قالت سلطات إقليم كردستان العراق، الاثنين، إنها أحبطت مخطّطا للهجوم على دبلوماسيين أجانب في مدينة أربيل مركز الإقليم.
وجاء في بيان لمجلس أمن الإقليم، وهو أكبر وكالة أمنية في كردستان العراق، أنّ الهجوم خطط له أشخاص على صلة بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض منذ عقود صراعا مسلّحا ضدّ تركيا التي وسعت في المدّة الأخيرة من نطاق ملاحقتها لعناصره داخل الأراضي العراقية وحوّلت عملياتها الخاطفة ضدّهم إلى حملات عسكرية جوية وبرية واسعة النطاق وممتدة لعشرات الكيلومترات في عمق تلك الأراضي ومن دون تنسيق مع السلطات العراقية بما في ذلك سلطات الإقليم الكردي.
وعلى الرغم من حالة الاضطراب وعدم الاستقرار اللذين ميزا الوضع الأمني في كثير من مناطق العراق منذ سنة 2003، فإنّ إقليم كردستان عرف حالة من الاستقرار وتميّزت أجهزته الأمنية بالتماسك والتجانس والكفاءة قياسا بما هي عليه القوات الأمنية والعسكرية التابعة للدولة المركزية التي وصل بها الأمر إلى حالة أقرب إلى الانهيار أمام زحف عناصر داعش الذي تمكّن سنة 2014 من احتلال ما يقارب ثلث مساحة البلاد.
وكثيرا ما تمكّن الإقليم من تسويق ميزته الأمنية للحصول على ثقة دول الإقليم والعالم. وهو يبدو من خلال حزمه مع عناصر حزب العمّال الكردستاني وتنفيذ عمليات استباقية ضدّهم، بصدد توجيه رسائل طمأنة لتركيا مفادها أنّه يظل شريكا قويا لها في حفظ الأمن والاستقرار.
كذلك يعرض الإقليم أراضيه كملاذ آمن بديل للقوات الأميركية التي شرعت واشنطن في سحبها من كثير من نقاط تمركزها في عدد من مناطق العراق بعد تعرّضها لتهديدات وهجمات محدودة من قبل ميليشيات شيعية موالية لإيران تحاول إقلاق راحة تلك القوات وصولا إلى دفع الإرادة الأميركية إلى سحبها.
ولم يستثن تحرّش تلك الميليشيات بالمصالح الأميركية سفارة الولايات المتّحدة في بغداد، الأمر الذي دفع واشنطن إلى التهديد بسحب بعثتها الدبلوماسية من العراق، فيما إقليم كردستان يبدو على أهبة الاستعداد لاستقبال المصالح الأميركية وتأمينها بكفاءة.
ويأمل الإقليم أن يجلب له الدور الوظيفي الأمني منافع مادية ومساعدات خارجية في أوج أزمته غير المسبوقة التي وصلت حدّ عجزه عن دفع رواتب موظفيه بفعل توقّف بغداد، المأزمة بدورها جرّاء تراجع أسعار النفط، عن صرف حصّته من الميزانية الاتّحادية.
وجاء الإعلان عن إحباط مخطّط حزب العمال الكردستاني في وقت يواجه فيه الحزب ضغطا غير مسبوق من هجوم للجيش التركي على قواعده في شمال العراق ومن السلطات العراقية والكردية التي تريد إخراجه من المناطق المتاخمة للحدود السورية.
وجاء في بيان لمجلس أمن إقليم كردستان أنّ “قوات الأمن أفشلت في الأيام الماضية مجموعة من الهجمات التخريبية، وتم اعتقال مجموعة أشخاص لديهم علاقات مع مجاميع إرهابية”.
وأشار البيان إلى أن السلطات الأمنية اعتقلت 12 متهما بينهم اثنان يحملان الجنسية السورية داخل الإقليم على صلة مع حزب العمال الكردستاني، موضّحا “هؤلاء متورطون بالتخطيط لشن هجمات على مجموعة قنصليات، واغتيال دبلوماسيين، إضافة إلى الهجوم على أصحاب رؤوس أموال وشركات خاصة تعمل بالإقليم”.
