يتوجه الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشرق الأوسط، وسط أنباء عن إمكانية عقد اجتماع لقادة عرب إلى جانب إسرائيل، دون تحديد مكانه.
ونقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين أن “البيت الأبيض” يبحث فكرة عقد اجتماع لزعماء المنطقة خلال زيارة الرئيس جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط.
وأشار المسؤولون إلى أن “البيت الأبيض” ناقش مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، إمكانية عقد الاجتماع دون الحديث عن مكان وزمان وأهداف الزيارة.
وكانت إدارة “بايدن” قد أهملت منطقة الشرق الأوسط نسبياً واتجهت للاهتمام بملفات أخرى بعد إعادة ترتيب أولوياتها الخارجية.
وسبق وصرحت الخارجية الأمريكية حول ذلك، معتبرةً أن مواجهة الصين وروسيا وطموحاتهما والملفات الاقتصادية هي أكثر الأولويات لدى إدراة “بايدن”، كما أن الخلافات بين الرئيس الأمريكي وبعض الدول العربية، لا سيما دول الخليج العربي، إضافة إلى تركيا، كان لها دور مهم في ابتعاد السياسة الأمريكية عن المنطقة.
يُشار إلى أن هذه ستكون أول زيارة يقوم بها الرئيس “بايدن” إلى الشرق الأوسط منذ توليه منصبه، ولم يتضح بعد ما إذا كان سيزور دولاً أخرى في المنطقة أم لا.
ويعلق المحللون في واشنطن بأنه ستنشأ سياسة الولايات المتحدة في المنطقة من مبادئ السياسة الخارجية الأوسع: إعادة بناء النظام الدولي الليبرالي-الديمقراطي، الذي بنته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وتعزيز الديمقراطية في أرجاء العالم “من هونج كونج حتى السودان، ومن شيلي حتى لبنان”، والانتصار في المنافسة الدولية حيال الصين وروسيا.
ورغم تعلقها المتقلص بالنفط في الشرق الأوسط، لا تزال للولايات المتحدة مصالح متواصلة في المنطقة، مثل: أمن إسرائيل، والتدفق الحر للطاقة، ومنع التحول النووي لإيران، والحرب ضد الإرهاب، كما تسعى الولايات المتحدة إلى مزيد من التوازن بين مستوى التزامها الاستقرار والحرية والأمن في المنطقة وبين الغرق في المواجهات التي تقضم من القوة الأمريكية.
وكتب إريك ماندل، مدير شبكة الشرق الأوسط للمعلومات السياسية، مقدما معلومات بانتظام إلى أعضاء الكونجرس ومساعديهم بشأن السياسة الخارجية، مقالاً نشره موقع “ذا هيل” الإلكتروني بعنوان “زيارة بايدن إلى إسرائيل والشرق الأوسط تنطوي على فرص ومخاطر”، استهله “إريك” قائلاً إن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يسافر إلى إسرائيل في يونيو المقبل بعد مشاورات في أوروبا، وستخضع تعليقاته وأفعاله هناك للتدقيق من قبل جميع القوى الإقليمية.
لذلك، تُعد هذه الزيارة فرصة ممتازة لصياغة رؤية أمريكية للشرق الأوسط تُوازن بين المشاركة والانسحاب.
وقد استخدم الرئيس باراك أوباما خطابه الأول في القاهرة عام 2009، لوضع حد فاصل بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل وللتواصل مع إيران.
كلنا يعلم أن الشرق الأوسط يشهد اليوم عملية إعادة هيكلة كبيرة في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، حيث تدرس كل دولة ما يجب فعله إذا انضمت إيران أو لم تنضم مجدداً إلى نسخة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وكان النجاح الأكثر لفتاً للانتباه في الرد على طموحات الهيمنة الإيرانية هو “اتفاقيات إبراهيم”.
وتمثل الحرب الروسية-الأوكرانية أولوية أمريكية في الوقت الحالي، ويُجمع كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري على أنه لا ينبغي إهمال الشرق الأوسط وإلا سيعود ليطارد الولايات المتحدة.
