يعتزم نائب الرئيس الامريكي جون بايدن خوض غمار المنافسة السياسية على منصب رئاسة الولايات المتحدة الامريكية لعام 2016، ويقدم نفسه مرشحا بارزا للحزب الديمقراطي الامريكي ومنافسا قويا لوزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلنتون، التي تمكنت ومنذ اكثر من سنة من تجميع كل قواها السياسية وخبرتها بالعمل بالإدارة الامريكية وعلاقات زوجها الرئيس السابق بيل كلنتون مع جميع اطراف الادارة الامريكية، وبالدعم المادي الكبير الذي تمكنت من تجميعه لتجعل لنفسها حظوظا في المنافسة على الموقع الاول في رئاسة الولايات المتحدة الامريكية
ان ما يجعل قرار جون بايدن مفاجئا ومغايرا للواقع السياسي للحزب الديمقراطي أنه جاء بعد مداولات عديدة اجراها نائب الرئيس الامريكي مع جميع الاطراف ذات العلاقة بانتخابات الرئاسة الامريكية لعام 2016 ، الامر الذي دعاه للتفكير جديا ليكون منافسا قويا لهيلاري كلنتون وكسب ثقة الاعضاء البارزين في قيادة الحزب الديمقراطي، لمنح أحدهما ثقة الحزب، ومن ثم التنافس مع شخصية سياسية من شخصيات الحزب الجمهوري
المزايا التي يتمتع بها جون بايدن والتي تؤهله ليكون منافسا لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية:
1.استمرار عمله في الادارة الامريكية لأكثر من ست سنوات بمنصب نائب الرئيس الامريكي وانخراطه بشكل مباشر وفعال على آلية القرار السياسي وتوجهات الادارة الامريكية وكيفية صناعة القرار فيها.
2.سبق وان عمل في مجلس الشيوخ الامريكي ويتمتع بعلاقات جيدة وواسعة مع اعضاء المجلس البارزين والمؤثرين، والذين يمتلكون مقومات الدعم السياسي والمالي لأي مرشح قادم .
3.أعتبر الرئيس الامريكي أوباما وعلى لسان الناطق الرسمي للبيت الابيض ايرنست (أن قرار جون بايدن دخول المنافسة الرئاسية هو أذكى قرار أتخذه في حياته السياسية، وكرر الاشادة بدوره في العمل بالإدارة الامريكية، وهذا ما أعتبر دعما واضحا وتأييدا لقرار جون بايدن.
4.يتمتع بعلاقات جيدة مع قيادات مؤثرة سياسيا في القرار الامريكي ومنها السيناتور إليزابيث وارين وهي زعيمة تقدمية تحظى بتأييد كبير بين الديمقراطيين، والتي أجتمع معها قبل أيام وأبدت تفهمها وحرصها على معرفة موقفه النهائي من الترشيح للمنافسة وهي حالة ايجابية في سعيه الجاد لتحقيق طموحه السياسي .
ان سعي جون بايدن للترشيح يعني أن هناك أطرا سياسية وأهداف استراتيجية وآمال يعقدها الحزب الديمقراطي على الاستمرار بتبني سياسة مستقبلية للولايات المتحدة الامريكية، تتسم بنفس سياقات وخواص الاعوام الثمانية التي أدار بها باراك اوباما السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الامريكية، ويتضح هذا في ملاحظاتنا الاتية:
1. ان جون بايدن من الشخصيات السياسية المقربة جدا من الرئيس اوباما، ومن الذين تبنوا واشادوا بأفكاره وآراءه ودعموا سياساته. اضف إلى ذلك فانه من الاعضاء البارزين في الحلقة القريبة من الرئيس اوباما، وغالبا ما يكلفه الرئيس بإدارة حلقات المناقشة والحوار حول اي قرار يتخذه ليكون من المدافعين والمؤيدين له .
2.تأييده المعلن لجميع القرارات الرئاسية، وحث اوباما باستمرار على التمسك بقراراته وعدم التنازل عنها، بل تشجيعه على المضي في سياسته داخل الادارة الامريكية، فعلى سبيل المثال فان بايدن هو احد الساسة الديمقراطيين الداعمين والمؤيدين للاتفاق النووي الايراني، ومن الذين ساهموا في ادارة وتوجيه المفاوضات إلى منتهاها بالتوقيع على الاتفاق.
3.سعي الحزب الديمقراطي على الابقاء على توجهات السياسة الامريكية في إدارة الملفات في منطقة الشرق الاوسط، والتعامل مع الصراعات والنزاعات العسكرية التي تشهدها المنطقة العربية بذات النهج السابق، مع العمل على اعادة تأهيل إيران، والاهتمام بروسيا والصين.
ومما لاشك فيه فان فكرة الترشيح هذه، وبقدر تعلق الامر بالمنطقة العربية لم تأتي الا لدواعي سياسية وامنية واقتصادية وعسكرية غايتها ترسيخ مصالح الولايات المتحدة الامريكية، وهذا ما سنراه اذا ما تمكن بايدن من المضي وتحقيق حلمه السياسي على ساحتنا العربية ممثلة بما يأتي:
1.سعي جون بايدن للمضي في مشروعه القائم على تقسيم العراق لثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية وابقاء الوضع السياسي المتأزم بالعراق، مع استمرار الصراعات والنزاعات الطائفية وتمكين المليشيات المسلحة من بسط نفوذها على الاوضاع في البلاد .
2.استمرار حالة القتال والمواجهة على الساحة السورية دون العمل بشكل جدي للإطاحة بنظام بشار الاسد، وعدم دعم المعارضة السورية باي مقومات عسكرية متقدمة لمواجهة قوات النظام والياته وادواته العسكرية .
3.عدم جدية الولايات المتحدة الامريكية في انهاء الصراع السياسي في لبنان، الذي يشهد منذ سنة واحدث فراغا سياسيا متمثلا بعدم انتخاب رئيسا للجمهورية اللبنانية بسبب التأثيرات والنفوذ الايراني على الساحة اللبنانية.
4.أبقاء النهج السياسي في العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي ومراعاة مصالح الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، والمضي بسياسة احتواء هذه الدول حيث يمثل عنصري الطاقة والمصالح الاقتصادية اعلى درجات الحفاظ على علاقات متينة وواضحة مع هذه الدول.
5.العمل على التمسك بجدية وحرص على المضي بتطبيق الاتفاق النووي الايراني، والسعي لإيجاد أرضية جيدة لتحقيق أفضل العلاقات مع إيران وتدعيم العلاقات الاقتصادية .
6. استمرار نمط المواجهة العسكرية لتنظيمات ومقاتلي “الدولة الاسلامية” ضمن اطار قيادة قوات التحالف الدولي، لاستنزاف موارد المنطقة والتمسك بفكرة ان مواجهة التنظيم ومعالجة الارهاب يحتاج سنين وأيام طويلة .
فهل سنرى استمرارا لسياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط، أم ان هناك منعطفات ومنطلقات جديدة، ستدفع الساسة الامريكيين إلى تغيير توجهاتهم في المنطقة، اعقاب الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 ؟ لاشك فان مصالح حلفاء الولايات المتحدة الامريكية في خطر..
وحدة الدراسات الدولية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية