خبراء أميركيون ينقسمون تجاه مواقف بايدن من الملف الإيراني

خبراء أميركيون ينقسمون تجاه مواقف بايدن من الملف الإيراني

اقتراب مرور شهرين على تنصيبه رئيسا جديدا للولايات المتحدة، لم يحسم جو بايدن كيفية بدء تنفيذ تصوراته تجاه إيران.

وتبادلت طهران وواشنطن اللوم على عدم بدء المسار الدبلوماسي، رغم وجود رغبة لدى الطرفين في الدخول فيه، ويدعي مسؤولو الدولتين أن الكرة في ملعب الطرف الآخر.

ورغم تراجع أهمية ملفات الشرق الأوسط لدى الإدارة الجديدة على حساب قضايا مواجهة فيروس كوفيد-19 والصين والمناخ، لم يتراجع الاهتمام الإعلامي أو السياسي بقضية التفاوض مع إيران.

الجزيرة نت استطلعت آراء عدد من خبراء الشأن الإيراني في العاصمة الأميركية، وهو ما أظهر انقساما واسعا في رؤيتهم لكيفية تعامل بايدن مع الملف الإيراني.

وعبرت باربرا سلافين، وهي خبيرة في الشؤون الإيرانية ومديرة مبادرة مستقبل إيران في المجلس الأطلسي، عن إحباطها من عدم تقديم إدارة بايدن المزيد من الإشارات، لا سيما في ما يتعلق بتخفيف تبعات معاناة الايرانيين بسبب فيروس كورونا، قبل أن تتوقع من إيران أن تبدأ التراجع عن برنامجها النووي.

وقالت -في حديثها للجزيرة نت- “ومع ذلك، أعتقد أن على الإيرانيين الموافقة على عقد اجتماع من دون شروط مسبقة. إن عقد اجتماع ليس تنازلا كما يجادل كثيرون مرارا وتكرارا، ومن الضروري عقد اجتماع للاتفاق على كيفية تسلسل العودة المتبادلة للامتثال لبنود الاتفاق النووي”.

وأشارت سلافين -التي يعرف عنها التواصل مع أطراف فاعلة في واشنطن وفي طهران- إلى أن “هناك غيابا في الثقة بين الجانبين بعد 4 سنوات من حكم ومواقف إدارة دونالد ترامب”.

وأضافت “أكثر من ذلك، نحن على شفا الانتخابات الرئاسية في إيران، وهناك بعض التقارير التي تفيد بأن المرشد الأعلى والمحافظين لا يريدون تخفيف العقوبات حتى لا يخدم ذلك بقاء الرئيس حسن روحاني في منصبه”.

اعلان
وترى أن كل أبواب الاحتمالات مفتوحة، وذكرت سلافين للجزيرة نت أن “الإيرانيين والأميركيين يقولون لي إن هناك احتمالات تزيد على 50% للعودة للمفاوضات. ولكن السؤال: متى؟ ومن المؤكد أن الأوروبيين يعملون بجد لسد الفجوة بين الطرفين”.

وقالت إن على الولايات المتحدة “اتخاذ الخطوة الأولى، حيث إن الولايات المتحدة كانت أول من غادر خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)”.

وترى سلافين إمكانية أن تخبر واشنطن كوريا الجنوبية واليابان ودولا أخرى لديها أرصدة إيرانية مجمدة بإمكانية استخدامها لشراء الغذاء والدواء للإيرانيين.

أما مايكل روبين، المسؤول السابق بوزارة الدفاع الأميركية والخبير بمعهد أميركان إنتربرايز، فتوقع -في حديث له مع الجزيرة نت- حدوث تصعيد بين الطرفين.

وقال روبين “من المؤكد أن بايدن قد أشار إلى استعداده للتفاوض، لكنه لا يفهم على ما يبدو أننا في عام 2021 ولسنا في عام 2015. وفي حين أنه قد مدّد غصن زيتون من خلال السماح للعراق وعمان وكوريا الجنوبية بتحويل مليارات الدولارات إلى إيران، وأيضا بإلغاء تصنيف الإرهاب ضد الحوثيين، فإنه سمح لنفسه بانتقادات داخلية كبيرة، لأنه لم يحدث تحسنا ناتجا عن ذلك في السلوك الإيراني أو أي إشارة جدية إلى اهتمامهم بالتقارب”.

