الشغف بالاطلاع على الجماعات والحركات الإسلامية دفع الشاب محمد العبيد الحاصل على شهادة العلوم الشرعية إلى البحث عن مدخل للعلوم السياسية والرغبة في فهم الأحداث وتحليلها وآلية صنع القرارات للحصول على شهادة دبلوم في العلوم السياسية، وهي ظاهرة علمية بدأت تنتشر بين الشباب السوريين مؤخرا.
ويقول محمد إن ما يجري على الساحة السورية يعود إلى تلاعب السياسيين الدوليين في الثورة وفق مصالحهم، فكان لا بد من الاطلاع على عالم السياسة، مضيفا أن هذا المجال المعرفي لا تقتصر فائدته على فهم سياسات العالم بل هو مهم أيضا في أي مشروع إصلاح داخلي، على اعتبار أن أي تغيير اجتماعي أو اقتصادي يبدأ بالإصلاح السياسي، حسب رأيه.
وشرعت بعض المؤسسات التعليمية العاملة في شمال وشرق محافظة حلب والخاضعة لسيطرة المعارضة بتنظيم دورات تدريبية ضمن مناهج منظمة لتعريف الشباب بمجال العلوم السياسية ورفع وعيهم وإدراكهم في المجال السياسي.
وتركز هذه المؤسسات على استهداف نخبة من الشباب المثقفين حاملي الشهادات، حيث يعتبر القائمون عليها أن لهذه التوعية أهمية كبيرة في الفترة الراهنة ويمكن استثمارها في الأروقة السياسية.
تجارب واعدة
ويعد معهد آفاق للفكر والعلوم السياسية التابع لأكاديمية آفاق للتغيير والتطوير في ولاية غازي عنتاب التركية من المؤسسات المنظمة لشهادات الدبلوم في أسس العلوم السياسية المنتشرة فروعها في شمال سوريا، وهي تقدم أيضا ورشات تدريب وتطوير في العلوم السياسية والقانون الدولي والتواصل المجتمعي والاقتصاد الدولي بالاستعانة بكوادر اختصاصية من الداخل والخارج.
ويقول مدير معهد آفاق معروف الخلف “هدفنا الأساسي والجوهري من الدورات هو رفع الوعي السياسي ورفد المجتمع بهذه الكوادر، لأن إعادة الإعمار السياسي أهم بكثير من إعادة إعمار البنية التحتية”.
ويضيف الخلف أن المعهد يوقع مذكرات تفاهم مع عدد من مراكز الدراسات والبحث العلمي لاعتماد أبحاث الطلاب المتخرجين فيها، ويسعى إلى تأمين شهادات للطلاب من المراكز والمعاهد المرموقة.
وتكمن أهمية هذه الدورات في تأهيل الكوادر بمناطق المعارضة المسلحة التي قد تشكل نواة لأحزاب سياسية تمثل المجتمع بكافة أطيافه وتدافع عن حقوقه في المحافل الدولية، كما يأمل الناشطون من خلالها إلى امتلاك الوعي السياسي الذي لم يعد حكرا على النخبة في المرحلة المقبلة التي قد تشهد مفاوضات سياسية حاسمة كما يقول بعضهم.
ويقول الباحث الاجتماعي حامد عيسى إن المجتمع أحوج ما يكون إلى الثقافة السياسية التي تؤسس للعمل المدني والديمقراطي، مضيفا “مشكلتنا في الثورة كانت مشكلة سياسية، فالاستبداد حرم المجتمع من العمل السياسي”.
ويحتكر النظام في مناطق سيطرته العمل السياسي، والمناهج التعليمية في كلية العلوم السياسية التابعة له تقدم رؤية حزب البعث الحاكم وتخدم بقاء النظام كما تؤكد المعارضة.
المصدر : الجزيرة