هل يمكن أن تأتي السنة الجديدة بحرب لبنانية ثالثة؟ لتشتعل المنطقة وتعيد الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، الإجابة عن هذه التساؤلات تبدو ملحة للغاية، وفقاً للعديد من المحللين في واشنطن، لأن المصالح الأمريكية لم تختف في المنطقة، كما أن احتمال تأثير مشاكل المنطقة على أمريكا، إذا تُركت بدون علاج، مرتفعة كما كانت منذ زمن بعيد، وقد تجد واشنطن نفسها في ظروف أسوأ بتكاليف أعلى في المستقبل إذا سارعت بالخروج الآن من المنطقة.
السيناريو الأول للحرب: إسرائيل ستضرب المنشآت النووية الإيرانية وحزب الله سيرد بحوالي 150 ألف صاروخ
ووفقاً للكاتب إريك مانديل، في مقال نشره موقع “ذا هيل” القريب من الكونغرس، فإن إسرائيل لديها “خطوط حمراء” في التعامل مع إيران وحزب الله في لبنان، وأكثر الروايات التكهنية التي يتم الترويج لها في الوقت الحاضر هي قيام إسرائيل بقصف للمنشآت النووية الإيرانية وبالتالي قيام حزب الله بإطلاق أكثر من 150 ألف صاروخ، ويمكن أن يطغى ذلك على “القبة الحديدية” وأنظمة ديفيدز سلينج وأنظمة “أوا” المضادة للصواريخ.
وهذا السيناريو سيفرغ “الغرفة” من الأوكسجين، على حد تعبير مانديل، الذي أكد ايضاً أن النقاش حول المواجهة القادمة سيكون أقل وضوحاً.
وأوضح الكاتب، الذي يقوم بانتظام بإطلاع أعضاء الكونغرس ومساعديهم في السياسة الخارجية، ولديه روابط إعلامية مع صحف إسرائيلية، أن ما قد يدفع إسرائيل للتحرك قد لا يكون له علاقة بمسيرة إيران نحو العتبة النووية، بل قدرة حزب الله على إنتاج صواريخ دقيقة التوجيه يمكن أن تدمر إسرائيل من الجنوب والشمال، وأشار مانديل إلى أن توجيه إسرائيل لضربات وصفها استباقية إلى جميع أنحاء لبنان قد يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية، ولهذا السبب يجب على أمريكا أن لا تغض الطرف عن لبنان.
وأضاف مانديل أن إسرائيل قد تقوم ايضاً بغزو بري واسع النطاق إذ رأت أنها لا تستطيع صد مخازن الصواريخ الموجهة بدقة بواسطة حملة جوية فقط، مشيراً إلى أن إسرائيل تعلمت حدود الهجمات الجوية من حرب لبنان الثانية.
إسرائيل قد تقوم بغزو بري جديد للبنان من أجل تدمير صواريخ حزب الله بأسرع وقت ممكن
وزعم الكاتب أن الوقت ليس في صالح إسرائيل، إذ أن المجتمع الدولي سيجبر إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار بسبب الخسائر المتوقعة في صفوف المدنيين، ولذلك فإن إسرائيل ستعمل على إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر في فترة زمنية قصيرة.
وبحسب ما ورد، قد يحدث هذا السيناريو في فترة قصيرة، إذ يروج العديد من المحللين العسكريين الإسرائيليين لتكهنات بأن حزب الله على وشك إنتاج معدات دقيقة لصواريخه في لبنان، وهذا بالنسبة لإسرائيل تجاوز للخط الأحمر، وتساءل الكاتب، ايضاً، عما إذا كانت الأزمة السياسة والاقتصادية في لبنان تفرض قيوداًَ خطيراً على مجال المناورة مع حزب الله.
وبالنسبة لروسيا، يؤكد الكاتب أن موسكو على ما يرام مع كل ما تفعله إسرائيل، لأنها حريصة على إضعاف إيران وحزب الله في سوريا، كما أن وجود إيران يهدد مكاسب روسيا في سوريا، بما في ذلك قواعدها العسكرية في اللاذقية وطرطوس على البحر الأبيض المتوسط.
الحرب لن تكون إسرائيلية- لبنانية بل ستتدخل الفصائل والمليشيات في العراق وسوريا
وأوضح المقال أن حزب الله قد لا يكون حريصاً على حرب مدمرة بعد قيام إسرائيل بضربة على المنشآت النووية الإيرانية، ولكنه سيرد على أي حملة جوية إسرائيلية تهدف لتدمير ترسانته الصاروخية، ويمكن أن يشمل الرد الصواريخ وهجمات عبر الحدود .
وأشار الكاتب إلى أن الحرب القادمة لن تكون فقط حرباً إسرائيلية- لبنانية، إذ أن سوريا ستتدخل بسبب وجود المليشيات الإيرانية هناك، وسيتم تفعيل كل شيء، كما ستتدخل الفصائل المسلحة في العراق، وقد تسمح التداعيات لتركيا بالتدخل ايضاً ضد الأكراد في تلك اللحظة.
هذه السيناريوهات هي آخر ما تريده أمريكا لأنها تتجه إلى الشرق الأقصى لمواجهة الصين، وهي تأمل أن توافق إيران على الانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل المشتركة، وقد تجبر الأحداث في العام الماضي بالشرق الأوسط أمريكا على العودة للمنطقة.
القدس العربي