بعد إحكام قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر السيطرة على المناطق الشرقية في ليبيا وأغلب المناطق الجنوبية بما فيها الحقول النفطية والقواعد العسكرية، بدأ الخناق يضيق على حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والتي لم تعد تسيطر إلا على مناطق في الغرب منها العاصمة طرابلس.
ورغم سيطرة قوات حكومة الوفاق على المناطق الغربية، فإن كتائب مسلحة في تلك المناطق بدأت تعلن عبر بيانات تأييدها لما تسمى عملية الكرامة التي يقودها حفتر.
ففي الثالث من الشهر الماضي، أعلنت كتائب مسلحة بمدينة صرمان (60 غربي طرابلس) مباركتها لعملية “تطهير الجنوب” التي أطلقتها قوات حفتر، وأكدت “وقوفها مع حفتر لتحرير الجنوب من الإرهابيين والمرتزقة والدخلاء”.
في المقابل، تبرأت قوة حماية غريان (80 كلم جنوبي غربي طرابلس) من البيان الذي أصدرته كتيبة مسلحة أخرى أعلنت فيه تأييدها لعملية الكرامة. ووصفت قوة حماية غريان حفتر بـ”مجرم حرب وانقلابي”.
ومطلع الشهر الجاري، خرجت مظاهرة مؤيدة لحفتر أمام قاعة الشعب بطرابلس، شارك فيها العشرات، لكن سرعان ما تم تفريق المظاهرة من قبل مسلحين يتبعون كتيبة النواصي. ووصف مراقبون هذه المظاهرة بأنها بداية ظهور حفتر في العاصمة.
لم تعلن موقفها
ولم تلعن حكومة الوفاق موقفها من المظاهرة أو حتى اتخاذ أي إجراءات لوقف التحركات العسكرية التي بدأت تقترب من العاصمة طرابلس معقلها الرئيسي.
ورغم التحركات العسكرية في المنطقة الغربية والاجتماعات التي يعقدها ضباط تابعون لحفتر، فإن قوات حفتر لم تعلن بشكل صريح اعتزامها الدخول إلى طرابلس.
وكان أحمد المسماري المتحدث باسم قوات حفتر أعلن في تصريحات صحفية الشهر الماضي أن قرار الدخول إلى العاصمة لم يحسم بعد.
يذكر أن آمر غرفة عمليات الكرامة الرئيسية اللواء عبد السلام الحاسي اجتمع السبت الماضي مع قيادات المنطقة الغربية العسكرية رفقة وفد عسكري وصل إلى قاعدة الجفرة (وسط) برئاسة آمر المنطقة اللواء إدريس مادي.
ضعف شديد
وأرجع المحلل السياسي فرج دردور التحركات الجديدة والإعلانات المؤيدة لحفتر إلى الضعف الشديد الذي يعاني منه المجلس الرئاسي من انقسامات، مما أثّر سلبيا على القوات الأمنية الموجودة في المنطقة الغربية والتي لا تزال مشتتة ولا تلقى أي دعم.
ويرى دردور أن ما يجري هو في الحقيقة تحرك إعلامي لا غير وفقاعات إعلامية هنا وهناك تقودها بعض التلفزات التي تموّلها الإمارات.
وأضاف دردور في حديثه للجزيرة نت أن كثيرا من الكتائب المسلحة تعاني من نقص في الإمداد والتنسيق، وبالتالي تلجأ إلى قوات حفتر المدعومة داخليا وخارجيا وإعلاميا.
وأوضح دردور أن الخيار الصحيح الذي ينقذ البلاد هو الجلوس على طاولة حوار ترعاه قوى دولية، ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة بين كل المتخاصمين، والعمل على توحيد الجيش.
بيت مال
ولفت المتحدث إلى أن الانقسام السياسي تسبب في انقسام أمني قد يولد عنفا وحربا للسيطرة على المصالح والنفود والمال، مضيفا أنه لا يوجد شيء اسمه تحرير، بل إن كل ما في الأمر أنهم يرون في طرابلس بيت مال يجب الاستيلاء عليها.
وأشار دردور إلى أن تركيبة المجلس الرئاسي أسست على بناء السلام وليس العنف والحرب، لذلك هو لا يملك قوات فعلية، بل هناك بعض القوى التي تحاول الالتفاف حوله لاكتساب الشرعية.
وأضاف أن بعض المناطق لن ترضى بأي تمدد لحفتر، وإذا حدثت أي مواجهة مسلحة فستكون القوات المقاتلة تابعة للمنطقة الرافضة للتمدد وليس للمجلس الرئاسي، وستكون مقاومة أهلية قد يتبناها المجلس الرئاسي لإعطائها الشرعية، مؤكدا أن من يتخذ قرار الحرب ليس المجلس الرئاسي وإنما هذه الكتائب.
أضغاث أحلام
من جانبه قال رئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا عبد الرحمن السويلحي إن “معطيات القوة على الأرض والتي تؤكدها مراكز الأبحاث الدولية، ترجح بوضوح احتمال انهيار مليشيات حفتر وسقوط معقلها الرجمة، وهو أقرب بكثير من حلم دخولهم إقليم طرابلس”.
وأضاف السويحلي عبر تغريدة على فيسبوك “على الواهمين أن يستفيقوا من أضغاث أحلامهم ويكفوا عن دق طبول الحرب وترويع الآمنين بادعاءاتهم”.
واستبعد مراقبون دخول قوات حفتر إلى طرابلس بسبب معارضة أغلب القوى الإقليمية والولايات المتحدة، محاولة إدخال العاصمة في اقتتال بين المعسكريْن وتمسكها بالاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات بالمغرب.
المصدر : الجزيرة