أعلن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس أمس أن الولايات المتحدة لن تتراجع في نزاعها التجاري مع الصين، وقد تزيد تعريفاتها الجمركية إلى المثلين إذا لم تخضع بكين للمطالب الأميركية. وحذّر الرئيس الصيني شي جينبينغ أمس من أن الحماية التجارية والسياسات الأحادية، تلقي بظلالها على النمو العالمي، وضم صوته إلى أصوات زعماء دول أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادي في الدعوة إلى حرية التجارة. وأكد أن الممارسات الحمائية نهج قصير الأجل محكوم عليه بالفشل، معتبراً في منتدى لقادة شركات يسبق قمة «أبيك»، أن «محاولات إقامة حواجز وقطع العلاقات الاقتصادية الوثيقة، أمور تتناقض مع القوانين الاقتصادية ومعاني التاريخ». وشدد على أن «أحداً لم يخرج يوماً رابحاً في أي مواجهة، سواء أكانت عسكرية أو سياسية أو تجارية».
واستغلّ الرئيس الصيني هذه المداخلة أمام قادة الشركات، للدفاع عن برنامج «طرق الحرير» الذي تُروّج له بلاده، قائلاً إن «هذا البرنامج غير مخصّص لخدمة أي أجندة جيوسياسيّة خفية، فهو لا يستهدف أحداً ولا يستثني أحداً، وهو ليس فخاً كما أظهره بعضهم».
وفي كلمة اتسمت بالصراحة أمام اجتماع «قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي» (أبيك) في بابوا غينيا الجديدة، وجّه بنس تحذيراً للصين في شأن التجارة والأمن في المنطقة. وقال: «اتخذنا إجراءً حاسماً لمعالجة الخلل الذي نواجهه مع الصين، وفرضنا تعريفات جمركية على سلع صينية قيمتها 250 بليون دولار، ونستطيع زيادة هذا الرقم إلى المثلين»، مشدداً على أن الولايات المتحدة لن تغيّر نهجها ما لم تغيّر الصين أساليبها.
ومن المرجح ألا يلاقي هذا التحذير الصارم ترحيباً في أسواق المال التي كانت تأمل بتحسّن في النزاع الصيني الأميركي، وربما حتى التوصل إلى اتفاق من نوع ما خلال اجتماع تعقده مجموعة العشرين في الأرجنتين في وقت لاحق من الشهر الجاري، من المقرر أن يلتقي خلاله الرئيس دونالد ترامب، الذي لا يشارك في اجتماع «أبيك»، الرئيس الصيني شي جينبينغ في الأرجنتين.
وتناقض تحذير بنس أمس مع تصريحات أدلى بها ترامب في وقت متأخر ليل أول من أمس، أكد فيها أنه قد لا يفرض تعريفات أخرى بعدما أرسلت الصين إلى الولايات المتحدة قائمة بإجراءات مستعدة لاتخاذها لمعالجة التوترات التجارية.
ولم تصدر أي إشارة من بنس بالتوصل إلى حل وسط، وقال: «الصين استفادت من الولايات المتحدة سنوات كثيرة، هذه الأيام ولت». وهاجم بنس أيضاً الأطماع الإقليمية للصين في المحيط الهادي، لاسيما مبادرة الحزام والطريق لتعزيز الصلات البرية والبحرية بين آسيا وأفريقيا وأوروبا باستثمارات تبلغ بلايين الدولارات في البنية التحتية.
وحذّر رئيس وزراء روسيا ديمتري ميدفيديف في كلمة خلال قمة «أبيك» من تنامي الحماية التجارية، داعياً إلى وضع قواعد واضحة وشفافة للتجارة.
وكان ترامب أعلن في وقت متأخر أول من أمس، أن الاتفاق التجاري مع الصين قد يكون «قريباً جداً». وأشار إلى أن فرض رسوم جمركية إضافية على البضائع الصينية المستوردة، قد لا يكون ضرورياً. وقال: «الصينيون يريدون التوصل الى اتفاق، وأرسلوا لائحة تتضمن ما هم مستعدون للقيام به للتوصل الى تسوية، ولكن الأمر لا يزال غير مقبول بالنسبة إليّ». وأعرب عن تفاؤله بإمكان التوصل إلى اتفاق يجعل المبادلات التجارية أكثر توازناً بين البلدين.
وأضاف: «فرضنا رسوماً جمركية على ما قيمته 250 بليون دولار من البضائع الصينية، ونحن مستعدون لفرض رسوم على بضائع إضافية بنحو 267 بليون دولار، ولكن قد لا نقوم بذلك». وأوضح أن اللائحة التي قدمتها بكين تتضمن 142 منتجاً وفيها «الكثير من الأمور التي نطالب بها».
وكان المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلوو تطرق الأسبوع الماضي إلى احتمال معالجة الأزمة التجارية القائمة مع الصين، مؤكداً أن الخلاف التجاري سيكون على جدول أعمال قمة العشرين المقررة في الأرجنتين نهاية الشهر الجاري.
ولكن تصريحات ترامب تتعارض مع تعليقات وزيره للتجارة ويلبور روس. وقبل ترامب بساعات قليلة، قال روس: «من المستحيل التوصل إلى اتفاق مع بكين قبل نهاية العام الحالي» وأضاف: «مما لا شك فيه أننا لن نتوصل إلى اتفاق رسمي كامل بحلول كانون الثاني (يناير) المقبل، فهذا مستحيل»، بحسب ما نقلت عنه وكالة «بلومبرغ».
وبدأت تظهر على الاقتصاد الصيني بعض مظاهر الضعف، خصوصاً أن بكين تواجه تزايداً في ديونها وتراجعاً في قيمة اليوان. وألقى قرار واشنطن بفرض رسوم جمركية على نصف الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، شكوكاً إزاء قدرات بكين على الحفاظ على مستويات نمو جيدة. وأكد ترامب أن لا نية لديه لزعزعة الاقتصاد الصيني. وقال: «أريدهم أن يكونوا في موقع مريح».