دبي/لندن – رويترز: يأمل المستثمرون أن تكون الحملة الكاسحة على الفساد التي بدأت يوم السبت التي طالت بعضا من كبار الساسة ورجال الأعمال في السعودية بادرة على الإصلاح، لكن المستثمرين في السندات السعودية يخشون على استقرار المملكة.
فقد استردت الأسهم السعودية بعض ما خسرته بعد موجة عمليات التوقيف في مطلع الأسبوع، غير أن السندات تعرضت لضغوط إذ راح المستثمرون يقلبون الرأي فيما ستأتي به الأيام المقبلة للمملكة.
كانت السعودية قد شرعت قبل 16 شهرا في تطبيق برنامج إصلاح طموح، يشمل إصلاحات في ميزانية الدولة، وبرنامج خصخصة هائل، وذلك في محاولة لإعادة توجيه اقتصادها الذي يبلغ حجمه 690 مليار دولار، بعيدا عن الاعتماد على النفط، ومن أجل استمالة المستثمرين.
وقال روي شيب، مدير محافظ سندات الأسواق الناشئة في شركة «إن.إن.آي.بي» التي تستثمر في السندات السعودية «في أوقات التغيرات الجذرية من المتوقع ألا تكون المسيرة سلسة. فهذا لا يحدث قط».
وأضاف «غير أن فكرة أن دولا مثل السعودية لا يمكنها أن تسير على النهج القديم إلى ما لا نهاية، بل يتعين عليها أن تتحرك لتنويع موارد اقتصادها ومصادر الدخل المستقبلية فكرة تلقى الترحيب».
وقد هزت حركة التطهير أسواق الأسهم السعودية في الساعات الأولى من التداول يوم الأحد الأحد الماضي، إذ خشي بعض المستثمرين أن يتلقى بعض المعتقلين في الحملة أوامر بالتخلص مما يملكون من حصص أسهم.
غير أن الأسهم انتعشت في وقت لاحق إذ اعتبر التحرك الحكومي خطوة لتدعيم سلطة ولي العهد وقدرته على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
وقالت فابيانا فيديلي، رئيسة قسم الأسهم الأساسية العالمية في شركة «روبيكو» الهولندية «هذا تطور إيجابي … ونحن ننظر إليه في إطار تحول السعودية إلى اقتصاد أكثر حداثة». وأضافت «في هذه المرحلة يحتاج المرء لتفسير الشك لصالحهم، لأن هذه الخطوة الأخيرة ستصب أيضا في هذا الاتجاه (نحو التحديث). غير أننا في حاجة إلى مزيد من التوضيح لما يحدث».
وقال حسنين مالك، الرئيس العالمي لأبحاث الأسهم في بنك الاستثمار «أكزوتيكس كابيتال»، أنه يوافق على ضرورة تدعيم السلطة على الأقل في الأجل القصير. وأضاف «فيما بعد سيحدد الأداء الاقتصادي في نهاية الأمر مدى تخفيف القبضة على السلطة».
غير أن المستثمرين في السندات كان لهم رأي فيه قدر أكبر من الحذر. فقد تعرضت السندات الدولارية السعودية لضغوط، وكذلك كلفة التأمين على السندات، من احتمال التخلف عن السداد والتي تبرز مخاطر الاستثمار في السندات. وزادت العوائد على سندات مقومة بالدولار بقيمة 6.5 مليار دولار تستحق في عام 2046 نحو ثماني نقاط أساس. وارتفعت تكلفة التأمين على الديون السعودية لأجل خمس سنوات بنحو نقطتين فقط في الساعات الأولى من التداول أمس، إذ بلغت 84 نقطة أساس ارتفاعا من 82 نقطة أساس عند الإغلاق يوم الجمعة، أي أنها ظلت أقل بكثير من مستوى 117 نقطة أساس الذي بلغته في يوليو/تموز وذلك وفقا لبيانات «آي.اتش.إس ماركت».
وقال ماركوس شينيفكس، محلل أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «تي.إس لومبارد» للسمسرة «هذا الأمر يتعلق بعدم الاستقرار السياسي لا بالفساد»، مضيفا أن اعتقال الأمير الوليد «مدعاة لقلق شديد». وأضاف «ما يوضحه ذلك للمستثمرين هو أنه لا يمكن تجاهل السياسة السعودية. وهذا مقلق لأن السياسة السعودية صندوق أسود».
وفي ضوء نقص التفاصيل عن عمليات التوقيف مع اتساع نطاق الحملة يتوقع بعض مديري الصناديق ألا تتحسن السندات السعودية. وقالت جانيل وودوارد، الرئيسة ومديرة المحافظ في شركة «تابلين كانيدا أند هباشت» التابعة لمجموعة «بي.إم.أو فاينانشال غروب» المستثمرة في السندات السعودية «من المرجح أن تتسع فوارق (العوائد) مع ترقب المستثمرين لتفاصيل إضافية عن الاعتقالات».
غير أن آخرين، مثل كارمن ألتنكيرش، محللة الديون السيادية للأسواق الناشئة لدى «أكسا انفستمنت مانجرز» لإدارة الاستثمارات، يرون أن الوقت قد حان للتطلع إلى ما وراء الأحداث الجارية.
وقالت ألتنكيرش في مذكرة للعملاء «في حين أن النهج العاصف الذي ينتهجه الأمير الشاب إزاء السياسة ربما يكون غير مريح لمن اعتادوا على شكل أكثر حذاقة من المناورة السياسية، فإن الحملة على الفساد ليست سوى القطعة التالية في الأحجية التي يجب أن توصل الأمير البالغ من العمر 32 عاما في نهاية الأمر إلى السلطة عندما يتنازل الملك عن العرش». كما شهد الريال السعودي بعض الضعف في أسواق المعاملات الآجلة إذ انخفض في المعاملات لأجل 12 شهرا مقابل الدولار الأمريكي فبلغ مؤشره 183 نقطة مقابل 129 نقطة الأسبوع الماضي.
وقد جاءت حملة التطهير بعد أسبوعين تقريبا من استضافة السعودية مؤتمرا استثماريا رئيسيا في الرياض أعلنت فيه عن مشروعات جديدة ضخمة وشراكات اقتصادية في إطار مساعيها لتنويع موارد الاقتصاد بعيدا عن النفط.
ويقول رضا أغا، كبير الاقتصاديين المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مؤسسة «في.تي.بي كابيتال» ان استهداف شخصيات مرموقة في مجتمع الأعمال قد يعرقل نمو الاقتصاد السعودي غير النفطي، وينطوي على «تداعيات يحتمل أن تكون سلبية على خطط التنويع التي تعتمد اعتمادا كبيرا على القطاع الخاص السعودي».
القدس العربي