دمشق – شدد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، على أن إسرائيل “لن تقبل أي قيود على هجماتها في سوريا أو أي مكان آخر”، في ظل حديث عن خلافات مع روسيا بشأن التحركات الإسرائيلية في سماء سوريا.
وكان ليبرمان يُعقّب على ما نُشر من مطالبة روسيا بمنح قواتها في سوريا، إنذارا مسبقا أطول، يفيد بنية الجيش الإسرائيلي القيام بأي عمل عسكري في سوريا.
وأوضح ليبرمان في حديث مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، الخميس “إسرائيل لن تقبل بأي قيود في مهمة الدفاع عن نفسها في سوريا وفي أماكن أخرى”.
وتشهد العلاقات بين موسكو وتل أبيب فتورا منذ سبتمبر الماضي على خلفية حادث إسقاط إحدى الطائرات الروسية في سوريا ما أدى إلى مقتل 14 عسكريا روسيا.
وكانت طائرة استطلاع من نوع “إيل 20” تعرضت لإسقاط من قبل الدفاعات الجوية السورية خلال محاولاتها الرد على غارات جوية شنتها طائرات إسرائيلية على أهداف في محافظة اللاذقية.
وتحمّل روسيا إسرائيل مسؤولية الحادث حيث تقول إن الطائرات الإسرائيلية تعمدت اتخاذ الطائرة الروسية غطاءً لها، فضلا عن أن الجيش الإسرائيلي لم يعلم وزارة الدفاع الروسية بالهجوم إلا قبل دقيقة واحدة من شنه، الأمر الذي جعل من غير الممكن أن تغير الطائرة مسارها وتبتعد عن الموقع المستهدف.
بالمقابل تنفي تل أبيب هذه التهم مؤكدة أن حادث إسقاط الطائرة جرى بعد عودة الطائرات الإسرائيلية إلى مواقعها.
ومنذ تدخلها المباشر في سوريا في العام 2015، أبرمت روسيا اتفاقا مع إسرائيل على التنسيق فيما بينهما للحيلولة دون حدوث أي تصادم في الأجواء السورية.
وتقوم إسرائيل من حين لآخر بشن غارات جوية على مواقع سورية يشتبه باحتوائها قواعدَ أو مخازن أسلحة لإيران وذراعها حزب الله اللبناني.
وقد صعّدت إسرائيل منذ بداية العام الحالي غاراتها، بيد أن حادث إسقاط الطائرة الروسية فرمل تحركاتها، خاصة مع إقدام موسكو على تسليم الجيش السوري لمنظومة إس 300، كرد فعل على ما حصل.
ولم يسجل طيلة الفترة الماضية أي هجوم إسرائيلي الأمر الذي عزاه محللون إلى رغبة إسرائيل في احتواء حادث إسقاط الطائرة وعدم اتخاذ أي خطوة قبل الاتفاق مع روسيا بشأن استعادة نسق التنسيق فيما بينهما.
ويبدو أن لروسيا شروطا جديدة من شأنها أن تقيد التحركات الإسرائيلية، وهي تفاوض اليوم إسرائيل على ضرورة أن يتم إعلامها قبل وقت “طويل” من شن أي عمليات داخل سوريا. وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية على أن معادلة حرية تصرف إسرائيل داخل الأراضي السورية تغيرت بالشكل الذي باتت إسرائيل ترفضه رفضا مطلقا.
موسكو تطلب من تل أبيب إبلاغها بأي تحرك عسكري في سوريا خلال وقت أطول مما كان معمولا به
وقال تقرير بثته قناة العاشرة “يبدو أن موسكو وضعت شروطا جديدة تمس بإمكانية التصرف الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، وحاليا تطلب روسيا من إسرائيل أن تبلغها بأي تحرك عسكري خلال وقت أطول مما كان معمولا به قبل سقوط الطائرة الروسية”.
وأشار التقرير إلى أن روسيا تريد فرض شروط جديدة على إسرائيل مقابل أن تسمح لها بتوجيه ضربات عسكرية داخل الأراضي السورية. ومن بين هذه الشروط وقت إضافي يفصل بين المرحلة التي على إسرائيل أن تبلغ فيها روسيا بتوجيه ضربة عسكرية، وبين تنفيذ العملية.
ووفق القناة الإسرائيلية فإن ما تطالب به روسيا يتعلق بوقت طويل جدا بالشكل الذي “سترفضه إسرائيل بالتأكيد”.
وكانت إسرائيل تعلم الجانب الروسي قبل دقائق قليلة من لحظة شن هجوم على أهداف داخل الأراضي السورية. لكنّ الوقت الذي تطالب به روسيا اليوم، وفق القناة “سيشكل خطرا حقيقيا على المقاتلات الإسرائيلية، وسيمنح القوات الإيرانية وقتا لإخفاء الأهداف العسكرية”.
وكان من المقرر أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة إلى موسكو، إلا أنه على ما يبدو تم تأجيلها في غياب التوافق بشأن الشروط الروسية الجديدة.
ويرى متابعون أن نتنياهو سيكون في موقف صعب خاصة في حال أصرت موسكو على شروطها، فهو من جهة لا يستطيع التغاضي عن مساعي إيران الحثيثة لتكريس نفوذها العسكري في سوريا ونقل تكنولوجيا الأسلحة الدقيقة إلى ذراعها الأقوى في المنطقة حزب الله اللبناني عبر سوريا، فذلك بالنسبة له تهديد خطير ووجودي، ومن جهة ثانية يخشى تداعيات تجاوز روسيا، وإمكانية حدوث صدام غير مرغوب فيه معها.
هذا فضلا عن كون الجيش السوري بات يمتلك منظومة قوية قد تشكل تحديا كبيرا للطائرات الإسرائيلية، وإن كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أبلغ نائب رئيس الوزراء الروسي ماكسيم أكيموف، خلال زيارته للقدس في 9 أكتوبر الجاري، بأن بلاده ستواصل ضرب الأهداف المعادية في سوريا رغم تسليم موسكو دمشق منظومة الإس 300.
ونشرت صحيفة هارتس الإسرائيلية، الخميس، صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية تظهر موقعا لمنظومة إس 300 بعد نشرها في سوريا.
وتظهر الصور 4 منصات صواريخ إس 300 بعد نشرها في منطقة مصياف وسط سوريا، لكن الصحيفة الإسرائيلية أكدت أن تلك المنصات ما زالت غير مكتملة التركيب.
وسلمت روسيا الجيش السوري ثلاث مجموعات من منظومة إس 300 بي.أم 2 للدفاع الجوي، وتحتوي هذه المجموعات على 24 منصة إطلاق جرى تزويدها بـ 300 صاروخ بالإضافة إلى منظومات رادارية متطورة.
وسبق أن تفاوضت دمشق مع موسكو بشأن تسليمها المنظومة الدفاعية قبل فترة من اندلاع الأزمة بيد أن موسكو ارتأت عدم القيام بهذه الخطوة استجابة لطلب روسي.
ويقول محللون إن إسرائيل اليوم قد تطلب من الولايات المتحدة التدخل والمساهمة في إيجاد حل وسط بينها وبين الروس، يضمن تحركها بأريحية في الأجواء السورية.
العرب