برلين – طلب السفير الأميركي لدى ألمانيا من برلين الثلاثاء، منع إيران من سحب مبلغ نقدي ضخم من حسابات مصرفية في ألمانيا لمواجهة تداعيات عقوبات مالية أميركية جديدة عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، فيما أقرّ نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانكيري بقسوة العقوبات وتأثيرها السلبي على اقتصاد متدهور أصلا.
وأبلغ السفير ريتشارد غرينيل، وهو من منتقدي الاتفاق النووي، صحيفة بيلد الألمانية واسعة الانتشار، أن الحكومة الأميركية قلقة للغاية من خطط طهران تحويل مئات الملايين من اليوروهات لإيران نقدا.
ونقلت الصحيفة عن السفير الأميركي قوله “نطلب من الحكومة الألمانية على أعلى مستوى التدخل ووقف الخطة”، فيما قالت متحدثة باسم وزارة المالية الألمانية الاثنين إن السلطات تدرس الطلب الإيراني.
ويشعر المسؤولون الإيرانيون بقلق متصاعد بشأن العقوبات التي تنوي واشنطن البدء في تنفيذها في نوفمبر القادم، ما قد يجرّ الاقتصاد الإيراني إلى أزمة جديدة، وهو ما يفسر مساعي طهران إلى سحب الأموال المودعة في الخارج قبل هذا الموعد.
وقال إسحاق جهانكيري نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن من الخطأ الاعتقاد بأن العقوبات الأميركية الجديدة على طهران لن تؤثر على اقتصادها، وذلك بعد أن بدأت واشنطن حربا تجارية مع حلفائها الأوروبيين والصين.
ونقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء عنه قوله “سنبيع أكبر قدر ممكن من النفط”، رغم الجهود الأميركية لوقف صادرات إيران النفطية. وذكرت صحيفة بيلد على موقعها الإلكتروني، الاثنين، أن النظام الإيراني يخشى من نفاد السيولة لديه، وذلك عند دخول العقوبات الأميركية المشدّدة على القطاع المالي الإيراني حيّز التنفيذ.
وأكدت الحكومة الألمانية ما جاء في تقرير الصحيفة، حيث قالت متحدثة باسم وزارة المالية الألمانية في برلين، إنه يجري حاليا فحص الأمر من جانب الوكالة الاتحادية الألمانية للرقابة المالية.
وأضافت “بحسب معلوماتي، فإن هذه أول مرة يجري فيها فحص مثل هذه الحالة”.
ومن جانبه، قال متحدث باسم الخارجية الألمانية إن جزءا من المراجعات يتعلق “بما إذا كانت هناك انتهاكات لنظام العقوبات” عبر هذا الإجراء.
وجاء في تقرير الصحيفة أن إيران ذكرت في تبرير خططها أن هناك حاجة إلى أموال “لإعطائها إلى أفراد إيرانيين يعتمدون على اليورو النقدي في جولاتهم الخارجية بسبب الصعوبات التي يواجهونها في الحصول على بطاقات ائتمان معترف بها”.
وذكرت الصحيفة أن هذه الخطط أثارت قلق الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، حيث تخشى من أن تُستخدم هذه الأموال في تمويل الإرهاب على سبيل المثال، فيما ذكرت مصادر في الحكومة الألمانية أن الاستخبارات الألمانية ليست لديها أدلة على ذلك.
وتجد ألمانيا نفسها في وضع صعب، فإذا استجابت للمطالب الإيرانية فستبدو وكأنها تقف ضد إرادة واشنطن في إجبار طهران على مراجعة جذرية لسياستها في الشرق الأوسط. لكن امتناعها عن التفويت، ولو في جزء من الطلبات الإيرانية، سيفهم على أن ألمانيا ومن ورائها أوروبا اختارت التضحية بمصالح شركاتها وانحازت إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي لا تهتمّ سوى بمصالحها.
ويقول محللون إن الضجة التي تحيط بالطلب الإيراني ستكشف للسلطات في طهران الصعوبات التي ستجدها في المستقبل قبل الموعد الجديد للعقوبات وبعده، وأن الرهان على خلاف أوروبي أميركي قد يساعدها على كسر العقوبات أمر مستبعد. وبحسب تقرير الصحيفة، فإن البنك التجاري الأوروبي الإيراني في مدينة هامبورغ الألمانية يمتلك أرصدة كبيرة للنظام الإيراني. ويدير حسابات هذا المصرف البنك الاتحادي الألماني بوندسبنك.
وتأمل الخطط الإيرانية أن يصرف البنك الاتحادي الألماني 300 مليون يورو نقدا ويسلمها لمسؤولين إيرانيين، لينقلوها بعد ذلك إلى طهران على متن طائرات إيرانية. ووفقا لمعلومات بيلد، فإن ديوان المستشارية ووزارتي الخارجية والمالية الألمانيتين معنية بهذه الخطة على أعلى مستوى.
ويتولى المفاوضات من الجانب الإيراني علي تارزالي، وهو مسؤول بارز في البنك المركزي الإيراني، الذي تشمله العقوبات الأميركية.
العرب