ضاقت السبل وتقلصت خيارات الشباب السوري في الهروب من شبح الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، لتتحول الأنظار إلى التطوع في الحرس الثوري الإيراني مقابل الإعفاء من الخدمة ومغريات أمنية ومالية أخرى.
وقال الناشط بحماة نضال الخليل للجزيرة نت إن الحرس الثوري الإيراني في سوريا يتبع إدارته المباشرة بإيران، ومسؤولو هذه المراكز يعتمدون في عمليات تطويعهم للشبّان على الفئة العمرية 17-24 عاما، ومن الطائفة السنية بشكل خاص، مستغليّن ظروف طلبهم للخدمة الإلزامية، وسهولة تغيير معتقداتهم الدينية التي يؤمنون بها ليوجهونهم كما يشاؤون، بالإضافة للناحيتين المالية والأمنية التي تعد مطلبا لكل شاب.
وبحسب الخليل، فإن أشهر تلك المراكز هو مركز “سوا” للتدريب في حي المحافظة في حلب، وكذلك المركز الإيراني -كما هو متعارف عليه- في منطقة السيدة زينب في دمشق، ومركز اللواء 47 أو ثكنة محمد سلمون الذي يقع على طريقحمص حماة على السفح الشمالي لجبل الأربعين في الريف الجنوبي لحماة.
ووفق ما أفادت به مصادر ميدانية من داخل اللواء 47 -رفضت الكشف عن هويتها- فإن اللواء يعد من أهم المراكز الإيرانية وأضخمها على مستوى سوريا، حيث يضم المتطوعين في الحرس الثوري الإيراني من أهالي حماة وحمص، ويشرف عليه ضابط إيراني يدعى “الحاج أبو نداء”.
ويضيف المصدر أن السوري “أبو الخير” (58 عاما) يساعد أبو نداء، وهو من أهالي مدينة مصياف، وقد أنهى وظيفته مساعدا في المخابرات الجوية منذ بداية الثورة بعد انتقائه من قبل قيادات الحرس الثوري الإيراني، إذ تم تشييعه ثم تدريبه على أيديهم، وعقب استلامه إدارة هذا المركز أصبح ذا سلطة نافذة في محافظة حماة، لتضاهي كلمته أي سلطة أمنية فيها.
أسباب متعددة
ولم يُكتفَ بإجبار المتطوعين من أبناء الطائفة السنية على التشيع والهتاف صباحا مساء أثناء تدريباتهم العسكرية باسم الحسن والحسين والسيدة زينب، بل تم إجبارهم أيضا على تشييع أفراد أسرهم؛ ورغم ذلك فإن هذه المراكز ما زالت الخيار الأول والأفضل لآلاف من الشباب السوري، بحسب ما يقول بعض المتطوعين.
يقول أبو عبد الحميد -وهو والد ثلاثة شبّان متطوعين في الحرس الإيراني- إن هذه المليشيات تقدم للمتطوعين عقدا رسميا يضمن الإعفاء من الخدمة الإلزامية بالكامل مقابل تأدية الخدمة فيها لمدة عام ونصف فقط، كما تضمن عدم الاحتفاظ بالمتطوع بعد إنهائه الخدمة، على خلاف قوات النظام التي ما زالت تحتفظ بالآلاف من عناصرها لما يزيد على ستة أعوام.
ويضيف الرجل أن المتطوع يحصل على راتب شهري يقارب 75 ألف ليرة سورية (175 دولارا)، مع بطاقة أمنية تمنع التعرض له من أي فرع أمني، كما أن تأدية الخدمة تتم في المدينة التي يقطن فيها المتطوع، ما لم يتم الدفع به إلى الجبهات الساخنة.
وقد ازدادت أعداد المتطوعين بعد إيقاف التأجيل الدراسي الخاص بدبلوم التأهيل التربوي مع انتهاء الطالب الجامعي من مرحلة البكالوريوس، حيث وقع نحو خمسون ألف طالب جامعي -بحسب إحصائيات النظام- تحت طائلة التخلف عن تأدية الخدمة الإلزامية والمنع من السفر، ليلجؤوا إلى هذه المليشيات التي باتت سبيلهم الوحيد للنجاة من الخدمة في جيش النظام.
السبيل الوحيد
يقول كريم -وهو شاب عشريني من أبناء الطائفة السنية في حماة- إنه ينوي التطوع في صفوف الحرس الثوري الإيراني عند تخرجه من كلية طب الأسنان، وذلك للهروب من كابوس الخدمة الإلزامية الذي يلاحقه.
ويضيف أنه سيفعل كما فعل الكثيرون، فيدفع مبلغا ماليا يقارب مليوني ليرة سورية إلى “أبي الخير” ويتنازل عن الراتب الشهري، مقابل عدم الخدمة في المركز بشكل عملي.
من جهة أخرى، يروي عامر -الشاب الثلاثيني السني من حماة أيضا- أن أحد أقربائه دفع مليوني ليرة لأبي الخير، لكن الأخير صار يطلب منه مبلغا آخر بصورة أسبوعية لإبقائه في منزله، وإلا فإنه سيدفع به مع العناصر المرسلة إلى معارك ريف حماة وغيرها، وفي حال عدم التحاقه سيتم فصله من تلك المليشيات وبالتالي ملاحقته أمنيا للالتحاق بالخدمة الإلزامية.
وقد أكدت عدة إحصاءات من تنسيقيات المعارضة السورية وجود نحو ثلاثين ألف متطوع سوري في صفوف الحرس الثوري الإيراني في سوريا، منهم ما يقرب من 12 ألف متطوع من السنة، غالبيتهم في سن الخدمة الإلزامية.
يزن شهداوي
الجزيرة