القاهرة – كشفت قروض المؤسسات الدولية لمصر من أجل إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة عن وجه يستهدف تعزيز تواجد استثمارات الدول التي تتحكم في تلك المؤسسات بالسوق المحلية وفتح فرص تصديرية أكبر للشركات الأجنبية العاملة بالبلاد.
ووقعت القاهرة ثلاث اتفاقيات مؤخرا بقيمة 1.36 مليار دولار مع البنك الآسيوي وبنك التعمير الأوروبي ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي لتمويل أكبر محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بالبلاد في منطقة “بنبان” بمحافظة أسوان جنوب البلاد.
ورصد البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية قرضا بقيمة 210 ملايين دولار ضمن حزمة تمويل وقعتها الحكومة المصرية للمساهمة في بناء 11 محطة بقدرة إجمالية تبلغ 490 ميغاواطا في منطقة “بنبان”.
وتعد مصر أول دولة يقوم البنك الآسيوي بتمويل مشروعات بها من خارج قارة آسيا، منذ تأسيسه عام 2014 برأس مال قيمته 100 مليار دولار بمبادرة صينية، وتسعى بكين إلى أن يكون بديلا للبنك الدولي.
وعانت مصر خلال 2012 و2013 من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي عن غالبية المحافظات، نتيجة تهالك الشبكات، واستطاعت في العام 2014 حل جزء كبير من الأزمة حتى تلاشت تقريبا الآن، بعد توقيع سلسلة من العقود مع شركات دولية، في مقدمتها “سيمينز” الألمانية.
ويقول مستثمرون في قطاع الطاقة البديلة إن الهدف من القرض الآسيوي زيادة نفوذ الشركات الصينية التي تعمل في مجال تصنيع محطات الطاقة الشمسية.
وأكد مجدالدين المنزلاوي رئيس جمعية مستثمري الطاقة الجديدة والمتجددة لـ“العرب” أن بكين تسعى للاستفادة من الاستثمارات الكبيرة التي ترصدها مصر في هذا المجال من خلال الحزم التمويلية، التي تشترط استيراد مصر للمحطات الصينية مقابل الحصول على التمويل.
وتستورد الشركات المصرية محطات ومستلزمات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية من الولايات المتحدة وألمانيا، وعدد من الدول الأوروبية، بعيدا عن التكنولوجيا الصينية.
وائل النشار: عراقيل حالت دون تأمين إنتاج 2300 ميغاواط كهرباء من الطاقة الشمسية
ودعمت مؤسسة التمويل الدولية الحكومة المصرية بحزمة اتفاقيات بقيمة 653 مليون دولار لتمويل بناء 13 محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بمجمع “بنبان”، الذي ينتج نحو 752 ميغاواطا.
ويشير البعض إلى أن المحطة باتت في صدارة الإنتاج على مستوى العالم من مجمع موحد للطاقة الشمسية.
وتستهدف مصر من خلال المشروع توليد نحو 20 بالمئة من احتياجات الكهرباء من الموارد المتجددة بحلول 2022.
وتسعى وزارة التعاون الدولي للحصول على شريحة قرض جديد من البنك الدولي بقيمة مليار دولار خلال ديسمبر المقبل، ضمن قرض قيمته 3 مليارات دولار.
وتصل القدرة الإنتاجية لمصر من الكهرباء سنويا إلى نحو 3200 ميغاواط، كما تحتاج القاهرة إلى نحو 7500 ميغاواط حتى عام 2025 لمواجهة الزيادة السكانية والتوسعات الاستثمارية بما يعادل زيادة في الطاقة الإنتاجية من الكهرباء بنسبة تتجاوز 130 بالمئة.
ويستهلك القطاع التجاري 12.9 بالمئة من الكهرباء بينما تستهلك الصناعة 26.2 بالمئة و4.5 بالمئة للزراعة، في حين تستهلك المباني الحكومية والإنارة العامة نحو 12.5 بالمئة.
وأوضح وائل النشار رئيس مجموعة “أونيرا سيستمز” أن مصر كانت تستهدف إنتاج 2300 ميغاواط من الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية خلال العامين الماضيين، لكنها فشلت في تحقيق الهدف بسبب المعوقات التي واجهت المرحلة الأولى من مشروع “بنبان”.
وانسحبت مؤسسة التمويل الدولية من تمويل المرحلة الأولى من المشروع، وعادت مجددا بعد أن حلت القاهرة مشكلة التحكيم التجاري حال نشوب خلافات، واستجابت لمطالب المؤسسة وسمحت بأن يكون التحكيم طبقا للقواعد الدولية بمصر وليس للقانون المحلي.
وقال النشار لـ“العرب” إن “الاستهلاك المنزلي في مصر يستحوذ على 50 بالمئة من الطاقة المنتجة، وبالتالي فإن المشكلة الكبرى تتمثل في عمليات ترشيد استهلاك هذا القطاع”.
وأشار إلى أن التجربة الألمانية في الطاقة الشمسية اعتمدت على منح حوافز للأفراد لإنتاج الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية من فوق أسطح المنازل، وهو الأمل الوحيد أمام مصر للاستفادة من مقومات نجاح تلك التجربة.
ولفت إلى أن المستوى العادل الذي يشجع الأفراد على الدخول في هذا النشاط هو رفع سعر التعريفة بنحو 27.5 بالمئة لتصبح جاذبة للاستثمار وحتى تستوعب التضخم الذي شهده سعر صرف الدولار في السوق الرسمية بالبنوك بعد تحرير سعر الصرف.
وكشفت دراسة لمشروع تحسين كفاءة الطاقة التابع لوزارة الكهرباء وبرنامج الأمم المتحدة أن مصر يمكنها توفير نحو 1.12 مليار دولار سنويا، حال تطبيق نظم جديدة لترشيد استهلاك الطاقة واستخدام أجهزة كهربائية عالية الكفاءة.
العرب اللندنية