على وقع رفض روسي متزايد من عمليات «التعفيش» (نهب المنازل) ينهجها عناصر النظام السوري والميليشيات التابعة له، أوقفت الشرطة العسكرية الروسية المنتشرة جنوب دمشق مجموعة من عناصر قوات النظام، أثناء خروجهم من بلدة ببيلا بسيارتين محملتين بأدوات مسروقة من منازل المدنيين المهجرين من بلدات وأحياء جنوب دمشق.
ونشرت مواقع موالية للنظام صوراً لاعتقال الشرطة الروسية المنتشرة في بلدات جنوب دمشق، مجموعة من عناصر قوات النظام أثناء توقيفهم عند أحد الحواجز وفي حوزتهم أدوات منزلية سرقت من منازل المدنيين المهجرين من بلدات وأحياء جنوب دمشق. وتداولت المقاطع صوراً لعناصر من قوات النظام بعد أن ألقت بهم الشرطة الروسية على الأرض في شكل مذل، ومن حولهم بعض المدنيين من أهالي المنطقة.
ومع خروج ظاهرة «التعفيش» عن أي حدود في المناطق التي شهدت اتفاقات مصالحة مع المعارضة المسلحة أو صفقات مع تنظيمي «داعش» و «هيئة تحرير الشام» الإرهابيين، أقر النظام السوري بالظاهرة. وفي سابقة كشفت وسائل إعلام موالية للنظام أن وزارة الداخلية أطلقت حملة على سوق التعفيش في ضاحية الأسد بريف دمشق وصادرت المعروضات المنتشرة على الأرصفة والطرقات، وضبطت المخالفين. وتقع الضاحية بالقرب من مدينة حرستا ودوما في الغوطة الشرقية لمدينة دمشق، وتقطنها غالبية من جنود وضباط النظام السوري، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي عجت بمقاطع فيديو وصور لنهب ممتلكات المهجرين من المدينة بعد حملة عسكرية عنيفة أجبر بنتيجتها مقاتلو المعارضة على الخروج من مدن الغوطة، على أن تنتشر الشرطة العسكرية لضبط الأمن ومنع سرقة ممتلكات المواطنين.
ويبدو أن عدم احترام قوات النظام وميليشياتها للاتفاقات، ومواصلة «التعفيش» بدأت تتحول إلى نقطة خلاف مع الروس الذي فاوضوا المعارضة ورعوا اتفاقات المصالحة، وضمنوا عملية خروجهم.
وبدأت ظاهرة التعفيش منذ أولى حملات النظام العسكرية على المناطق الثائرة ضد حكم الأسد في درعا. وفي حمص، وبعد تدمير حي «بابا عمرو» افتتح الشبيحة في أحياء النظام في المدينة «سوق السنة»، المخصص لبيع الأدوات المنزلية والكهربائية، وقطع الأثاث وحتى أدوات الخردة المسروقة من الحي الذي دمر وهجر أهله عبى يد قوات النظام.
أحد الأفراد الذين شهدوا حصار مخيم اليرموك ولاحقاً يلدا أوضح في اتصال مع «الحياة» أن «التعفيش ظاهرة مارستها عصابات بالتعاون مع النظام في فترة حصار اليرموك بعد خروج معظم أهله»، موضحاً أن «العصابات كانت تسرق من الأماكن المحاصرة، وتكسر أبواب البيوت الفارغة من سكانها، وتسرق كل ما فيها من أدوات كهربائية ومنزلية ومن ثم يتم مبادلتها بمواد غذائية أو سجائر أو محروقات أو شرائح لدفع الموبايل والانترنت»، موضحاً أنه «على رغم عدم أخلاقية الفعل، يمكن أن نفهم أن يسعى أي إنسان في ظروف الحصار إلى البحث عن طعام في بيوت فارغة من سكانها حتى لا يموت من الجوع»، ولكن «تعفيش الشاشات والكومبيوترات والأدوات المنزلية كان يتم للتبادل مع حواجز النظام ضمن شبكة علاقات جمع فيها الطرفان ملايين من الدولارات تم تهريبها لاحقاً».
وفي الأيام الأخيرة، تم على نطاق واسع تداول أسباب التعتيم الإعلامي على صفقة خروج «داعش» من اليرموك، ومن الأسباب أنها تضمنت بنداً يمنع تفتيش الخارجين من المخيم، وتأمين نقل أغراضهم ومتعلقاتهم كاملة بمركبات شحن رافقت الباصات.
الحياة اللندنية