أعلنت السلطات المغربية، أوائل مارس/ آذار الماضي، إلقاء القبض على عشرة أشخاص في مدينة الدار البيضاء (وسط)، للاشتباه في ضلوعهم بتزوير وثائق رسمية لصالح إسرائيليين من أصول غير مغربية، لتسهيل حصولهم على جنسية المملكة.
ما هي إلا أيام قليلة وقالت السلطات مرة أخرى إنها ألقت القبض على خمسة إسرائيليين بالتهمة نفسها.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي مطلع أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت السلطات المغربية توقيف إسرائيليين اثنين في مدينة مراكش (وسط)؛ بشبهة تزوير وثائق إدارية وجوازات سفر.
وأفادت بأن “المشتبه بهما حصلا معا على وثائق هوية وجوازات سفر مغربية، باستعمال وثائق ومستندات مزيفة، مستفيدين من خدمات الشبكة الإجرامية التي تم تفكيكها بداية مارس (آذار) الماضي، في الدار البيضاء”.
تلك الأحداث المتتالية في اتجاه واحد دفعت مناهضي التطبيع مع إسرائيل في المغرب إلى التحذير من أن ما يحدث يتجاوز جريمة التزوير إلى اختراق النسيج المغربي ومراكز صناعة القرار.
بؤر صهيونية مباشرة
عزيز هناوي، الكاتب العام (رئيس) للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع في المغرب (غير حكومي) قال ، إن “هذه الخلايا الإجرامية تأتي ضمن سلسلة عمليات اختراق إسرائيلي ممنهج تستهدف المجتمع المغربي”.
وحذر من أن “ما حدث يتجاوز مجرد جرائم تزوير عادية إلى محاولة الكيان الصهيوني استهداف الأمن المغربي والسلم الاجتماعي والاستقرار”.
وشدد على أن هذا “الاستهداف أخطر من كل مظاهر التطبيع والاختراقات السابقة في المملكة، فهو يهدف إلى صناعة بؤر صهيونية مباشرة في المغرب لا علاقة لها حتى باليهود من أصل مغربي”.
وأوضح أن هذا الوضع “سيمكن هؤلاء المجنسين، الذين لا علاقة لهم بالمغرب، مستقبلا من ممارسة الحقوق المخولة للمواطنين المغاربة، والوصول إلى مراكز حساسة في الدولة”.
محاكمة دون تدخل خارجي
بينما دعا عبد الرحمن بنعمرو، عضو هيئة المحامين بالرباط، الناشط بمجال مناهضة التطبيع، إلى “محاسبة مرتكبي هذا الفعل المجرم بموجب القانون المغربي، وكذلك المحرضين عليه والمساعدين في ارتكابه”.
وشدد بنعمرو، على ضرورة “أن يكون التحقيق في الجريمة ومحاكمة المتورطين خاليا من أي تدخل أو تأثير أجنبي”.
رد سياسي
إعلان السلطات المغربية الكشف عن خلايا تزوير الوثائق المغربية لصالح إسرائيليين، اعتبره هناوي “بمثابة رد سياسي من المغرب على الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها إثر موقفه الرافض لصفقة القرن، وكذلك الضغط الإعلامي الذي صاحب نشر وسائل إعلام أنباء عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للمغرب”.
و”صفقة القرن” هو اسم إعلامي لخطة سلام تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين، بمساعدة دول عربية، على تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل، بما فيها وضع القدس واللاجئين.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرا عن زيارة مزعومة مرتقبة لنتنياهو للرباط، وعن لقاء سري جمعه مع وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في مؤتمر دولي.
وخلفت تلك الأنباء ردود أفعال غاضبة من جانب مناهضي التطبيع في المغرب، فضلا عن تنظيم فعاليات احتجاجية رافضة لتلك الزيارة المزعومة.
ونفى المتحدث باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، صحة تلك الأنباء، مع تأكيدات مغربية على التمسك بالحقوق الفلسطينية.
ورأى هناوي أن “الإعلانات المتتالية للسلطات المغربية إثر القبض على هذه الخلية يدل على أن الدولة وقفت على ما هو أخطر مما تم الإعلان عنه، وهي إشارة من طرف المغرب إلى رفضه الشديد لمثل هذه الأساليب”.
قانون لتجريم التطبيع
أما بنعمرو فدعا إلى استثمار ذلك الرفض المغربي الرسمي في بناء موقف قوي مناهض للتطبيع.
وشدد على ضرورة “تطبيق القانون الجنائي المغربي على المتهمين، بما ينص عليه من ضمانات وعقوبات، إضافة إلى إقرار قانون لتجريم التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي”.
وتبنت كتل برلمانية مغربية من الأغلبية والمعارضة، عام 2014، مقترح قانون تقدم به “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع” يجرم “كل أشكال التطبيع مع إسرائيل”، لكن لم يعرض على البرلمان لمناقشته حتى الآن.
وأوضح بنعمرو أنه “بغض النظر عن عدم إقرار قانون تجريم التطبيع، فإن القانون الجنائي يجرم ويردع مثل هذه الأفعال”.
واعتبر هناوي أن “رغم إيجابية موقف المغرب من هذه المحاولات إلا أنه غير كافٍ، فالأمر يتطلب إصدار رد تشريعي بتجريم التطبيع ورفع سقف المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي”.
الاناضول