تمر الولايات المتحدة بنهاية سنة حافلة بالأحداث والأزمات التي تعود في أغلبها إلى سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تشهد حكومته استقالات متتالية من جهة سياسته الخارجية وانسحابه من سوريا، وأيضا من جهة سياسته الداخلية التي أفضت السبت إلى إصابة الإدارات الفيدرالية بشلل جزئي بعد إرجاء الكونغرس مداولاته بشأن مشروع قانون الاتفاق وتلبية طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحصول على أموال لبناء جدار على الحدود مع المكسيك.
وفي قمة جدل أميركي داخلي حول سياسات الرئيس ترامب، وأهليته لقيادة الولايات المتحدة، فاجأ الرئيس الأميركي، الداخل والخارج، بقرار سحب قواته من سوريا، في زلزال كان من أقوى تداعياته المباشرة استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس، بسبب وضوح لخلافاته في أمور السياسة مع الرئيس الأميركي، بعد ذلك بيوم قدم بريت ماكجورك، مبعوث الرئاسة الأميركية للتحالف العالمي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، استقالته قبل رحيله المقرر في فبراير.
وقالت محطة “سي.بي.أس” إن استقالة ماكجورك جاءت نتيجة “خلاف قوي” مع قرار دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا، وسط توقعات بالمزيد من الاستقالات في البنتاغون لذات السبب.
ونقلت شبكة “فوكس نيوز” عن مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية، دون الكشف عن هويته، قوله “قد تكون هناك المزيد من الاستقالات من جانب مسؤولين في البنتاغون عقب استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس”.
بسبب الإغلاق الجزئي للحكومة، يمكن أن يصبح مئات الآلاف من الموظفين في حالة “بطالة تقنية”، أي أنهم يضطرون لأخذ إجازة غير مدفوعة الأجر، أو يجبرون على العمل بلا أجر فوري قبل أيام من عيد الميلاد
ووسط هذا الجدل، يتصاعد التوتر الأميركي بعد أن أغلقت العديد من الإدارات الفيدرالية في وقت مبكر من السبت بعد إرجاء الكونغرس مداولاته بشأن مشروع قانون الاتفاق وتلبية طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحصول على أموال لبناء جدار على الحدود.
وبسبب هذا الإغلاق الجزئي للحكومة، يمكن أن يصبح مئات الآلاف من الموظفين في حالة “بطالة تقنية”، أي أنهم يضطرون لأخذ إجازة غير مدفوعة الأجر، أو يجبرون على العمل بلا أجر فوري قبل أيام من عيد الميلاد.
وللحؤول دون هذا “الإغلاق” كان يفترض بمجلسي النواب والشيوخ أن يتوصلا إلى اتفاق مع البيت الأبيض قبل منتصف ليلة الجمعة/السبت لرفع سقف الموازنة الفيدرالية. لكنّ المفاوضات التي استمرت حتى اللحظات الأخيرة باءت بالفشل بسبب رفض المشرّعين الديمقراطيين الموافقة على تمويل بناء جدار على الحدود مع المكسيك يريد الرئيس ترامب تشييده لوقف الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتّحدة.
ولم يتّضح بعد إلى متى سيستمر هذا الإغلاق، لكنّ المؤشّرات بدت غير مطمئنة، ما ينذر باحتمال أن يمضي الأميركيون عطلتي الميلاد ورأس السنة محرومين من خدمات حكومية رئيسية. وكتب الرئيس ترامب في تغريدة على تويتر “نأمل ألا يستمر هذا الإغلاق طويلا”. ومع ذلك تبدو المواقف في الأيام الأخيرة متباعدة جدا.
عقبات في مجلس الشيوخ
من جهة، قال الرئيس الجمهوري الذي جعل من مكافحة الهجرة السرية محورا لمعركته، إنه لم يوقع قانونا لميزانية لا تشمل خمسة مليارات دولار لتمويل بناء الجدار. وقد رفض الخميس تسوية لأمد قصير تسمح بتمويل الحكومة حتى الثامن من فبراير لأنها لا تشمل وسائل كافية لمراقبة الحدود.
ومن جهة أخرى، لا يريد النواب الديمقراطيون الجدار إطلاقا. وفي بداية يناير سيصبحون أغلبية في مجلس النواب بعد فوزهم في انتخابات نوفمبر، ما يجعل تمرير قانون من هذا النوع أصعب.
وكانت الأغلبية الجمهورية الحالية وافقت الخميس على نص جديد يسير باتجاه مطالب ترامب بما في ذلك تمويل للجدار بقيمة 7.5 مليارات دولار.
وحتى الآن يواجه ترامب صعوبة في مجلس الشيوخ، حيث لا تتجاوز الأغلبية الجمهورية الـ51 مقعدا من أصل مئة. وهو يصطدم بعقبة الحصول على أغلبية 60 صوتا ضرورية لتبني الميزانية. لكن فرصة التوصل إلى نتيجة في المفاوضات قائمة. ويطالب الرئيس بتخصيص مبلغ كبير لأمن الحدود في حال لم يلب طلبه بشأن المليارات الخمسة التي يريدها للجدار.
أجواء سياسية متوترة
قال أعضاء في مجلس الشيوخ للصحافيين، إن مسؤولي الحزبين في الكونغرس تفاوضوا في الكواليس مع البيت الأبيض وخصوصا مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس وجاريد كوشنر صهر الرئيس ومستشاره وكذلك مع كبير موظفي البيت الأبيض بالوكالة مايك مولفاني.
وقال السيناتور الجمهوري جون كورنين، إنهم تفاوضوا على تسوية تنص على تخصيص 6.1 مليار دولار لمكافحة الهجرة غير القانونية.
وكان الرئيس ترامب مستعدا لهذا “الإغلاق”. وغرّد مساء الجمعة قائلا “ألغيت رحلتي على متن الطائرة الرئاسية إلى فلوريدا بينما كنا ننتظر لنرى ما إذا كان الديمقراطيون سيساعدوننا في حماية الحدود الجنوبية لأميركا”.
وقبيل ذلك كتب في تغريدة أخرى بعدما استقبل قادة جمهوريين أعضاء في الكونغرس “من الممكن أن نصل إلى إغلاق. ويمكنني القول إن الاحتمال كبير جدا”.
مهمة مثل العجلة
لمحاولة إقناع البرلمانيين قدم ترامب مقارنة جريئة صباح الجمعة. وقال إن “الديمقراطيين يحاولون الانتقاص من مفهوم الجدار معتبرين أنه قديم. لكن الواقع هو أنه لا شيء سينفع وهذا هو الحال منذ الآلاف من السنين. إنه مثل عجلة، لا شيء أفضل منه”.
وقدر البرلمانيون الديمقراطيون بأكثر من 800 ألف موظف فيدرالي عدد الذين سيتأثرون بهذا “الإغلاق” من أصل 1.2 مليون موظف. وسيصبح نحو 380 ألف شخص في بطالة تقنية بينهم 95 بالمئة من موظفي وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ووزارة السكن، و52 ألف موظف من إدارات الضرائب.
ويفترض أن يواصل حوالي 420 ألف موظف آخرين في الإدارات التي تعتبر أساسية، العمل دون أن يتلقوا أجورا فورا حسب الديمقراطيين.
وبين هؤلاء 150 ألف موظف في وزارة الأمن الداخلي التي تشرف على شرطة الحدود والنقل، وأكثر من 40 ألف موظف في مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف.بي.آي” ووكالة مكافحة المخدرات وإدارة السجون.
العرب