في عالم ميتافيرس: ترى تسمع تتكلم وتشعر باللكمات

في عالم ميتافيرس: ترى تسمع تتكلم وتشعر باللكمات

لا شيء يمكن أن يوقف ميتافيرس “الذي سيعيد تشكيل عالم الإنترنت”، هذه ليست مجرد نبوءة أطلقها مارك زوكربيرغ وراهن باستثمارات ضخمة عليها، بل رهان معظم العاملين الذين يتنافسون للوصول إلى عالم تزول فيه الحدود بين ما هو افتراضي وما هو واقعي.

لاس فيغاس (الولايات المتحدة) – مفاجأة معرض لاس فيغاس للإلكترونيات الذي اختتم السبت الماضي ابتكار عرضته شركة ناشئة يهدف إلى بناء عالم افتراضي تندمج فيه الحقائق البشرية مع تلك الافتراضية والمعززة.

سترة مبطّنة بأجهزة استشعار، تسمح لمرتديها بأن يشعروا بالعناق وحتى باللكمات في الواقع الافتراضي. وتساءل رئيسها خوسيه فويرتيس قائلا “ما نفع الميتافيرس من دون الشعور بأحاسيس؟ سيكون مجرد شخصيات رقمية رمزية (أفاتار)”.

وتحتوي السترة الضيّقة التي ابتكرتها شركة “Owo” الإسبانية على شرائط تلتصق بالجلد، مع أجهزة استشعار مرتبطة بتطبيق على الهاتف المحمول. وقبل وضع خوذة الواقع الافتراضي، يمكن للمستخدم اختيار قوّة كل إحساس، من الشعور بلدغات الحشرات حتى الدم المتدفق من إصابة بطلق ناري.

وتعيد السترة التي ستُباع بأقل من 452 دولارا نهاية العام الجاري إلى الأذهان رواية “ريدي بلاير وان” التي تتناول البشرية وهي تعيش وتلعب وتدرس في مجتمع افتراضي مواز بفضل أجهزة لمسية.

وكان مصطلح ميتافيرس قد ظهر لأول مرة من خلال رواية الخيال العلمي “سنو كراش” والتي ألفها الكاتب نيل ستيفنسون عام 1992، وتدور أحداثها حول تفاعل البشر، من خلال الشبيه الافتراضي (أفاتار)، ويحتضن هذه التفاعلات والتعاملات فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مدعوم بتقنيات الواقع المعزز، فيما يشبه إلى حد كبير العالم الحقيقي.

وتعرف ميتافيرس بأنها سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال الأفاتار الخاص بكل مستخدم، والتي ربما لن تقتصر على ممارسة الألعاب والترفيه فقط، بل ستتيح هذه التقنية كذلك العديد من التفاعلات الخاصة بالأعمال.

وتناولت بعض الروايات وأفلام الخيال العلمي في ما بعد مصطلحات أخرى ومفاهيم مشابهة لعوالم الواقع الافتراضي، وأعادت شركة فيسبوك باسمها الجديد في 2021 إلى الأذهان هذا الحلم القديم، لكنه اليوم ومع التقدم الهائل في هذا المجال أصبح في متناول مستخدمي الإنترنت.

وتهدف ميتافيرس إلى أخذ تقنيات الواقع الافتراضي إلى مستويات غير مسبوقة، وعلى الرغم من أن مارك زوكربيرغ هو من أعلن مؤخرا عن دخول هذا العالم الجديد، إلا أن شركة “ميتا” أو فيسبوك سابقا لن تستطيع وحدها التكفل بكل التطورات المطلوبة في هذا المجال، حيث أنه ليس فقط مجالا واسعا للتطوير لكنه أيضا لا يمكن التنبؤ بحدود يمكن أن يقف عندها، الأمر الذي سيتطلب اشتراك جميع الشركات العاملة في هذه الصناعة، وهو ما أكده زوكربيرغ نفسه في خطاب موجه للمستخدمين.

ويبدو أنّ الوصول إلى مثل هذا النتاج للخيال العلمي لا يزال بعيد المنال، إذ لا يزال النطاق الترددي منخفضا جدّا في أماكن كثيرة من العالم، ومنها كاليفورنيا، على الأقل بالنسبة إلى المكالمات عبر الفيديو.

لكن شركة فيسبوك، التي اعتمدت قبل مدة قصيرة اسم “ميتا”، أعطت دفعا غير مسبوق لمشروع ميتافيرس الضخم عندما قال رئيسها إنّ هذا العالم يشكّل مستقبل الإنترنت، وأعلن عن استثمارات ضخمة فيه.

