رسائل أميركية إيرانية عبر طائرات مسيرة وصواريخ كاتيوشا في سماء بغداد

رسائل أميركية إيرانية عبر طائرات مسيرة وصواريخ كاتيوشا في سماء بغداد

بغداد – تحول العراق عمليا إلى ساحة كرّ وفرّ بين إيران والولايات المتحدة، إذ تجسد حرب الطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا مستوى متقدما من المواجهة بين البلدين.

ويوم الاثنين، تعرض معسكران عراقيان، شمال بغداد، يستضيفان قوات أميركية إلى هجومين منفصلين بصواريخ الكاتيوشا، وذلك بعد يوم واحد من وقوع سلسلة انفجارات في معسكر عراقي آخر، تتخذه ميليشيات تابعة لإيران مقرا لتخزين سلاحها، جنوب العاصمة العراقية.

وبدأت أحداث هذا الأسبوع، بانفجار كبير جدا داخل معسكر مشترك بين قوات الشرطة الاتحادية التابعة لوزارة الداخلية وأحد ألوية الحشد الشعبي، وهو تحديدا اللواء 45، الخاص بميليشيا كتائب حزب الله، المقربة من الحرس الثوري الإيراني.

وبرغم إفادات أدلى بها شهود عيان تؤكد وجود جسم يحلّق في الهواء لحظة وقوع الانفجار، إلا أن السلطات الأمنية قالت إن أحد مخازن العتاد في المعسكر انفجر بسبب الحر الشديد، وهي الرواية التي تبناها فور صدورها مدير إعلام الحشد الشعبي مهند العقابي.

لكن هذه الرواية لم تصمد، وبينما حذفت السلطات الرسمية بيان الحر الشديد من مواقعها، تكشّفت معلومات تؤكد أن الموقع نفسه، وربما البقعة نفسها، تعرضت إلى هجوم قبل نحو عام واحد بالضبط، في إطار هجمات مجهولة دمرت ذخيرة معظم الميليشيات الموالية لإيران ضمن الحشد الشعبي.

وتقول مصادر مطلعة إن الهجوم الأخير، الذي يعتقد أن طائرات أميركية مسيرة نفذته، دمّر صواريخ بمديات متوسطة نقلها الحرس الثوري من إيران إلى العراق مؤخرا، لتخزينها مؤقتا، ثم نقلها إلى سوريا.

وأظهرت الصور من موقع الهجوم أن الجزء الأكبر من مخازن السلاح اختفى تماما داخل معسكر “صقر”، كما حدث في هجوم العام الماضي على الموقع نفسه. ولم تمض 24 ساعة على الهجوم، حتى تعرض معسكران عراقيان يستضيفان قوات أميركية شمال بغداد إلى هجومين منفصلين بصواريخ الكاتيوشا.

وإذا كانت الضربات التي يُعتقد أنها أميركية تتسبب في تدمير أسلحة وذخيرة وصواريخ ثمينة، فإن صواريخ الكاتيوشا التي يُعتقد أن إيران تقف خلف المجموعات التي تطلقها تسقط ضمن مواقع فارغة في الغالب داخل المعسكرات العراقية.

ولم تقدم السلطات الرسمية سوى معلومات مقتضبة عن الهجومين، لكنّ المراقبين وضعوهما في سياق ثأري، هدفه موازنة الرأي العام، والتصدي لأيّ سيناريو يظهر ضعف حلفاء إيران في العراق.

ويقول مراقبون إن تكرار سقوط صواريخ الميليشيات التابعة لإيران ضمن المساحات الفارغة في المعسكرات العراقية التي تستضيف قوات أميركية، يتضمن إشارتين؛ الأولى أن المجموعات التي تطلقها تجيد التصويب، لذلك تبتعد عن مواقع الجنود والآليات التي يسهل تحديدها ضمن المعسكرات، والثانية أن إيران لا تريد التورط في قتل جنود أميركيين، ما قد يفتح باب حرب شاملة عليها.

ويقول مراقبون إن المواجهة، الدائرة حاليا بين الولايات المتحدة وإيران، هي أقرب إلى حرب استنزاف من جانب واحد، إذ تقوم واشنطن بضرب إمدادات سلاح المجموعات المرتبطة بطهران، وتتلقى في المقابل ردودا.

ويتيح الوضع الأمني السائل في البلاد لجميع الأطراف التي تمتلك الإمكانيات اللازمة لتنفيذ عمليات عسكرية ضد خصومها، ما يضع العراق على صفيح ساخن باستمرار.

ويتهم زعماء ميليشيات عراقية موالية لإيران أجهزة عسكرية وأمنية رسمية في بغداد بمساعدة الأميركيين على استهدافهم وجماعاتهم.

وتتلقى أجهزة مكافحة الإرهاب والاستخبارات وبعض قطعات الجيش، اتهامات مستمرة بالعمالة للولايات المتحدة ومساعدتها على تحديد مواقع قادة الميليشيات ومخازن سلاحها في مختلف مناطق البلاد، إذ لم ينج أيّ منها من هجمات الطائرات المسيرة خلال العامين الماضيين.

ويتندّر الكثير من العراقيين بأن الطائرات الأميركية المسيرة قد تكون الحل الوحيد للتعاطي مع الميليشيات التابعة لإيران في بلادهم، وقادتها الذين يرون أنفسهم في مواقع ما فوق الدولة.

ويقول مراقبون إن الواقعية تفترض الاتفاق على أن القوات المسلحة العراقية، ربما ليست جاهزة، لخوض مواجهة مفتوحة مع الميليشيات التابعة لإيران، لأسباب عديدة.

وتملك الميليشيات قدرة كبيرة في الوصول إلى عوائل العديد من ضباط الجيش واحتجازها، والتهديد بتصفيتها، كما حدث الشهر الماضي عندما اعتقل جهاز مكافحة الإرهاب عددا من عناصر ميليشيا كتائب حزب الله متلبسين في التخطيط لتنفيذ هجوم صاروخي على مطار بغداد. وليس صدفة أن يكون الموقع الذي تمت فيه عملية الاعتقال، جنوب بغداد، بالقرب من المعسكر الذي استُهدف يوم الأحد.

وفي حينها، سارعت ميليشيا الكتائب إلى تطويق منازل ضباط شاركوا في العملية واحتجزت عوائلهم وهددت بقتلها، ما لم يُفرج عن المعتقلين في عملية جنوب بغداد. ويقول مراقبون إن هذا الحال ربما يستمر، ولن يشهد تغييرا كثيرا من دون تصدّي طرف آخر للميليشيات التابعة لإيران.

العرب