ولا يتوقع روبين أن تتم العودة للاتفاق النووي السابق الموقع عام 2015، ورأى أن “بنود خطة العمل الشاملة المشتركة تجعل من الصعب العودة إلى الوضع السابق”.

وتطالب الولايات المتحدة إيران بالتخلص من اليورانيوم المخصب بما تجاوزته من حدود مقررة في اتفاق 2015، في حين تطالب إيران برفع العقوبات قبل القيام بأي تحركات من هذا النوع.

ويزيد من تعقيد المشكلة من وجهة نظر واشنطن أن العديد من العقوبات ذات صلة بالإرهاب، وليست لها أي علاقة بالملف النووي.

إلا أن روبين توقع “أن تستأنف المحادثات المباشرة في نهاية المطاف، رغم أن إيران ستنكر ذلك علنا من أجل الحصول على مكافأة قبل أن يأتوا إلى طاولة المفاوضات، ومن غير المرجح أن يتحدث الإيرانيون بأي موضوعية عن قضايا الخلافات مع واشنطن قبل انتخاباتهم الرئاسية القادمة”.

واعتبر روبين أن إيران تتبع إستراتيجية اعتادت عليها، وبمقتضاها تتلقى طهران الحوافز قبل المحادثات الجادة. وقد تلقوا ما يقرب من 12 مليار دولار، قبل أن يتم التوقيع على اتفاق 2015، وتلعب إيران على حافة الهاوية، وليس هناك سبب يدعو إلى التسرع معها.

واعتبر سينا أزودي، الخبير في المجلس الأطلسي والباحث بمؤسسة دراسات دول الخليج، أن إدارة بايدن قامت بالفعل بخطوات رمزية تجاه إيران بهدف تخفيف حدة التوترات.

ومع ذلك، فقد اتبعت -عمليا- وحافظت على حملة الضغط القصوى التي فرضها ترامب على إيران.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار أزودي إلى أن هناك منظورين للتعامل لفهم بعض أبعاد الأزمة الحالية؛ أولهما أن طهران تعتقد أنه بما أن الولايات المتحدة هي التي انسحبت من الاتفاق، فإن الأمر متروك للولايات المتحدة لتصحيح الخطأ والعودة.

وقال إن طهران أبدت بعض المرونة في هذا الصدد، ودعت في البداية إلى رفع كامل للعقوبات، ولكنها أشارت الآن إلى أنها مفتوحة للرفع التدريجي على مراحل.

وحسب أزودي، فإن واشنطن تعتقد أن لديها بالفعل الكثير من أدوات الضغط على طهران، وتقول إن إيران يجب أن تبدأ في الامتثال للاتفاق أولا. وفي جوهر الأمر، يعتقد الجانبان أن موقف كل منهما أفضل من موقف الجانب الآخر، وهما يتحصنان في مواقفهما لدرجة أنهما يخشيان من أن إظهار المرونة يمكن اعتبارها علامة ضعف للطرف الآخر.

وأشار أزودي إلى إيمانه بأن “المحادثات المباشرة بين طهران وواشنطن أمر لا مفر منه، ولا يتعلق الأمر بحدوثها من عدمه، بل يتعلق الأمر بالتوقيت”.

ويرى سينا أزودي أن كلا الطرفين ينظران لمبادرة الخطوة الأولى كأنها “علامة ضعف، وأعتقد أنه ينبغي أن يتفق الجانبان على الاجتماع من دون أي شرط مسبق لتوضيح مواقفهما. هذا لا يعني أن عليهما التوصل إلى جميع التفاصيل، ولكن الموافقة على المحادثات تخلق بيئة حيث تظهر المرونة أسهل بكثير”.

المصدر : الجزيرة