وتبرز الحاجة إلى عناصر عدة لإطلاق ميتافيرس على نطاق واسع يتجاوز الجيوب الموجودة في ألعاب الفيديو مثل “روبلوكس” و”فورتنايت”.

فالنظارات الخاصة بهذا النظام يجب أن تصبح مريحة وذات أسعار معقولة، وأن تتضاعف حالات الاستخدام الانغماسي.

وتُطرح كذلك مسألة التشغيل البيني الذي يتيح الانتقال من عالم افتراضي إلى آخر، وهو أمر غير ممكن بعد.

قال بادي كوسغرايف رئيس قمة الويب، وهو معرض أوروبي للإلكترونيات “أنا من أشد المعجبين بالواقعين المعزز والافتراضي لكنّ المعدات ليست محدثة”، مضيفا “لا أعتقد أن أي شيء مثير سيحدث قبل خمس إلى عشر سنوات”.

وأكّد مؤسس شركة تاتشكاست المتخصصة في المؤثرات والواقع الافتراضي إيدو سيغال أن “لا شيء يمكن أن يوقف الميتافيرس”.

وأطلق الأربعاء منصة للتعاون في الواقع الافتراضي بين الشركات التي تستطيع إنشاء عناوين إلكترونية تنتهي بـ”دوت ميتافيرس” (metaverse.) مثل “دوت كوم” (com.). ولكن ستُسجّل مجالاتها في قاعدة بيانات “بلوكتشين”، بدل تسجيلها على خوادم.

وقال سيغال “في العام 1999 كان من الصعب تصديق أننا سنشتري أغراضا عبر الإنترنت”، مضيفا “أما اليوم فنشهد انتقالا من الجيل الثاني من الويب 2.0 إلى الجيل الثالث من الويب 3.0 المتمثّل في الإنترنت اللامركزي”.

وجعل الوباء الواقع الافتراضي أكثر شيوعا إلى حدّ، إذ بيعت في الربع الأخير من العام 2020 مليون نسخة من سماعة الرأس “كويست 2 دوكولوس” (ميتا) في كل أنحاء العالم، وفق شركة “ستاتيستا”.

ويمضي تاكوما إواسا منذ بدء فرض القيود الصحية عطلات نهاية الأسبوع على “في.آر تشات”، وهي منصة يمكن للشخصيات الرمزية الرقمية (أفاتار) فيها إنشاء عوالم ثلاثية الأبعاد وقضاء وقت في الدردشة وتنظيم الحفلات.

وقرّر رجل الأعمال الياباني الشاب في نهاية عام 2020 تصميم معدات مناسبة تتمثّل في أجهزة استشعار تُثبّت على الصدر والساقين لجعل حركات الشخصيات الرقمية أكثر واقعية، وهو غلاف يمنح إحساسا بدرجة الحرارة وميكروفونا ينفصل عن العالم الحقيقي.

وستطرح شركته الناشئة “شيفتول” التابعة لـ”باناسونيك” في الربيع نظارات للواقع الافتراضي أخف وزنا وأكثر تطورا وكلفة من الطرازات المتوفّرة حاليا.

قال تاكوما وهو يضحك ويعرض حركات راقصة تقوم بها شخصيته الرقمية على الشاشة “في ريدي بلاير وان لديهم سترات مع الأنظمة المتكاملة كلّها، لكن في الوقت الحالي يجب ارتداء السترات هذه بشكل منفصل أي مثل سايبورغ”.

وتعمل الشركة الناشئة “ويرابل ديفايسيس” على سوار يلتقط الإشارات الكهربائية التي يرسلها الدماغ إلى اليد، إذ سيستطيع المستخدم التحكّم الأشياء المتصلة بلمسة من الأصابع.

ويمكن أن تكون هذه الوظيفة مفيدة في المستقبل إذا استخدم الأشخاص نظارات الواقع المعزز واحتاجوا إلى التحكّم بالعناصر المعروضة على العدسات، من دون اللجوء إلى الهواتف الذكية.

وتوقع المسؤول عن الابتكار في شركة “أكسانتور” مارك كاريل – بييار اختبار “الكثير من الأشياء المجنونة تماما، مثل الاختبارات التي خضعت لها الطائرات والسيارات الأولى”.

ورأى أنّ المجتمع سيواجه مع تطوّر ميتافيرس مخاطر عدة، بدءا من المضايقات وصولا إلى المعلومات المضللة.

وتابع “سيكون من الضروري توعية المستخدمين حول المخاطر، ومن بينها مثلا أن يعرض أحدهم واقعا مزيفا على نظاراتك”.

العرب