حذّر الرئيس العراقي برهم صالح من استمرار الأزمة السياسية الحالية التي تمر بها البلاد بعد نحو 6 شهور على إجراء الانتخابات، معتبراً أنها يمكن أن تؤدي إلى نتائج خطيرة. ودعا صالح، في بيان بمناسبة مرور 19 عاماً على الاحتلال الأميركي للعراق وإسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين، إلى عقد سياسي جديد.
وقال صالح في بيان وزعته رئاسة الجمهورية إنه «في يوم سقوط صنم الاستبداد؛ الحاجة مُلحة لتلبية مطلب العراقيين بحكم رشيد، ومعالجة الخلل البنيوي في منظومة الحكم». وأضاف: «في 9 أبريل (نيسان) نستذكر سقوط نظام الاستبداد الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق العراقيين، وبدد ثروات البلد وطاقات أبنائه الفذة في حروب وصراعات عبثية دفع ثمنها شعبنا». وتابع أن «9 أبريل هو أيضاً مناسبة لمراجعة مجمل الأداء السياسي في البلد بعد تجربة عقدين من الزمن».
وفي الوقت الذي دعا صالح إلى عدم «الاستخفاف بالتحولات الكبرى المتحققة بعد التغيير في عام 2003»، رأى أنه «يجب الإقرار بإخفاقات حصلت وليس من الممكن تبريرها فقط بإرث النظام السابق». وأوضح أن «الحاجة ملحة اليوم لتلبية مطلب كل العراقيين في حكم رشيد يتجاوز أخطاء وثغرات التجربة، ومعالجة الخلل البنيوي في منظومة الحكم التي تستوجب إصلاحاً حقيقياً وجذرياً لا يقبل التأجيل، ولن يتحقق ذلك من دون استعادة ثقة الشعب باعتباره مصدر السلطة وشرعيتها عبر إجراءات استثنائية شجاعة تضع مصالح المواطنين فوق كل اعتبار».
وقال الرئيس العراقي: «بعد عقدين من التغيير، يمر بلدنا بظرف حساس وسط انسداد سياسي وتأخر استحقاقات دستورية عن مواعيدها المُحددة، وهو أمر غير مقبول بالمرة بعد مضي أكثر من خمسة أشهر على إجراء انتخابات مُبكرة استجابة لحراك شعبي وإجماع وطني لتكون وسيلة للإصلاح وضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي وتصحيح المسارات الخاطئة وتحسين أوضاع المواطنين والاستجابة لمطالبهم». ورأى أن «استمرار الأزمة السياسية قد يؤدي بالبلد – لا سمح الله – نحو متاهات خطيرة يكون الجميع خاسراً فيها، وعليه فإن أمام جميع القوى السياسية اليوم مسؤولية تاريخية ووطنية وأخلاقية في رص الصف الوطني عبر حوار جاد وفاعل للخروج من الأزمة الراهنة، والشروع بتشكيل حكومة وطنية مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد وتُعزز سيادته واستقلاله، وتعمل على تلبية تطلعات العراقيين، وتواجه التحديات الجسام الماثلة أمامنا، خصوصاً الأوضاع الاقتصادية الداخلية وفي ظل الظروف الإقليمية والمُتغيرات الدولية».
وشدد صالح على أن «الأشهر التي أعقبت انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تؤكد ما ذهبنا إليه في الحاجة لتعديلات دستورية يجب الشروع فيها خلال الفترة المقبلة، عبر وفاق وتفاهم وطني، لبنود أثبتت التجربة مسؤوليتها عن أزمات مُستعصية. كما أن آفة الفساد الخطيرة التي تهدد كيان الدولة تستوجبُ وقفةً حاسمة لمكافحتها، والعمل على ضمان الفرص المتساوية لكل العراقيين في بناء البلد ونهضته، وهذا يستوجب مراجعات وقرارات إصلاحية تُبنى على الصراحة والإرادة الموحدة». وجدد الدعوة إلى «عقد سياسي واجتماعي ضامن للسلم الأهلي، يقوم على مراجعة موضوعية لأخطاء الماضي».
إلى ذلك، تباينت ردود فعل القوى السياسية في طريقة التعاطي مع يوم التاسع من أبريل 2003 الذي صادف يوم أمس ذكراه التاسعة عشرة. ففي الوقت الذي تجاهل فيه كثير من المواطنين في الشارع هذه الذكرى، لا سيما بعد الفشل الذريع والأخطاء التي ارتكبتها القوى السياسية العراقية التي تسلمت الحكم بعد سقوط النظام السابق، فإن كتلاً سياسية وشخصيات أصدرت بيانات إدانة للاحتلال الأميركي. أما الأكراد فهم ينظرون إلى يوم التاسع من أبريل باعتباره يوماً مهماً كونه أسقط نظام صدام حسين وأدى إلى «تحرير العراق»، حسبما جاء في بيان كتلة «الحزب الديمقراطي الكردستاني».
وتتزامن ذكرى سقوط النظام السابق هذا العام مع أخطر حالة انسداد سياسي يعانيها النظام الحالي في بغداد. فعلى الرغم من مرور أكثر من خمسة شهور على إجراء الانتخابات المبكرة في أكتوبر 2021، لم تتمكن القوى السياسية من انتخاب رئيس للجمهورية ولا تشكيل حكومة جديدة في ظل انقسام حولها وهل تكون حكومة أغلبية وطنية أو حكومة توافقية.
الشرق الأوسط