بينما تشهد المفاوضات التي تهدف لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران والذي انسحبت منه الإدارة الأمريكية السابقة، تعثرا لا سيما وسط مطالب إيرانية برفع الحرس الثوري من لائحة الإرهاب، يظل التساؤل الذي يطرح نفسه، هل يمكن للإدارة الحالية تلبية هذا المطلب؟
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مجيد رفيع زاده في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست إن البيت الأبيض أعلن يوم الأربعاء أنه سيفرض عقوبات جديدة على شبكة إيرانية لتهريب النفط وغسل الأموال تتألف من عشرة أفراد وتسع شركات في عدة دول مختلفة. وقال المسؤولون الأمريكيون على وجه التحديد إن عمليات الشبكة كانت موجهة من قبل الحرس الثوري الإسلامي التابع للنظام، وإنها تلقت أيضا دعما كبيرا من روسيا، التي من المتوقع إلى حد كبير أن تعتمد بشكل أكبر على التهرب من العقوبات على الطريقة الإيرانية في مواجهة العقوبات الدولية واسعة النطاق المتعلقة بالغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا.
وأضاف رفيع زادة رئيس المجلس الدولي الأمريكي للشرق الأوسط، أنه بقدر ما تستهدف العقوبات الجديدة الحرس الثوري الإيراني، يمكن القول إنها من بين أقوى المؤشرات حتى الآن على أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعتزم الإبقاء على جميع الضغوط القائمة أو التوسع فيها. وسبق أن واجهت الإدارة انتقادات من مختلف الحلفاء الأجانب والمشرعين الأمريكيين، بما في ذلك بعض من الحزب السياسي الذي ينتمي إليه الرئيس، لرفضهم استبعاد احتمال إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
وألغت كندا هذا الشهر مباراة كرة قدم ودية مقررة مع المنتخب الإيراني بعد سيل من الانتقادات العامة للحدث المخطط له. ويرى منتقدون أنه يجب محاسبة طهران على إسقاط الحرس الثوري الإيراني لطائرة ركاب في كانون الثاني/يناير 2020، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة وعددهم 176 شخصا.
ويقول رفيع زادة إن النظام الإيراني فرض مطلب الشطب من لائحة الإرهاب خلال المفاوضات في فيينا، والتي تهدف إلى استعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. وبدا أن طهران تتمسك بمطلبها أكثر في آذار/مارس، بعد أن توقفت المفاوضات نتيجة للمطالب الروسية بأن العقوبات الجديدة على موسكو لن تتداخل مع التوسع المحتمل للعلاقات التجارية الروسية مع إيران. وأعلن المسؤولون الروس في وقت لاحق بشكل غامض أنهم تلقوا التأكيدات المطلوبة، لكن نفس التوقف لا يزال قائما حتى يومنا هذا، حيث قال المفاوضون الإيرانيون إنهم لن يعودوا إلى فيينا إلا من أجل التوقيع على اتفاق يعكس الإذعان الأمريكي للمطالبة برفع الحرس الثوري الإيراني من القائمة.
ومنذ ذلك الحين، أصبح احتمال هذا التوقيع قاتما، وتوصل بعض الخبراء إلى استنتاج مفاده أن مفاوضات فيينا والاتفاق النووي قد انتهيا فعليا، على الرغم من أن الحكومات المشاركة لا تزال ترفض قبول ذلك على هذا النحو. ومع ذلك، تخلى بعض المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين مؤخرا عن تفاؤلهم السابق وبدأوا يعترفون بأنه من غير المرجح إلى حد كبير، وإن لم يكن مستحيلا، أن يتم التغلب على المأزق الحالي.
وكان هذا الاتجاه واضحا مرة أخرى يوم الأربعاء عندما مثل روب مالي، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية إلى إيران، أمام جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وواجه أسئلة من المشرعين الذين كانت شكوكهم حول الاتفاق النووي مسألة رأي عام لعدة أشهر، إن لم يكن لسنوات. وأعلن السيناتور بوب مينينديز، الرئيس الديمقراطي لتلك اللجنة، أنه “حقيقة واضحة بشكل متزايد” أنه لا توجد عودة وشيكة إلى اتفاق يعتبره “ليس في المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة”.
وفي الوقت نفسه، صرح مالي نفسه بأن احتمال إعادة تنفيذ الاتفاق النووي كان “ضعيفا” وأن إدارة بايدن كانت تستعد بنشاط لوضع تفشل فيه محادثات فيينا ويعلن أخيرا عن وفاة الاتفاق.
وتشير أحدث التقييمات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية الآن إلى أن إيران خزنت تسعين رطلا من المواد النووية بينما لا تزال ترفض التعاون مع التحقيقات في منشأ وحالة المواد النووية التي تبين أنها كانت موجودة في ثلاثة مواقع نووية غير معلنة، بما في ذلك قاعدة بارشين العسكرية.
وعادت تلك القاعدة إلى عناوين الصحف الدولية يوم الخميس عندما تردد أن “حادثا” في وحدة أبحاث دفاعية تسبب في وفاة مهندس. وبحسب رفيع زادة، من المرجح أن يثير الحادث تساؤلات جديدة بين صناع السياسة الغربيين حول طبيعة المشاريع العسكرية التي يتم تنفيذها حاليا داخل النظام الإيراني، فضلا عن القيود التي سيتم فرضها على مراقبة تلك المشاريع حتى لو أعيد تنفيذ الاتفاق النووي.
القدس العربي