ولم تتخلَّ الولايات المتحدة وأوروبا عن الأمل في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، ما يثير توتر الحلفاء الأمريكيين الإقليميين.
ولا يزال صدى الانسحاب الكارثي للولايات المتحدة من أفغانستان يتردد لدى الدول الخليجية، التي استنتجت أن الولايات المتحدة لم تعد حليفا موثوقا به.
ولذلك، يجب أن تعزز زيارة “بايدن” ثقة الشركاء التقليديين، وينبغي له، خلال زيارته إلى المنطقة، تجنب التصريحات غير الرسمية التي قد تقوّض أي إنجازات إيجابية، وتجنب التدخل في سياسة إسرائيل، والإشادة علنا بأهمية “اتفاقيات إبراهيم” كإنجاز بارز لتعزيز الاستقرار الإقليمي، والتواصل مع تركيا لتشجيعها على التواصل مع إسرائيل، وتجنب إعادة التفكير في النماذج الفاشلة لسبل حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وفي مناقشة لي مع أحد أركان الإدارة الأمريكية الحالية توصلنا إلى استنتاج مفاده أن الولايات المتحدة لديها الكثير على أجندتها، وقد تراجعت مرتبة الشرق الأوسط على قائمة أولوياتها.
ومع التضخم الجامح والحرب الروسية-الأوكرانية، والتحول المعلق نحو الصين، يجب أن تتلخص زيارة “بايدن” إلى الشرق الأوسط في ما يلي:
التواضع في الأهداف، ودعم الحلفاء، وتذكير العالم بأن الولايات المتحدة لا تزال تهتم بشؤون المنطقة وازدهارها وتريد أن تظل شريكا يساعد في توجيه المنطقة نحو مزيد من الاستقرار بما يعود بالنفع على الجميع.
من المؤكد على صعيد آخر، أن إيران في سلم الأولويات، وتسعى الإدارة الأمريكية لاستئناف الدبلوماسية، وعدم التصعيد، وإلى حوار إقليمي مع طهران.
وإذا عادت إيران إلى الالتزام التام بالاتفاق النووي، ستنضم إليه الولايات المتحدة مجدداً، وسترفع العقوبات ضمناً.
وبعد ذلك، ستدير الإدارة مع إيران مفاوضات على “تعزيز وتمديد المفعول” لبنود الاتفاق، وستواصل ممارسة عقوبات محددة ضدها على خرق حقوق الإنسان، ودعم الإرهاب وتطوير الصواريخ.
إن أحد التحولات الرئيسية في المنطقة هو الانتقال من الحرب العالمية على الإرهاب، التي كانت الولايات المتحدة تشنها، إلى التركيز بدرجة أكبر على نقاط القوة الجديدة لدول المنطقة.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا بعنوان “حرب أوكرانيا تمنح بايدن فرصة لتوطيد علاقات أمريكا مع الحلفاء العرب”، إذ يسود الاعتقاد هنا في واشنطن بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم ينجح في إعادة بناء مكانة القوة العظمى لروسيا في أي مكان خارج الاتحاد السوفييتي السابق أكثر مما حققه في الشرق الأوسط باقتدار، والآن، وبينما يحصي “بوتين” تكاليف الحرب مع أوكرانيا، ليس من الواضح بعد ما إذا كانت مكاسب روسيا في الشرق الأوسط يمكن التصدي لها من جانب أمريكا.
في الختام، ستضع إدارة “بايدن” استراتيجية سياسية تجاه الشرق الأوسط، وسيضطر فيها إلى المناورة بين التوترات والمصالح المتضاربة والحذر من ألا تلتصق به صورة أوباما المتصالحة مع الأعداء والمغتربة عن الحلفاء.
وسيختار “بايدن” خطاً وسطاً ونهجاً واقعياً، ولن يكون موضوع التحول الديمقراطي في المنطقة الوتد المركزي في سياسته، وسيتأثر ذلك بنهجه تجاه إيران بما يحدد عمق الاهتمام الأمريكي في الشرق الأوسط ومدى أهمية علاقة الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة.
العين الاخباري