كما أشار البيان إلى اعتقال متورطين آخرين (لم يحدد عددهم) يقيمون بعدة دول أوروبية بالتعاون مع الشرطة الدولية الإنتربول. وأوضح أن سلطات أمن الإقليم أفشلت مخطط المعتقلين، بعد أربعة أشهر من المتابعة.
وفي سياق متصل، أعلن ذات البيان أن سلطات الإقليم اعتقلت 15 مواطنا عراقيا، كانوا يخططون لتنفيذ أعمال اغتيال وعنف.
حكومة كردستان تسعى للحصول على دعم خارجي في أوج الأزمة التي وصلت إلى حد عجزها عن دفع الرواتب
وأضاف أنّ “ثمانية من هؤلاء كانوا يخططون لاغتيال أحد محافظي الإقليم، وقاموا بأعمال عنف بمحافظة دهوك”. أمّا المعتقلون السبعة الآخرون، بحسب ذات البيان، فمتّهمون “بالتخطيط لأعمال عنف والعبث بأمن الإقليم”، دون مزيد من التفاصيل.
كما أعلن المجلس في بيانه أنّ “المتابعة مستمرة لاعتقال متهمين آخرين، بعضهم يعد جزءا من شبكة تم تأسيسها منذ سنوات، تهدف لجمع معلومات استخبارية وعسكرية عن مؤسسات الإقليم ومسؤوليه”، مبينا أنّ المفتّش عنهم “خططوا لاغتيال مسؤول أمني كبير وقاض، كما قاموا بتبادل معلومات مع جهات أخرى من ضمنها حزب العمال الكردستاني”.
واختُتم البيان بالإشارة إلى أنّه تم إبلاغ الحكومات الأجنبية والمؤسسات والأجهزة المخابراتية المختصة بهذه الأمور، وبالمعلومات التي حصل عليها مجلس أمن إقليم كردستان حتى الآن، معتبرا أن العمليات التي تمّ إحباطها تظهر التهديد المستمر للسلام والأمن في إقليم كردستان، “لكن قوات الأمن تقوم بدورها ولا تسمح بالعبث بالأمن والسلام”.
وفي المقابل نفى مسؤول من جماعة سياسية كردية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني أن تكون للحزب علاقة بأي هجمات مزمعة.
ويواجه الحزب واحدة من أشرس الهجمات العسكرية التركية على قواعده داخل الأراضي العراقية منذ سنوات.
ويهدف اتفاق للأمن وإعادة البناء بين أربيل وبغداد إلى طرد كل أتباع حزب العمال الكردستاني من بلدة سنجار على الطريق بين مدينة الموصل مركز محافظة نينوى والحدود السورية.
وتعتبر الحكومة الكردية في أربيل، والتي يهيمن عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة أسرة البارزاني، حزب العمال الكردستاني خصما لها، بينما تربطها مصالح مع تركيا على رأسها الاعتماد على خطوط الأنابيب التركية لتصدير النفط.
ويشن الحزب تمرده على تركيا انطلاقا من قواعد في مناطق جبلية بشمال العراق، وخلال السنوات الأخيرة أقام قاعدة في شمال شرق سوريا من خلال وحدات حماية الشعب الكردية المتحالفة معه.
ودأبت أنقرة على استهداف الحزب في المنطقتين، لكن توغلها في العراق هذا العام يعتبر إحدى أكبر عملياتها ضد الحزب هناك. ويأتي الهجوم كجزء من جهود تركيا لفرض نفسها عسكريا في المنطقة في ظل اعتراضات شكلية وباهتة من قبل الحكومة المركزية العراقية وسلطات إقليم كردستان رغم سقوط قتيلين على الأقل في أغسطس الماضي من حرس الحدود العراقي في ضربة تركية بطائرة مسيرة.
وكان مسلح قد قتل دبلوماسيا تركيا بالرصاص في مطعم بمدينة أربيل في يوليو من العام الماضي بعد أسابيع من بدء توغل تركي آخر في العراق ضد حزب العمال الكردستاني. واتهم مسؤولون أكراد الحزب في أحاديث خاصة بالمسؤولية عن مقتل الدبلوماسي التركي. ويقولون إنه يسعى لشن هجمات مشابهة في منطقة كردستان.
صحيفة العرب