التحدي الأكبر أمام الحريري بناء مشروع للتغيير في لبنان والنضال لأجله من الداخل

التحدي الأكبر أمام الحريري بناء مشروع للتغيير في لبنان والنضال لأجله من الداخل

بيروت – تعتقد قيادات سياسية أن دور رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري يجب أن يتركز على تطوير أداء تيار المستقبل ليخرج من لعبة تبادل المنافع الجزئية على قاعدة الطائفة، في مشهد لبناني مبني على المحاصصة، ويتحول إلى مشروع سياسي للتغيير في لبنان يتبناه الحريري ويشتغل عليه.

وقال مقربون من الحريري إن غياب هذا المشروع سيجعل زعيم تيار المستقبل مجرد سياسي منفي ستذهب عنه الأضواء بعد فترة ويلفه النسيان، وقد عاش هو شخصيا هذه التجربة من قبل في باريس.

وأضاف هؤلاء أن مشروع التغيير الذي يفترض أن يتبناه الحريري يجب أن يكون قريبا منه ومن قواعده وليس باعتماد المناوشة من بعيد، وهو ما يفسر بيان تيار المستقبل الذي دعا فيه الحريري إلى العودة إلى لبنان.

وقال تيار المستقبل إن عودة الحريري ضرورية “لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية”.

ومن شأن هذه العودة أن تسكت الإشاعات التي يطلقها حزب الله والتي بدأت شخصيات لبنانية مختلفة في ترديدها بمن في ذلك السياسي الدرزي البارز وليد جنبلاط الذي قال الجمعة إن الوقت حان لعودة سعد الحريري الذي استقال من منصبه رئيسا لوزراء لبنان السبت الماضي أثناء وجوده في السعودية.

وفي تغريدة على تويتر قال جنبلاط “بعد أسبوع من إقامة جبرية كانت أو طوعية آن الأوان لعودة الشيخ سعد والاتفاق معه على استكمال مسيرة البناء والاستقرار. وبالمناسبة لا بديل عنه”.

ويعتقد متابعون للشأن اللبناني أن قول جنبلاط إن الحريري لا بديل عنه رسالة واضحة مفادها أن على رئيس الحكومة المستقيل أن يعود إلى لبنان، وأن يبحث عن بناء تيار أكثر تماسكا وتأثيرا وتحالفات تعيد التوازن إلى المشهد الذي يختل كليا لفائدة حزب الله.

ويشير المتابعون إلى أن غياب الحريري من شأنه أن يضعف تيار المستقبل، ويؤثر على حركة الرفض لهيمنة حزب الله، والتي تبدّت في تصريحات أطلقتها شخصيات لبنانية عقب استقالة الحريري رفضت فيها تحكم الحزب في مصير لبنان.

ويذهب هؤلاء إلى أن انسحاب الحريري أو أي شخصية لبنانية معارضة للنفوذ الإيراني من المشهد اللبناني سيتيح لحزب الله السيطرة الكاملة سياسيا على البلاد بعد السيطرة الأمنية، مستفيدا من هشاشة في الطبقة السياسية التي يتخفى الكثير من رموزها وراءه لتثبيت أنفسهم في مواقع متقدمة حتى لو كان الأمر على حساب طوائفهم وشركائهم مثل ما يحصل لرئيس الجمهورية ميشال عون.

وقال مصدر سياسي لبناني إن الرئيس ميشال عون لا يريد أن يفهم معنى استقالة الحريري، لافتا إلى أن عون يتوقف عند الشكليات رافضا الاعتراف بعمق الأزمة التي تكمن في سلاح حزب الله الذي أصبح يهدد السعودية عن طريق الخطابات التي تصدر عن أمينه العام حسن نصرالله في بيروت وعن طريق الصواريخ التي يطلقها الحزب من اليمن في اتجاه الأراضي السعودية بتوجيهات من إيران.

وطالب عون خلال لقائه القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري الجمعة بعودة الحريري. وأعرب الرئيس اللبناني خلال لقاء مع دبلوماسيين “عن قلقه لما يتردد عن الظروف التي تحيط بوضع الرئيس الحريري وضرورة جلائها”.

ومن الواضح أن الحملة التي تتهم السعودية باحتجاز الحريري هدفها التخفيف من وقع الاستقالة وما تعنيه من سقوط التسوية التي مثلت غطاء حكوميا لحزب الله الذي استمر بالتدخل في سوريا واليمن. ومزاعم الحزب بأن الحريري محتجز وضرورة عودته من الرياض هدفها الحفاظ على الحكومة الحالية وتجنب الفراغ السياسي.

وقال نصرالله في خطاب بدا فيه متوترا من وقع الحملة السعودية على دوره وارتباطه بإيران على خلفية استقالة الحريري، “لا نعترف بهذه الاستقالة وعليه أن هذه الحكومة هي حكومة لا زالت قائمة وشرعية وليست حكومة مستقيلة وليست حكومة تصريف أعمال”.

وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن نظيره السعودي عادل الجبير أكد له أن الحريري اتخذ قرار الاستقالة “بإرادته”.

وأضاف أن الولايات المتحدة تراقب الموقف “بعناية شديدة” وتدعم “حكومة لبنان الشرعية” و”تطالب الأطراف الخارجية الأخرى بعدم التدخل في لبنان”.

وأوضح في تصريح للصحافيين “إذا كان سيتنحى كما أفهم الأمر، فعليه العودة إلى لبنان لجعل (الاستقالة) رسمية. آمل أن يفعل ذلك إذا كانت نيته لا تزال التنحي وذلك حتى تتمكن الحكومة اللبنانية من أداء مهامها كما ينبغي”.

العرب اللندنية