قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن واشنطن قررت تعزيز قواتها في الخليج في ضوء معلومات استخبارية أفادت بأن إيران تخطط لاستهداف مصالح أميركية في عدة دول بالمنطقة، عبر هجمات متنوعة تشمل غارات بطائرات مسيرة وتفجيرات واغتيالات.
وأضافت في تقرير لها نشرته أمس -نقلا عن مسؤولين أميركيين- أن المعلومات التي جمعتها الاستخبارات الأميركية تفيد بأن الخطط الإيرانية تشمل شن هجمات منسقة في مضيق باب المندب (جنوب غرب اليمن)، وهو ممر ملاحي إستراتيجي، عبر جماعات مسلحة موالية لها، في إشارة على الأرجح إلى الحوثيين.
ووفق مصادر الصحيفة، فإن الإيرانيين خططوا أيضا لاستهداف القوات المنتشرة في الخليج بواسطة طائرات مسيرة تملكها القوات الإيرانية، وربما فكروا أيضا في استهداف القوات الأميركية المنتشرة في الكويت.
وبحسب المعلومات نفسها، فإن الخطط الإيرانية تشمل مهاجمة القوات الأميركية في العراق، وربما أيضا في سوريا.
وفي مقال منفصل لهيئة تحريرها، قالت وول ستريت جورنال إن المليشيات المدعومة من إيران قد تستهدف القوات الأميركية في العراق، كما أن الحرس الثوري الإيراني يمكن أن يشن غارات مباشرة على السفن أو الدبلوماسيين الأميركيين، وإن إيران قد تلجأ أيضا إلى محاولات اغتيال أو عمليات تفجير في الغرب.
وقال مسؤول أميركي إنه ليس من الواضح ما إذا كانت الخطط التي وضعها الإيرانيون لضرب مصالح أميركية بالمنطقة على وشك التنفيذ أم أنها كانت استعدادات أولية تحسبا لمواجهة بين الطرفين.
خطوة للردع
وكان وزير الدفاع الأميركي بالوكالة بات شانهان قال أمس إن الإعلان عن نشر حاملة الطائرات “أبراهام لنكولن” ومجموعة من القطع الحربية في منطقة الشرق الأوسط، يمثل إجراء احترازيا ردا على تهديدات إيرانية جدية.
ودعا شانهان إيران للكف عما وصفها بالاستفزازات، وأكد أن الولايات المتحدة ستحملها مسؤولية أي هجوم على القوات الأميركية أو مصالح الولايات المتحدة.
وفي السياق، صرح مسؤول أميركي لشبكة “سي أن أن” بأن التهديدات الإيرانية كانت موجهة إلى القوات البحرية والبرية الأميركية في المنطقة، وأضاف أن عمليات نشر حاملة الطائرات ومجموعتها الحربية تهدف على وجه التحديد إلى ردع أي أعمال عسكرية إيرانية.
وفي طهران، علق قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي اليوم الثلاثاء على التعزيزات العسكرية الأميركية بالقول إن لديهم الإرادة الكافية لتتبع الأعداء وإلحاق الهزائم بهم والقضاء عليهم.
والشهر الماضي، هدد الحرس الثوري الإيراني -الذي صنفته واشنطن مؤخرا منظمة إرهابية- بإغلاق مضيق هرمز بعد إعلان الولايات المتحدة أنها ستلغي الإعفاءات التي منحتها العام الماضي لثمانية مشترين للنفط الإيراني، ومطالبتهم بوقف مشترياتهم بحلول الأول من مايو/أيار الحالي أو مواجهة عقوبات أميركية.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني كيوان خسروي قال أمس إن تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون عن إرسال حاملة الطائرات لنكولن “تدخل في إطار الحرب النفسية”، مضيفا أنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستحاول اختبار قوة القوات المسلحة الإيرانية.
وبالتزامن، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن السياسات والتحركات الأميركية تعقد أوضاع المنطقة.
وأضاف روحاني أن استهداف أميركا صادرات إيران النفطية هدفه ضرب استقرار المنطقة وأمن شعوبها، داعيا دول المنطقة -خصوصا الخليجية- للتعاون سياسيا وأمنيا.
غواصة إيرانية أطلقت صاروخا خلال مناورات جرت في فبراير/شباط الماضي بمضيق هرمز (رويترز)
توتر بالخليج
ويأتي الإعلان عن تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الخليج بحجة وجود تهديدات إيرانية ملموسة في الذكرى الأولى لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وسط توتر متصاعد ينذر بمواجهة رغم تأكيد الطرفين عدم رغبتهما في الحرب.
وتفاقم التوتر مؤخرا عقب قرار واشنطن وقف الاستثناءات الممنوحة لبعض الدول المستوردة للنفط الإيراني، وذلك في إطار سعيها لوقف ضخه بالسوق العالمية، في حين رد الإيرانيون بالتهديد بغلق مضيق هرمز، واستئناف بعض الأنشطة النووية التي تم وقفها لسنوات.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال أمس إن بلاده لاحظت أنشطة إيرانية تشير لاحتمال وقوع تصعيد، مضيفا أن ذلك ما دفعها لاتخاذ إجراءات ملائمة على المستوى الأمني، أو على صعيد توفير خيارات أمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرد على أي تطورات مستقبلية.
وفي الوقت نفسه، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إن واشنطن سترسل حاملة الطائرات إلى منطقة عمل القيادة المركزية بمنطقة الخليج، في إطار الرد على عدد من مؤشرات التصعيد المقلقة والتحذيرات، في رسالة واضحة لإيران بأن أي هجوم على مصالح أميركا أو حلفائها سيقابل بقوة صارمة.
وأضاف بولتون -المعروف بمواقفه المتصلبة تجاه طهران- إن “أميركا لا تسعى إلى حرب مع النظام الإيراني، إلا أننا على أهبة الاستعداد للرد على أي هجوم، سواء بالوكالة أو من الحرس الثوري الإيراني أو القوات النظامية الإيرانية”.
وعن إرسال حاملة الطائرات لنكولن إلى الخليج، قالت هيئة تحرير صحيفة وول ستريت جورنال إنه تحذير لإيران ووكلائها في المنطقة، وللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني على وجه الخصوص، مشيرة إلى أن سليماني يوجه الكثير من سياسة بلاده الخارجية.
أنشطة نووية
وفي إطار التوتر الراهن، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن مصدر مطلع قوله إن الرئيس روحاني يتجه لإعلان إجراءات غدا الأربعاء ردا على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وعدم إيفاء الاتحاد الأوروبي بالتزاماته تجاه إيران.
وأضاف المصدر أن الإجراءات المقرر إعلانها تشمل خفضا جزئيا أو كليا لبعض التزامات إيران المنصوص عليها في الاتفاق، واستئناف بعض الأنشطة النووية التي أوقفتها طهران بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015.
وأكد أن إيران لن تنسحب من الاتفاق بل ستعمل على تفعيل بعض ما ينص عليه من بنود بعد خرق أحد الأطراف لتعهداته، في إشارة إلى انسحاب واشنطن منه.