إسرائيل تضع فيتو أمام إيران: لا عودة إلى الملف النووي

إسرائيل تضع فيتو أمام إيران: لا عودة إلى الملف النووي

واشنطن – لن تجد إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن صعوبات في إقناع حلفائها الأوروبيين بفكرة العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، كما أن السعودية قد تقبل بذلك على مضض. لكن التحدي الأكبر أمام الإدارة الأميركية الجديدة سيكون فيتو الإسرائيليين على برنامج إيران النووي، وقد باتوا أكثر راديكالية في مواجهة إيران من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي يستمر في مراكمة العقوبات على طهران إلى أيامه الأخيرة.

ويشكل حصول إيران على سلاح نووي تهديدا مباشرا لإسرائيل التي تبذل كل ما في وسعها لتظل القوة النووية الوحيدة في المنطقة؛ وهذا ما يفسر تخصيص تل أبيب نسبة كبيرة من اهتمامها ومواردها لإبطاء التقدم في البرنامج النووي الإيراني، من عمليات اختراق واغتيال علماء داخل الأراضي الإيرانية على صلة بهذا البرنامج.

ويعتقد مسؤولون إسرائيليون أن التغييرات والتقلبات في نهج الولايات المتحدة تجاه إيران وبرنامجها النووي -سواء في فترة باراك أوباما أو في فترة بايدن المرتقبة- لا تأخذ في الحسبان الأمن القومي الإسرائيلي، ما يجعل تل أبيب تتصرف بشكل مباشر لضرب المنشآت الإيرانية ومنع أي تقدم في البرنامج النووي قد يهدد أمنها، خاصة في ظل دعوات المسؤولين الإيرانيين المتواصلة إلى إلغاء إسرائيل من الوجود.

ومع التوقعات بأن تتخذ إدارة بايدن خطوات إيجابية تجاه إيران، فإن إسرائيل ستعمل على مواجهة هذا الانفتاح بطريقتها الخاصة؛ وذلك بتنفيذ ضربات دقيقة لتعطيل البرنامج النووي حتى لو حصل الإيرانيون على ضوء أخضر من البيت الأبيض ورئيسه الجديد لتحريك هذا البرنامج في الحدود الدنيا تحت مسمى البرنامج السلمي.

وتمتلك إسرائيل ما يكفي من الأوراق للدفاع عن نفسها في مواجهة بايدن، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة، حيث تحتفظ بلوبي نافذ داخل الكونغرس وفي ساحة المال والإعلام.

وخلال فترة حكم ترامب، وقفت كل من إسرائيل والولايات المتحدة على قدم وساق في ما يتعلق بالانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرْضِ حملة عقوبات أقصى على الاقتصاد الإيراني.

وأثبتت الولايات المتحدة أن قوتها الاقتصادية تمنحها القدرة على ممارسة ضغوط اقتصادية هائلة حتى على دولٍ ليست مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالنظام الاقتصادي الدولي.

ومن الصعب أن يضرب بايدن عرض الحائط بكل العقوبات التي فرضتها إدارة سلفه ترامب على إيران، أو يفتح أبواب العودة مشرعة على مصراعيها أمام الشركات الأجنبية، ويعبّد الطريق أمام تصدير النفط الإيراني. وعلى العكس، فقد يستثمر الرفع التدريجي لبعض تلك العقوبات في تحصيل تنازلات من إيران وتحسين صورته كمفاوض جيد قادر على ترويض النظام الذي يهيمن عليه المتشددون.

ويقول إلداد شافيت وأري هايستاين في تقرير لمجلة “فورين بوليسي” إنه سيكون من المهم بالنسبة إلى إسرائيل أن توضح إدارة بايدن لإيران أنها لن ترفع جميع العقوبات المعاد فرضها قبل التوصل إلى اتفاق جديد يتضمن تنازلات إضافية من إيران.

لكن ما يثير قلق إسرائيل ليس البرنامج النووي، فهي تعرف أن الأميركيين سيضعون له خطوطا حمراء ويتحكمون في هامش المناورة المسموح بها، إنما تتخوّف من نجاح إيران في الاستفادة من التفاوض وتسليط الأضواء على الجدل الدائر حول المراقبين الدوليين وحول درجة التخصيب، واستثمار ذلك في التمويه وتطوير برنامج مواز يصبح التصدي له صعبا.

كما أن تساهل أوباما مع الدور الإقليمي لإيران تسبب في مشاكل وتهديدات للأمن القومي الإسرائيلي، حيث تدفق الإيرانيون والميليشيات الحليفة إلى سوريا بالعديد والعتاد، وصار التهديد الإيراني على حدود إسرائيل.

ولا تستطيع تل أبيب أن تسكت على استعادة هذه الإستراتيجية وتفعيلها مرة ثانية، من خلال إطلاق أيدي الإيرانيين في سوريا ولبنان، والسماح بعبور الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله، ما قد يضطر تل أبيب إلى توخّي إستراتيجية مضادة لتظهر وكأنها تتحدى إدارة بايدن أو تضع العراقيل أمام خططه في الشرق الأوسط.

العرب