لإيران، ممثلة في ميليشيا الحشد الشعبي، تضغط لخنق الأكراد ماليا واقتصاديا بعد تثبيت واقع الهزيمة العسكرية على الأرض، وهذا ما يفسر بالسباق مع الوقت للسيطرة على المعابر وإحكام تطويق الإقليم والتحكم بحركة تصدير النفط.
وأمهلت القوات العراقية الجمعة مقاتلي البيشمركة الأكراد “ساعات” للانسحاب من منطقة حدودية مع تركيا يمرّ من خلالها أنبوب نفطي.
وقال مسؤول أمني عراقي إنه تم إمهال القوات الكردية ساعات للانسحاب من مواقعها في منطقة فيشخابور الواقعة على رأس مثلث بين الأراضي التركية والعراقية والسورية، والتي تعتبر استراتيجية خصوصا للأكراد.
وسيطرت قوات البيشمركة الكردية على خط أنابيب النفط الممتد من محافظة كركوك مرورا بالموصل في محافظة نينوى الشمالية، في أعقاب الفوضى التي تبعت الهجوم الواسع لتنظيم الدولة الإسلامية قبل ثلاث سنوات.
ورغم استعادة القوات العراقية لجميع الحقول النفطية في محافظة كركوك الغنية بالنفط والمناطق المتنازع عليها مع أربيل، فإنها غير قادرة على تصدير النفط عبر الأنابيب الشمالية بسبب الأضرار التي لحقت بها إثر العمليات العسكرية ضد الجهاديين، وأيضا لمرورها عبر أراض خاضعة لسلطة كردستان.
وأقدمت السلطات الكردستانية نهاية العام 2013 على مد خط مواز إلى نقطة الالتقاء في منطقة فيشخابور مرورا بأربيل ودهوك، قطعت بموجبه الأنبوب الممتد من كركوك، وربطت الخط الجديد بالأنبوب العراقي الذي تمرّ عبره جميع الصادرات العراقية النفطية الشمالية إلى ميناء جيهان التركي.
ولفت المسؤول العراقي إلى أن “فصائل كردية انفصالية تستميت في القتال دفاعا عن المنطقة الواقعة شمال ناحيتي زمار وربيعة، لقربها من حقلي الرميلان وكراتشوك النفطيين في سوريا”.
وأشار إلى أنه يتم “شراء النفط السوري عبر هذه المنطقة من عناصر حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، لعدم وجود منفذ لتهريب النفط إلى تركيا من جهة سوريا”.
ووفقا للمسؤول نفسه، فإن الأكراد السوريين “يبيعون النفط عبر الشاحنات التي تمر من قرية المحمودية (العراقية) التي لم يسمح لسكانها بالعودة إليها منذ دخول البيشمركة إلى المنطقة”.
العرب اللندنية