اياد العناز
تسارع الأحداث في إيران عبر العديد من الانفجارات التي طالت مدن رئيسية في طهران وتبرير وقم ومشهد، مع تكتم واسع من قبل السلطات الإيرانية وعدم الاعلان عن أماكنها واضرارها والخسائر التي طالت المباني والمواقع إن كانت عسكرية أو أمنية.
تتسم ملامح العمليات في العمق الإيراني أنها ذات طبيعة استخبارية وبأدوات فاعلة ووسائل تنفيذية كاملة عبر معلومات دقيقة ومتابعة حثيثة وأساليب جديدة ذات طابع متقدم في العمل الميداني لأجهزة مخابراتية إقليمية تمثلت فعاليتها من قدرتها على الاختراق التام والوصول إلى غاياتها وأهدافها واختيار شخوصها داخل الأراضي الإيرانية، وهي امتداد للفعل الإستخباري الذي اقدمت عليه إسرائيل عند قيامها بتنفيذ ضرباتها الجوية والصاروخية فجر يوم الثالث عشر من حزيران 2025.
لا زالت الأدوات الإسرائيلية فاعلة في إيران ولم تقف عند حدود معينة بل لا زال العمل الميداني والعملياتي يأخذ مداه رغم توقف القتال، إلا أن حالة الاضطرابات والتوترات قائمة ولم تتمكن الأجهزة الأمنية والمخابراتية الإيرانية من إعادة ترتيب أوضاعها والشروع بمهامها في تتبع شبكات العمل الأمني الداخلي الذي توجهه أجهزة مخابرات عديدة وقد تكون ضمن حالة التعاون القائمة مع إسرائيل ووكلائها وشبكاتها العاملة في العمق الإيراني.
استمرار التفجيرات وبانواعها المختلفة وأدواتها المستمرة يعطي دليل واضح على التموضع الإسرائيلي الثابت والمتحرك ضمن دائرة الاستهدافات التي تخدم الغايات والأهداف الإسرائيلية وتسعى لتوسيع مديات فاعلية شبكاتها وعملها في اختراق المؤسسات السياسية والدوائر الأمنية والمواقع العسكرية الإيرانية، لتحقيق أعلى نسبة في تنفيذ عملياتها وتحقيق نجاحاتها واستمرار تأثيرها في اختراق مواضع الجبهة الداخلية الإيرانية.
ان إيران لم تعد بمستوى التهديد الذي كانت عليه قبل الشروع بتنفيذ الضربات الإسرائيلية، بعد أن فقدت أكبر حليف لها في الجنوب اللبناني الذي كانت تعتبره درة التاج الإيراني، وما خسرته وضاع منها في مربعها الذهبي في دمشق بعد سقوط نظام الأسد وفراره لموسكو، عوامل عديدة جعلت طهران أكثر ضعفًا، وأن ن استراتيجية عملها الإقليمي باءت بالفشل واخرها ما لحق بمؤسساتها العسكرية والأمنية قياداتها الفاعلة في فيلق القدس والحرس الثوري.
لم تكن إيران جادة في إعادة النظر في كيفية معالجة الأخطاء الجسيمة التي رافقت الضربات الأميركية والإسرائيلية، وعندما أرادت استبدال القيادات الميدانية في كافة المواقع والدوائر الأمنية والعسكرية منحت الأولوية للولاء العقائدي على حساب الكفاءة المهنية والعلمية، ولم تتمكن من ترتيب هيكلية النظام سياسيًا وامنيًا، وهو ما سبب في استمرار حالات الاختراق الأمني الكبير وعمليات التفجير الواسعة.
لم يكن هناك أي تغيير لإستراتيجية الأمن القومي الإيراني، فلا زالت سياسة التوسع قائمة والنفوذ مستمرة في عقول القيادة الإيرانية رغم كل المآسي والخسائر التي لحقت بالدولة الإيرانية وهيبتها ومكانتها، ولكن قادتها لا يزالون في حالة من التكابر ويرون أن الأضرار التي اصابتها الصواريخ الإيرانية تعد إنجازاً ميدانيًا كبيرًا.
لم تستطيع إيران التقاط أنفاسها حتى داهمتها العمليات الاستخبارية بالداخل عبر التفجيرات التي طالت مدنها الرئيسية ومواقعها المهمة، ورغم التكتم السياسي والعلمي عنها إلا أنها رصدت من قبل العديد من الدول وأجهزة المخابرات الإقليمية والدولية، وهناك من يرى ويتابع بدقة حركة المسؤولين وانتقالهم من مواقعهم ومكاتبهم إلى أماكن أخرى ومنهم المرشد الأعلى علي خامنئي وقيادات عليا أخرى في إيران.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة
