دعوة ترامب لإنهاء التقارير الفصلية: التأثيرات على الاقتصاد العالمي

دعوة ترامب لإنهاء التقارير الفصلية: التأثيرات على الاقتصاد العالمي

الباحثة شذا خليل*
في منشور حديث على منصة “تروث سوشال”، اقترح الرئيس الأميركي ,دونالد ترامب إنهاء المتطلب القائم منذ عقود على الشركات العامة في الولايات المتحدة لتقديم تقاريرها المالية كل ثلاثة أشهر. وبدلًا من ذلك، دعا إلى اعتماد التقارير نصف السنوية، معتبرًا أن هذه الخطوة ستوفر المال وتقلل من “التفكير قصير المدى” لدى الإدارات التنفيذية. وأكد ترامب أن الشركات الأميركية تركز كثيرًا على تلبية مطالب المستثمرين الفورية، بينما تتبنى دول مثل الصين نهجًا طويل الأجل في إدارة الأعمال.

لماذا يهم الأمر في الولايات المتحدة؟

لطالما اعتُبر إعداد التقارير الفصلية ركيزة أساسية للشفافية المالية الأميركية، حيث توفر للمستثمرين وصناع السياسات والجمهور معلومات منتظمة حول أداء الشركات. لكن منتقدي النظام، ومنهم وارن بافيت وجيمي ديمون، يرون أنه يضغط على المديرين التنفيذيين لمطاردة أرباح قصيرة الأجل على حساب الابتكار والنمو المستقبلي. ويعكس طرح ترامب هذه المخاوف، مشيرًا إلى أن تقليل عدد التقارير قد يسمح للشركات بالتركيز على الاستراتيجيات طويلة الأجل بدلًا من إرضاء الأسواق كل ثلاثة أشهر.

التأثير المحتمل عالميًا

إذا اتجهت الولايات المتحدة نحو التقارير نصف السنوية، فسيصبح ذلك متماشيًا مع الممارسات المتبعة بالفعل في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وقد يشكل ذلك سابقة يمكن لاقتصادات أخرى أن تحذو حذوها، مما يخفف من أعباء التقارير على الشركات عالميًا. ومع ذلك، فإن هذا التغيير سيقلل أيضًا من تواتر البيانات المتاحة للأسواق. إذ يعتمد المستثمرون والهيئات التنظيمية وصانعو السياسات على هذه البيانات الفصلية لمتابعة الاتجاهات، بدءًا من الطلب على السفر الجوي وصولًا إلى استقرار البنوك وابتكارات التكنولوجيا. كما أن قلة التحديثات قد تزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق، مما يؤدي إلى تقلبات أكبر في أسعار الأسهم العالمية عند صدور النتائج المتأخرة.

الموازنة بين المرونة والشفافية

بالنسبة للأسواق العالمية، يسلط الجدل الضوء على التوازن الدقيق بين تقليل البيروقراطية وتحقيق الكفاءة من جهة، وضمان الشفافية من جهة أخرى. فالاقتصادات الناشئة التي تعتمد على المؤشرات المالية الأميركية قد تواجه تأخرًا في الحصول على بيانات مهمة، مما يعقد قرارات التجارة والاستثمار. كذلك، في الصناعات سريعة التغير مثل الذكاء الاصطناعي أو الطاقة، فإن الانتظار ستة أشهر للحصول على التحديثات الرسمية قد يبطئ الابتكار والاستجابة للأسواق.

ختاما
إن دعوة ترامب لإلغاء التقارير الفصلية ليست بلا أساس، فهي تعكس قلقًا حقيقيًا من ثقافة “رأسمالية الأرباع”. لكن التداعيات الأوسع تشير إلى وجود مفاضلة بين مرونة الشركات على المدى الطويل وبين الشفافية التي تدعم استقرار الاقتصاد العالمي. وإذا طُبِّقت هذه السياسة، فقد تعيد تشكيل الحوكمة المؤسسية في الولايات المتحدة وتؤثر كذلك على معايير التقارير المالية في الاقتصاد العالمي.

وجدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية