على الرغم من مقارنة سقوط العاصمة الأفغانية كابول بسقوط سايغون، إلا أن المقارنة الأفضل هي انهيار الجيش العراقي عام 2014 في مواجهة هجوم تنظيم “الدولة الإسلامية”، على حد تعبير جيمس فيليبس في صحيفة “ذا ديلي سيغنل”، الذي أشار إلى أن الأزمات سبقتها انسحابات عسكرية أمريكية غير حكيمة، وعلى عكس سقوط جنوب فيتنام، فقد عززت كلتا الأزمتين الجماعات الإرهابية التي تركز على قتل الأمريكيين.
على الرغم من مقارنة سقوط العاصمة الأفغانية كابول بسقوط سايغون، إلا أن المقارنة الأفضل هي انهيار الجيش العراقي عام 2014 في مواجهة هجوم تنظيم “الدولة “
وقد لعب بايدن، كنائب للرئيس في ذلك الوقت، دوراً رائداً في الضغط من أجل انسحاب أمريكي كامل من العراق خلافاً لنصيحة كبار مسؤولي الجيش والمخابرات، وكانت نتائج الانسحاب الكلي من العراق لعام 2011 متوقعة، حيث قوض الانسحاب العسكري الأمريكي القدرات العسكرية والاستخبارية ومكافحة الإرهاب العراقية وخلق فراغاً ملأته إيران من خلال استغلال التوترات الطائفية، والتي مكنت من نمو تنظيم “الدولة”.
ولاحظ الكاتب أنه على الرغم من أن إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما قد أُجبرت لاحقاً على عكس مسارها في عام 2014، وإعادة نشر القوات العسكرية الأمريكية لهزيمة تنظيم “الدولة” في العراق وسوريا، إلا أن صعود التنظيم ألهم هجمات إرهابية دموية قام بها مسلحون إسلاميون في جميع أنحاء العالم.
ولمنع “الدولة” من الصعود مرة أخرى، احتفظت الولايات المتحدة بقوات متبقية قوامها 2500 جندي في العراق، وتمركز نفس العدد في أفغانستان، قبل أن يقرر بايدن الانسحاب، وكما هو الحال في العراق، تجاهل بايدن نصيحة المسؤولين العسكريين، الذين جادلوا بأن القوة المتبقية الصغيرة كانت خياراً مستداماً يمكن أن يساعد في استقرار الوضع بتكلفة منخفضة نسبياً، تماما كما ساعدت الوحدات العسكرية الأمريكية الصغيرة في استقرار العراق وشرق سوريا.
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان سيؤدي إلى تنشيط الحركة الجهادية العالمية
وبحسب ما ورد، فقد كانت الكارثة الناتجة عن الانسحاب وصمة عار من تلقاء نفسها على سمعة أمريكا وكارثة إنسانية وانتكاسة كبيرة في مكافحة الإرهاب ومن المرجح أن يتم تنشيط الحركة الجهادية العالمية وتشجيعها بفعل انتصار طالبان، تماما كما حدث مع النجاح الأول لتنظيم “الدولة”.
وتدعى إدارة بايدن أنها تستطيع بشكل كاف مراقبة التهديدات الإرهابية الموجودة في أفغانستان من خارج البلاد وردعها والدفاع عنها، ولكن مصداقية هذا الأدعاء تراجعت بشدة بسبب فشل الإدارة المذهل في توقع خطورة المخاطر الكامنة في اندفاعها للخروج من البلاد.
وقد حذرت وزارة الدفاع الأمريكية بالفعل من أن الشبكات “الإرهابية” يمكن أن تعيد تأسيس نفسها في أفغانستان بشكل أسرع من المتوقع بسبب انتصار طالبان السريع.
وأثار صاحب المقال أسئلة مقلقة بخصوص حكم الرئيس بايدن وكفاءة إدارته، وقال إنه لسوء الحظ فقد فات الآوان لإنقاذ الوضع في أفغانستان، وأفضل ما يمكن عمله هو إجلاء الأمريكيين والأجانب وأكبر عدد من الحلفاء الأفغان بسرعة، قبل أن يتم استهدافهم بالقتل أو احتجازهم كرهائن.
ولاحظ فيليبس أن الولايات المتحدة ستجد أن خياراتها لمكافحة الإرهاب تقتصر على أنصاف الإجراءات غير الفعالة إذا قامت الحركة بدعم هجمات على الأمريكيين، وعندها فقط، سيتم التركيز على تكاليف الأمن القومي الكاملة لمناورة بايدن المحفوفة بالمخاطر.
وأضاف أن بايدن قلل بشكل كبير من المخاطر الأمنية لخسارة الحرب في أفغانستان فضلاً عن التكاليف الإنسانية وتكاليف حقوق الإنسان المترتبة على حكم طالبان المتجدد، ولكنه سينتهي به الأمر إلى السعي وراء ما تبقى من إدارته لاحتواء وتعويض “الإرث السام” غير المقصود لانسحابه المتهور من أفغانستان.
القدس العربي