الباحثة شذا خليل*
أغلقت الأسواق الأوروبية على ارتفاع طفيف يوم امس ، حيث ينتظر المستثمرون أحداثاً عالمية مهمة قد تؤثر على الأوضاع المالية والتجارة الدولية. فقد ارتفع مؤشر ستوك 600 الأوروبي بنسبة 0.2٪، كما سجلت مؤشرات مثل فوتسي 100 في المملكة المتحدة وداكس في ألمانيا مكاسب محدودة. ويعود هذا التفاؤل إلى توقعات خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع، بالإضافة إلى الآمال المتجددة بتحسن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين قبل الاجتماع المرتقب بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس شي جين بينغ.
لعبت البيانات الاقتصادية الأخيرة دوراً مهماً في تشكيل معنويات السوق. فقد بلغ معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة 3٪ في سبتمبر، وهو أقل من المتوقع، مما عزز التوقعات باتجاه الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة. خفض سعر الفائدة يشجع عادةً على زيادة الاقتراض والاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، ويعزز نمو الشركات. ولذلك، تفاعلت الأسواق الأوروبية بشكل إيجابي استناداً إلى توقعات بظروف اقتصادية وتجارية أفضل.
وعلى مستوى الشركات، كانت النتائج متفاوتة. فقد تراجعت أسهم شركة نوفارتس قليلاً بعد إعلانها الاستحواذ على شركة Avidity Biosciences بقيمة 12 مليار دولار. في المقابل، ارتفعت أسهم Sydbank بنسبة 5.5٪ بعد إعلان اندماجها مع بنكين دنماركيين لتشكيل واحد من أكبر البنوك في الدنمارك. وارتفعت أسهم Barclays بعد إعلان السعودية أنها ستعترف قريباً بالمقر الإقليمي للبنك في البلاد. بينما تراجعت أسهم HSBC بسبب حجز مالي بقيمة 1.1 مليار دولار يتعلق بقضية احتيال مادوف. أما شركة بورشه فقد أظهرت تراجعاً في إيراداتها مقارنة بالعام الماضي، في حين حققت شركة Galp Energia أرباحاً ربع سنوية أفضل من التوقعات.
لماذا هذا مهم؟ الآثار الاقتصادية
1. تأثير على التجارة العالمية وسلاسل الإمداد
الاجتماع بين ترامب وشي مهم لأن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين تؤثر على سلاسل التوريد العالمية. إذا ساعدت المحادثات في خفض التوترات، فقد تنخفض تكاليف التجارة، مما يسهل على الشركات الأوروبية الاستيراد والتصدير. وهذا يدعم الاستقرار الاقتصادي خصوصاً في القطاعات الصناعية والتكنولوجية.
2. تأثير على أسعار الفائدة والاستثمار
إذا خفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فإن تكلفة الاقتراض ستنخفض. وهذا يؤدي إلى:
توسع الشركات في الإنتاج
ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي
زيادة الإقبال على الاستثمار في الأسهم بدل الادخار
خفض الفائدة عادةً يدعم نمو الاقتصاد. وهذا سبب ارتفاع الأسواق الأوروبية.
3. تأثير على العملات والتضخم
قد يؤدي خفض الفائدة في الولايات المتحدة إلى إضعاف الدولار. وعندما يضعف الدولار، تصبح الصادرات الأوروبية أكثر تنافسية، مما يدعم الصناعات الأوروبية مثل السيارات والآلات والأدوية.
الخلاصة
باختصار، أظهرت الأسواق الأوروبية تفاؤلاً حذراً مع تركيز المستثمرين على قرار الاحتياطي الفيدرالي والآمال بتحسن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. يمكن أن تحدد نتائج هذه الأحداث اتجاهات التجارة العالمية، وتدفقات الاستثمار، وأداء الشركات، واستقرار الاقتصاد الأوروبي. وإذا تم تحقيق تقدم في خفض التوترات التجارية بالتزامن مع خفض أسعار الفائدة، فقد تستفيد أوروبا من زيادة الاستثمار، وتعزيز الصادرات، وتحسن البيئة الاقتصادية العامة.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية
